مقابلة | نيوزيلنديان على أسطول الصمود يؤكدان تعذيب الاحتلال للناشطين أثناء اعتقالهم
استمع إلى الملخص
- تحدث الناشطان عن معاناتهما في السجون الإسرائيلية، حيث تعرضا لمعاملة قاسية وحرمان من الاحتياجات الأساسية، مؤكدين على أهمية مواصلة الجهود لتحرير الأسرى ووقف الإبادة الجماعية.
- لم تقدم الحكومة النيوزيلندية مساعدة قنصلية فعالة للناشطين، وتكفلت الحركة العالمية من أجل غزة بتكاليف عودتهما، مع تأكيد الناشطين على استمرار دعمهما للقضية الفلسطينية.
شهدت ساحة "بريتومارت" الشهيرة في قلب أوكلاند، كبرى مدن نيوزيلندا وعاصمتها الاقتصادية، اليوم السبت، وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني نظمتها شبكة التضامن الفلسطينية في نيوزيلندا "PSNA"، للمطالبة بتحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين ما زالوا قابعين في سجون الاحتلال إدارياً، رغم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى الذي وقع عليه مؤخراً في مدينة شرم الشيخ المصرية.
وشهدت المنصة مداخلات للناشطَين النيوزيلنديَين (من أصل فلسطيني) يوسف سمور ورنا حميدة، اللذين تحدثا عن تجربتهما الأخيرة مع أسطول الصمود العالمي واعتقالهما وسجنهما من القوات الإسرائيلية، كما شَدَتْ المغنية وكاتبة الأغاني النيوزيلندية (من أصل بنغالي) صابرين إسلام بأغنية عن فلسطين باللغة الإنكليزية، ومن ثم غنّت رنا مع الممثلة والناشطة النيوزيلندية المتحدثة باسم الحركة العالمية من أجل غزة أكاشيا أوكونور أغنية باللغات العربية والإنكليزية والماورية تتحدث عن معنى الصمود والتآزر.
وذكر الناشطان يوسف سمور ورنا حميدة، في حديثهما لـ"العربي الجديد"، أنّ سبب مشاركتهما في فعالية اليوم "ليس للحديث عن تجربتهما الأخيرة مع أسطول الصمود فحسب، وإنما عن آلاف الفلسطينيين المسجونين في سجون الاحتلال من دون ارتكاب أي جريمة ويتعرضون للتعذيب. نحن هنا من أجل المطالبة بتحريرهم ووقف الإبادة الجماعية"، وأكد الناشطان أن "وقف إطلاق النار القائم حالياً ما هو إلّا مرحلة، وجزء بسيط من الخطوات التي يتعيّن اتخاذها باستمرار من أجل إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية والمجازر التي يتعرض لها أشقاؤنا، سواء في غزة أو في الضفة الغربية. صحيح أن ثمة المئات الذين أُطلق سراحهم، إلّا أن هناك الآلاف غيرهم مازالوا قابعين في سجون الاحتلال، علينا التحرك من أجل تحريرهم".
أصعب اللحظات
ورداً على سؤال حول أصعب الفترات التي مرا بها في تجربتهما على متن أسطول الصمود ومن ثم اعتقالهما وإيداعهما سجون الاحتلال، قال يوسف "بالنسبة لي، كانت أصعب لحظة هي قصفنا لأول مرة في تونس من إحدى المسيّرات، والذي تسبب في تعطل أحد القوارب وما تلاها من فترة ارتباك لأنّنا كنا جاهزين ومفعمين بالحماسة للتوجه إلى غزة".
يوسف: كانت أصعب لحظة هي قصفنا لأول مرة في تونس من إحدى المسيّرات
وأشار إلى أن أحد المسجونين معهم "كان رجلاً مسناً (75 عاماً) مصاباً بداء السكري، وكان بحاجة ماسة إلى حقن الإنسولين التي منعوها عنه، إلى أن اضطررنا إلى رفع أصواتنا بالصياح لطلب الأنسولين لزميلنا في الزنزانة رقم 16 لمدة 4 أيام، فما كان منهم إلّا أن يطالبوننا بأن نخرس ويبصقون علينا، ويشغلون الموسيقى بصوت مرتفع في الليل كي يحرموننا من النوم، كما جلبوا لنا الكلاب وصوبوا مسدساتهم إلى رؤوسنا للترهيب".
