مقررات اجتماع بعبدا: رمي المسؤولية على اللبنانيين وضغط لفتح الطرق

مقررات اجتماع بعبدا الأمني: رمي المسؤولية على اللبنانيين و"عدم التهاون" مع قطع الطرق

29 يونيو 2021
يصرّ عون على لوم الناس بحال عبّروا عن معاناتهم (حسين بيضون)
+ الخط -

عقد المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، يوم الثلاثاء، اجتماعاً في قصر بعبدا الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون، بحث الأوضاع الأمنية في البلاد والتطوّرات الأخيرة التي سجلت على مستوى التحركات الاحتجاجية وقطع الطرقات، وما رافقها من أحداثٍ أمنية إضافة إلى الإشكالات الكثيرة التي وقعت ربطاً بأزمة المحروقات والفوضى في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وغيرها من الملفات.

وتقرّر خلال الاجتماع الذي حضره رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب "الطلب إلى الأجهزة العسكرية والأمنية، الإبقاء على الجهوزية اللازمة لعدم السماح لبعض المخلّين بالأمن، زعزعة الوضع الأمني بسبب الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية، خاصة في ما يتعلق بإقفال الطرق العامة أو التعدي على الأملاك العامة والخاصة"، كما جاء في بيان للرئاسة اللبنانية.

وقال الرئيس اللبناني، بحسب البيان، إنّ "الغاية الأساسية من الاجتماع هي البحث في الوضع الأمني في البلاد، لا سيما مع حلول فصل الصيف، حيث يتوقع أن يكون الموسم السياحي واعداً مع مجيء اللبنانيين والمنتشرين من الخارج، ما يفرض توفير الأجواء المناسبة لتأمين إقامة هادئة وسليمة لهم".

وشدد عون على أنّ "ممارسات إقفال عدد من الطرق وإعاقة التنقل سببت معاناة كبيرة للمواطنين إضافة إلى ما يعانون منه نتيجة الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة في البلاد"، مضيفاً أنّ "التعبير عن الرأي مؤمن للجميع على أن لا يتحول ذلك إلى فوضى وأعمال شغب، وعلى الأجهزة الأمنية عدم التهاون في التعامل معها حفاظاً على سلامة المواطنين والاستقرار العام، وحماية الأملاك العامة والخاصة".

وقال عون "ما حصل في الأيام الماضية أمام محطات المحروقات غير مقبول، وإذلال المواطنين مرفوض تحت أي اعتبار، وعلى جميع المعنيين العمل على منع تكرار هذه الممارسات سيّما وأنّ جدولاً جديداً لأسعار المحروقات صدر، ومن شأنه أن يخفّف الأزمة"، علماً أنّ الجدول تبيّن فيه خطأ حسابي سيصار إلى تعديله بأسعار أكثر ارتفاعاً، في حين أنّ ما يراه المسؤولون حلّاً للأزمة ساهم في زيادة أسعار المواد الغذائية، وكلفة التوزيع والنقل، والكثير من السلع والبضائع والخدمات، بينما التهريب يجرى تحت أنظار السلطة.

 

من جهته، قال دياب: "هناك فرق بين الاعتراض والاعتداء على الناس وأملاكهم وأرزاقهم، حيث إن قطع الطرقات لا يعبّر عن الناس، بل يحصل ضد الناس، والفوضى وتكسير السيارات والاعتداء على الجيش ليست تعبيراً عن حالة اعتراض على الأوضاع الصعبة"، معتبراً أنّ "ما يحصل يشوّه صرخة الناس، ويضيّع حقهم، ونحن معنيون اليوم بشكل أساسي بمعالجة هذه الفوضى الهدّامة التي تزيد من الأزمات والضغوط على البلد وعلى اللبنانيين".

وقال مصدر عسكري مواكب للاجتماع الأمني في بعبدا، لـ"العربي الجديد"، إنّ "دعوات سياسية كثيرة صدرت للتعامل بحزم مع مسألة قطع الطرقات وعدم السماح بإقفالها، ولكن الجيش لا يريد أن يقف بوجه المتظاهرين المحتجين، وقد كرّر قائد الجيش العماد جوزاف عون اليوم تحذيراته من مخاطر الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها على عناصر الجيش اللبناني والأمنيين بشكل عام".

وشدد العماد عون، وفق المصدر، على أنّ "الحلول ليست أمنية أو بيد المؤسسة العسكرية، بل سياسية، والشارع اللبناني قد ينفجر بأي لحظة، من هنا على القادة السياسيين معالجة أزمة تشكيل الحكومة، تمهيداً للعمل وفق برنامج إصلاحي يمهّد تدريجياً لعودة الدعم الخارجي، وبالتالي النهوض الاقتصادي".

