استمع إلى الملخص
- الآلية المسربة تشير إلى تمثيل متنوع يشمل 1200 ممثل من مختلف الفئات الجغرافية، العشائرية، الدينية، والاقتصادية، مما يثير مخاوف من تدخلات خارجية وتحويل التمثيل إلى أداة لدول معينة.
- لضمان تمثيل عادل، يُقترح تمثيل جغرافي على مستوى النواحي، مع ضرورة الشفافية في تنظيم المؤتمر لتجنب فقدان فرصة بناء دولة حضارية.
لا يزال الحدث الأبرز والمفصلي الذي سيتحدّد بموجبه شكل سورية الجديدة هو المؤتمر الوطني الذي سيجمع ممثلين عن كل مكونات الشعب السوري، والذي سيقوم بحل مجلس الشعب وانتخاب لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد، وقانون انتخابات، يرسمان ملامح الدولة السورية، إلا أن الأهم في هذا الحدث ليس المؤتمر بحد ذاته، وإنما آليات تطبيقه، كون تلك الآليات هي الاختبار الأهم لمدى تطبيق الإدارة الجديدة لخطابها النظري بشكل عملي من خلال اختيار ممثلين حقيقيين للسوريين، في هذا المؤتمر، وفق آليات واضحة وشفافة.
ولم تعلن الإدارة الجديدة حتى الآن عن الجهة التحضيرية لهذا المؤتمر ولا عن الإجراءات التي ستتبعها في اختيار الممثلين. ولكن هناك آلية سُرّبت عبر مصادر مقربة من الإدارة الجديدة، تقوم على اختيار ممثلين على عدة مستويات، إذ سيضم المؤتمر بحسب تلك الآلية نحو 1200 ممثل ينقسمون إلى مجموعة فئات تمثيلية، إحداها تمثل قطاعات جغرافية (محافظات) وممثلون عن العشائر والقبائل، وآخرون عن الطوائف الدينية، وممثلون عن القوميات غير العربية، وممثلون عن الاقتصاديين ورواد الأعمال، وممثلون عن المثقفين، وممثلون عن الفنانين والمبدعين، بالإضافة إلى ممثلين عن الحراك الثوري خلال فترة الثورة.
يبدو من الآلية المتّبعة في اختيار الممثلين أن بعض المجموعات التي سيتم تمثيلها في المؤتمر هي ضرورة لهذا المؤتمر، كممثلي المثقفين والاقتصاديين والفنانين، إلا أن إشراك ممثلين عن طوائف وقوميات وقبائل، قد يوقع المؤتمر بعدد من الإشكاليات، لعل أبرزها هو أن يتحوّل بعض ممثلي الطوائف الدينية والقوميات إلى أذرع لبعض الدول، أو أن يؤسسوا لتدخّل خارجي من بعض الدول تحت عناوين حماية طوائف دينية بعينها أو قومية بعينها أو حتى قبيلة بعينها. هذا الأمر من شأنه تحويل الممثل من ممثل لمنطقة بكل مكوناتها محمي بإطار وطني سوري إلى ممثل لفئة معينة محمي من دولة معينة. هذا بالإضافة إلى أن التمثيل بهذه الطريقة ربما يحرم مناطق من تمثيل منطقي يتناسب مع حجمها على حساب تمثيل مناطق أخرى بعدد كبير من الممثلين بصفات أخرى، لذلك ربما كان من الأفضل أن يكون تمثيل تلك الفئات تمثيلاً جغرافياً بحيث يتم مضاعفة التمثيل المناطقي ليكون على مستوى النواحي بدل التمثيل على مستوى المناطق والمحافظات (تحتوي سورية على أقل من 400 ناحية)، وبالتالي يضمن أي مكوّن ديني أو عرقي مهما كان صغيراً تمثيلاً ضمن هذا المؤتمر، ولكن بصفته ممثلاً للناحية التي ينحدر منها وليس للمكون الديني أو العشائري أو القومي الذي ينتمي إليه. كما أن إجراءات تنظيم هذا المؤتمر يجب أن تتسم بالشفافية والوضوح، وأن يطلع عليها الجميع كي لا يضيع السوريون فرصة قد لا تتكرر، في حال فشلوا في بناء دولة حضارية على أسس صحيحة.