استمع إلى الملخص
- توسعت مجموعة بريكس لتشمل دولًا جديدة، مما يجعل الاقتراح أكثر إلحاحًا، حيث يرى بيمينتيل أن الفيليبين يمكن أن تلعب دورًا محايدًا في تسوية النزاعات.
- رغم الدعوة للانضمام، يعتبر البعض أن الفكرة لا تعكس توجهًا عامًا في البلاد، وقد تضعف موقف الفيليبين في نزاعها البحري وتؤثر على رابطة آسيان.
اقترح السيناتور أكويلينو بيمينتيل، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ الفيليبيني، قبل أيام، انضمام بلاده إلى مجموعة بريكس الاقتصادية البارزة للدول ذات الاقتصادات الناشئة، والتي تضم الصين وروسيا، في خطوة قال إنها ستعزز حياد الفيليبين وتضعها في موقف المُدافع عن عالم متعدد الأقطاب، معتبراً أن مجموعة بريكس تقدم بديلاً قابلاً للتطبيق للنظام العالمي الحالي الذي يُهيمن عليه الغرب. غير أن اقتراح انضمام الفيليبين لـ"بريكس" أشعل جدلاً حاداً، حيث حذّر منتقدون من أن العلاقات الوثيقة مع كتلة تعد الصين عضواً رائداً فيها، قد تضعف موقف مانيلا في نزاعها الإقليمي طويل الأمد بشأن بحر الصين الجنوبي.
وقال بيمينتيل، في خطاب ألقاه في مجلس الشيوخ، الأسبوع الماضي: "دعوا الفيليبين تتقدم بطلب الانضمام إلى مجموعة بريكس"، معتبراً أن العضوية قد تساعد البلاد على تبني سياسة خارجية متوازنة. وأضاف: "إن المسيرة نحو عالم متعدد الأقطاب أمر لا مفر منه، وهو ما يتفق مع الطبيعة البشرية. ويتعين علينا أن ندعم فكرة العالم المتعدد الأقطاب". وتابع: "حلمي هو أن تستضيف الفيليبين المحادثات، وليس القواعد"، في إشارة إلى القواعد العسكرية في البلاد التي استضافت القوات الأميركية بموجب اتفاقية التعاون الدفاعي الثنائية.
جينغ وي: حالة الشك حيال نهج ترامب تتسبب في أزمة ثقة، وتجعل النهج الصيني أكثر جاذبية
وكانت مجموعة بريكس قد توسعت أخيراً، بعدما بدأت بالبرازيل وروسيا والهند والصين، لتشمل جنوب أفريقيا ومصر وإيران والإمارات، وأخيراً إندونيسيا، الأمر الذي يجعل الاقتراح أكثر إلحاحاً من وجهة نظر زعيم الأقلية. وقال إنه يتصور الفيليبين باعتبارها صديقة لكل الدول الأعضاء في المجموعة، ويرى إمكاناتها باعتبارها مكاناً محايداً للمحادثات، وخصوصاً تلك التي تنطوي على تسوية النزاعات.
من جهتها، سلّطت وسائل إعلام صينية الضوء على مبادرة طرح انضمام الفيليبين لـ"بريكس" الصادرة من قبل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ الفيليبيني، وقالت إنها قد تساهم في إصلاح العلاقات بين مانيلا وبكين في ظلّ حالة عدم اليقين التي فرضتها ولاية دونالد ترامب الرئاسية الثانية في الولايات المتحدة.