في المقابل، يسأل عضو "المرصد الشعبي لمحاربة الفساد" المحامي جاد طعمة، في حديثه مع "العربي الجديد"، "ما هو المطلوب من مواطن منهوب مرَّتَيْن؛ المرّة الأولى بماله العام من قبل منظومة فاسدة حكمت لبنان لعقودٍ ومدّت يدها على الأموال العمومية عبر الصفقات والسمسرات، والثانية بأمواله الخاصة التي يتصرّف بها القطاع المصرفي التابع بأغلبيته إلى السلطة الحاكمة؟".

ويضيف طعمة، "هل المطلوب من المواطن ألا يصرخ أو يئنّ أو ينزل إلى الشارع ليرفع الصوت بوجه الطبقة الحاكمة؟ وهل يفترض عليه ألا يقطع الطرقات ويتصرّف بحضارية، في وقتٍ أن المسؤولين في البلاد بلا مسؤولية ولا أهلية لإدارة الشأن العام؟".

وعلى الرغم من أن قطع الطرقات هو حق قانوني للمواطن، يقول طعمة إنّ "من لجأ إليه خلال فترة شهر يونيو/ حزيران الجاري هم جمهور الأحزاب وقلّة قليلة منهم، حيث إنّ السلطة تستخدم هذا الأسلوب لشدّ العصب أو الإساءة لتحرّكات القوى التغييرية، في حين أنّ غالبية الناس يشعرون بوجع بعضهم البعض، كما أنهم ومجموعات انتفاضة 17 أكتوبر باتوا على يقين من أنّ هذه الخطوات لم تعد ناجحة ولم تؤدِّ غايتها المرجوة".

من هنا، يشير طعمة إلى أنّ "دعوات المجموعات صبّت في خانة التوجه إلى منازل النواب والوزراء والمسؤولين الذين يستمرّون في تجاهل كل المطالب المحقة".

ويتوقف طعمة عند لعب السلطة على وتر السياح، سواء المغتربين أو الأجانب والعرب، ودورهم في إدخال الأموال وتحديداً الدولار إلى السوق اللبناني وتنشيط الدورة الاقتصادية، واضعاً ذلك في إطار "ذرّ الرماد في العيون".

وأضاف: "كان الأجدى بالسلطة أن تلتفت إلى تهريب المواد المدعومة من بنزين أو دواء وطحين ومازوت وغير ذلك إلى سورية بدل التهجّم على الشعب واتهامه بالتأثير على السياحة الواعدة المنتظرة في ظلّ أزمة محروقات وكهرباء، باعتبار أن دورتنا الاقتصادية كانت أقله ستكون متعافية من دون المسّ بالاحتياطي الإلزامي لو ضبطت الحدود المتفلتة، ولو التفتت السلطة أيضاً إلى ارتكابات المصارف بحق المودعين وكرّست مبدأ المساءلة والعقاب".

كذلك تقرّر في الاجتماع "تكليف وزير الطاقة والمياه بالاستناد إلى الاستراتيجية الوطنية للمنشآت النفطية القائمة على الساحل اللبناني التي أعدتها الوزارة، وضع التقرير اللازم في مهلة أقصاها شهر واحد لتقييم معايير وشروط الصحة والسلامة العامة".

وعلى صعيد أزمة المطار، وما سجّل من فوضى داخله وإشكالات بين المسافرين والموظفين والعمّال، وتفلّت ارتدّ تخوفاً وتحذيراً من عودة سيناريو ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، تقرّر الطلب إلى وزارتي الأشغال العامة والنقل والصحة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسريع وتسهيل عملية إجراء فحوصات الـPCR  للمسافرين الوافدين إلى المطار.

كذلك طُلب من المديرية العامة للطيران المدني، بالتنسيق مع جهاز أمن المطار، معالجة الإشكالات التي تحصل.

من جهة أخرى، تقرّر توجيه طلب إلى وزير المالية التنسيق مع وزيري الدفاع والداخلية لإيجاد السبل الآيلة إلى دعم القوى العسكرية والأمنية، خصوصاً في ظل الأوضاع المالية والاقتصادية المتردية.

حكومياً، ما يزال الجمود سيّد المشهد، والمواقف تتكرّر، آخرها دعوة "كتلة التنمية والتحرير" (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري) بعد اجتماعها الثلاثاء الجميع إلى التنازل وتشكيل حكومة بلا أثلاث أو أرباع معطلة لأي طرف وفقاً لما نصت عليه المبادرة الفرنسية.

المساهمون