ملتقى ديني بمشاركة يهودية في السودان: باب لفرض التطبيع الشعبي؟

ملتقى ديني بمشاركة يهودية في السودان: باب لفرض التطبيع الشعبي؟

06 فبراير 2021
يرى البعض أن الملتقى يضع السودانيين أمام الأمر الواقع الداعي إلى التطبيع (فرانس برس)
+ الخط -

تواجه مشاركة يهودية في ملتقى ديني بالخرطوم، اليوم السبت، حملة اعتراضات واسعة من تيارات دينية وسياسية، وصفتها بجزء من عملية التطبيع مع إسرائيل.

ويهدف الملتقى الذي ينظمه النائب البرلماني السابق أبو القاسم برطم، أحد دعاة التطبيع مع إسرائيل، إلى تعزيز التسامح والسلم الاجتماعي في السودان، بمشاركة سودانية من المسلمين والمسيحين واليهود والهندوس واللادينيين، بينما تتخلل الملتقى مداخلات إسفيرية من قسيس نرويجي وحاخام من تل أبيب لمدة دقيقتين.

وكانت هيئة شؤون الأنصار، الذراع الدينية لحزب الأمة القومي، قد أعلنت، في بيان صحافي، رفضها المشاركة في الملتقى، الذي عدته خطوة من خطوات التطبيع مع إسرائيل، مشيرة إلى أن الملتقى مقصود به وضع أهل السودان أمام الأمر الواقع الداعي إلى التطبيع، خاصة أن صاحب المبادرة لا يخفي تأييده التطبيع، محذرة من أن مثل تلك الخطوات ستفتح الباب لفتنة دينية وتطرف داعشي يسمم الأجواء المتسامحة في البلاد.

لكن أبو القاسم برطم اعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" أن بيان هيئة شؤون الأنصار لا يساوي الحبر الذي كُتب به، وأن كل المشاركين في الملتقى من كيانات دينية موجودة داخل السودان، بمن فيهم أسر سودانية يهودية، نافياً بشدة أن يكون الملتقى دعماً للتطبيع، لأن التطبيع حسب اعتقاده اكتمل بتوقيع الحكومة على اتفاقية أبراهام، وبزيارة مسؤولين إسرائيليين البلاد، مؤكداً أن الهدف الأساسي هو إشاعة قيم التسامح بين الأديان.

من جهتها، قالت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف إنها تلقت دعوة يوم الخميس الماضي لمشاركة الوزير في ملتقى للتسامح والسلام الاجتماعي المنعقد اليوم السبت، وأشارت في بيان لها إلى أنها لم تكن جزءاً من التخطيط والتنسيق للفعالية، وأخضعت الدعوة للدراسة، إلا أنها فوجئت بوجود اسم وزيرها ضمن البرنامج قبل إعطاء موافقة الوزارة.

وأكد البيان أن مقدمي الدعوة لم يلتزموا صحيح العرف والتعامل مع الجهات والمؤسسات بالتأكيد، بأخذ الموافقة أو الاعتذار، لافتاً إلى أن نصر الدين مفرح، وزير الشؤون الدينية والأوقاف، لن يشارك في الملتقى بالحضور، نظراً لعدم تنظيم الوزارة أو اشتراكها في الفعالية، وجهلها بمرامي الملتقى وأهدافه.

واعتبر السفير إدريس سليمان، المسؤول السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، مشاركة الحاخام اليهودي شكلاً من أشكال العبثيات التي يراد لها بيع التطبيع بين السودان وإسرائيل، وأكد لـ"العربي الجديد" أن مثل هذه الخدع لن تنطلي على الشعب السوداني مهما كانت الجهة المنظمة لها، سواء فردية أو حكومية، لأنها تقف ضد إرادة الشعب السوداني الرافض تماماً لفكرة التطبيع مع إسرائيل المغتصبة، متشككاً في وقوف جهات مخابراتية حول الفكرة.

وأضاف سليمان أن أية جهة حريصة على التصالح والتصافي عليها أن تدعو لوحدة وطنية شاملة، في ظل الانقسام السياسي الحاد والتنازع القبلي وجميع مهددات السلم الاجتماعي، بدلاً من تلك الانصرافيات.

أما إبراهيم الكاروري، النائب السابق لهيئة علماء السودان، فيجزم بعدم وجود مصلحة وطنية أو دينية الآن تفرض التواصل مع اليهود، خاصة أن السودان يمر بعدد من المشكلات والأزمات والسيولة السياسية، بحيث لا تسمح الظروف الزمانية والمكانية باختراق مسلمات الشعب السوداني الداعمة للحقوق الفلسطينية.

وأضاف الكاروري لـ"العربي الجديد" أنه لا مجال البتة لمحاولات تسويق التطبيع في ظل التماسك الوطني الحالي الرافض له، داعياً كل التيارات الدينية لمقاطعة الملتقى كلياً. وكان السودان وإسرائيل قد أعلنا، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن رغبتها في تطبيع العلاقة بينهما، بينما وقعت الخرطوم، في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي، على ما يعرف باتفاقية أبراهام، في وقت زار فيه وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين الخرطوم قبل نحو أسبوعين.

وتكرر الحكومة المدنية في السودان، في أكثر من مناسبة، عدم رغبتها بالدخول في عملية تطبيع مع إسرائيل إلا بعد إجازة الموضوع من قبل المجلس التشريعي المقرر تشكيله في الأيام المقبلة.