نهجٌ بكين أكثر جاذبية
وقال الخبير في الشأن الآسيوي في معهد فودان للدراسات والأبحاث جينغ وي، لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على هذه التطلعات، إن ارتفاع مثل هذه الأصوات في جنوب وشرق آسيا، والداعية إلى التقارب مع الصين، يحصل في وقت تبدو فيه المنطقة مقبلة على تحولات كبيرة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، والحديث عن احتمال خلط الأوراق في إطار ترتيبات جديدة بدأت ملامحها تتضح مع وقف المساعدات الأميركية الخارجية، وتوقعات بكسر الجليد بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
ورأى وي، في حديثه، أن جميع هذه المؤشرات تضع الدول الحليفة والشركاء التقليديين للولايات المتحدة في حالة من الضبابية بشأن سياسة ترامب الخارجية ومقاربته الخاصة للعديد من الملفات الدولية والإقليمية، من بينها مسألة تايوان، والنزاع في بحر الصين الجنوبي، والأزمة في شبه الجزيرة الكورية. واعتبر أن حالة الشك هذه تتسبب في أزمة ثقة، وتجعل النهج الصيني أكثر جاذبية، الأمر الذي يحتم على الدول المعنية إعادة النظر في نهجها وشراكاتها بما يضمن الحفاظ على أمنها ومصالحها، مشيراً إلى أنه في ضوء هذه المعطيات، يمكن فهم الرغبة لدى أطراف سياسيين في انضمام الفيليبين لـ"بريكس" التي تعتبر الصين عضواً رائداً فيها.
لي يانغ: انضمام الفيليبين لـ"بريكس" سوف ينعكس سلباً على رابطة "آسيان"
وفي السياق، استشهد جينغ وي بدعوة رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إلى عدم استهداف بكين بشأن التوترات في بحر الصين الجنوبي، وضرورة تحقيق التوازن بين العلاقات القوية مع الصين ومعالجة القضايا البحرية. كما أشار جينغ إلى نموذج فيتنام التي بالرغم من نزاعاتها البحرية مع الصين، فإنها تحافظ على علاقات ودية وتربطها استثمارات اقتصادية واسعة في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية.
انضمام الفيليبين لـ"بريكس"... احتمالٌ ضعيف
في المقابل، اعتبر لي يانغ، الأستاذ في معهد تسيونغ كوان للدراسات والأبحاث، ومقره هونغ كونغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الدعوة إلى انضمام الفيليبين لـ"بريكس" هي مجرد فكرة تم اقتراحها في مجلس الشيوخ بمانيلا، لكنها لا تعبّر بالضرورة عن توجه عام في البلاد ولا تعكس رغبة حقيقية لدى أصحاب القرار. وأوضح يانغ أن الدعوة تأتي في ذروة الصدام بين الصين والفيليبين نتيجة التوغلات المتكررة لخفر السواحل الصيني في المناطق المتنازع عليها بين البلدين، ما يعطي صورة واضحة لمانيلا عن شكل الهيمنة التي تمارسها بكين، وبالتالي من غير المنطقي أن تنضم إلى مجموعة تعتبر الأخيرة فيها القوة المهيمنة، لأن ذلك سوف يضعف موقف الفيليبين في نزاعها البحري، وفي الوقت ذاته سيمثل فرصة للصين من أجل استمالة مانيلا وعزلها عن حليفتها (الولايات المتحدة) الداعم الرئيسي لها في مطالبها البحرية.
وفي السياق، أشار لي يانغ إلى أن انضمام الفيليبين لـ"بريكس" سوف ينعكس سلباً على رابطة "آسيان"، لأن مانيلا تمثل صوت الدول المطالبة بحقوقها البحرية في إطار الرابطة، وعادة ما تثير قضية الخلافات مع الصين في اجتماعاتها الدورية، معتبراً أن خطوة في هذا الاتجاه تعني تفكك الحلف الآسيوي الذي يواجه بكين ويُحرجها في المحافل الدولية. وأضاف أن أصحاب القرار يدركون تداعيات خطوة انضمام الفيليبين لـ"بريكس" المحتملة، وتأثيرها على العلاقة بين مانيلا وواشنطن، الحليف الدفاعي الأول في وجه التهديدات الصينية، لذلك يظل ذلك مستبعداً، ما لم تخالف الإدارة الأميركية الجديدة التوقعات والبروتوكولات الدبلوماسية المتعارف عليها في المنطقة.
يشار إلى أن مجموعة بريكس (اشتق اسمها من الأعضاء المؤسسين: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، هي منظمة حكومية دولية أنشئت في عام 2006 وعقدت أول مؤتمر قمة لها في عام 2009. وتهدف إلى موازنة المؤسسات التي يهيمن عليها الغرب، وإيجاد نظام اقتصادي مواز للنظام الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة، إذ ترى الصين في هذا التكتل نموذجاً لمناصرة الاقتصادات النامية والفقيرة.