ويضيف يوسف أنه "وعلى الرغم من ذلك، فقد أدركنا بعد يومين أنهم لن يفعلوا أكثر من ذلك، ولن يتجاوزوا هذا الحدّ، اللهم إلّا إذا فرقونا في زنازين مختلفة أو منعوا عنّا الطعام ليوم، وهكذا صار موقفنا أقوى وواصلنا صياحنا إلى أن اضطروا في النهاية لجلب الحقن لزميلنا".
وعن أقسى اللحظات التي تعرضت لها، قالت رنا إنها "كانت في فترة وجودنا بالسجن، إذ كانت إحدى زميلاتنا مصابة بأزمة قلبية، وهذا ما أخبرنا به الإسرائيليين وطالبناهم بضرورة أن تتلقى الأدوية الخاصة بها بأسرع ما يمكن"، وتساءلت "إذا كان هذا أسلوبهم في التعامل مع من يملكون جنسيات أخرى تمنحهم نصيباً أكبر من الحماية والأمان، فما بالنا بتعاملهم مع إخوتنا في الأراضي المحتلة الذين ليس لديهم حكام أو برلمانيون أو شعوب تنزل إلى الشوارع والساحات وتغلق المرافق العامة للمطالبة بحقوقهم".
ولفت يوسف إلى أنه أبلغهم في البداية أنه لا يتحدث العربية وأن أهله أصلهم عربي، ولكن شيئاً فشيئاً "بدأت أتحدث معهم بالعربية ثم أفصحت لهم أن أصلي فلسطيني، وأن أبوَيَّ نزحا إلى لبنان، فما كان منهم إلّا أن سألوني: هل تصدق رواية أهلك؟، وأدركت حينها أن هؤلاء الشبان يعيشون في فقاعة وأنهم لا يعرفون غير ما يقال لهم، تأكدت أنه لو أُتيحت لي فرصة التحدث إلى كل واحد منهم لمدة نصف ساعة، لأفلحت من دون شك في تغيير تفكيره".
أمّا رنا، فقد أوضحت أنها لم تخبرهم بأصولها الفلسطينية "سوى في آخر لحظة عند وصولنا إلى ميناء أشدود، وهناك بدأت معاملتهم لنا تسوء كثيراً، وأظهروا وجههم الحقيقي، وأجبرونا على أن نجثو على ركبنا لمدة ساعتين بلا حراك. ساعتان على الإسفلت تحت الشمس الحارقة (وهنا تدخل يوسف قائلاً إنّ الأمر بالنسبة لهم كان أشد صعوبة، إذا "أجبرونا على أن نجثو على ركبنا لمدة ستّ ساعات وألّا نقيم رؤوسنا، وإن فعلنا كانوا يدفعوننا بعنف ويأمروننا بإحناء رؤوسنا لأسفل").
وأضافت أنهم اقتادوها وأجبروها على السير حافية القدمين مع ليِّ ذراعَيها بعنف، وإجبارها على إحناء رأسها، وبعدها استولوا على أغراضنا، وخاصة تلك التي ترمز إلى فلسطين، وألقوا بها في صندوق القمامة (وهنا تدخل يوسف ليقول إنهم "حتى بعد اقتحام قواربنا، ألقوا الأعلام الفلسطينية ونصبوا أعلامهم، ثم بدأوا يبصقوا علينا ويسبوننا")".
لا مساعدة من الحكومة النيوزيلندية
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة النيوزيلندية قد قدمت لهم أي مساعدة قنصلية أثناء احتجازهم في السجون الإسرائيلية، أجابت رنا أن "موظفين من القنصلية البريطانية موكلين من الخارجية النيوزيلندية، زارونا مرتين ولم يقدموا لنا أي خدمة، وعندما سألتهم متى سنخرج، أجابوني بأنهم لا دراية لهم بهذا الأمر. ثم أبلغتهم بعدم رغبتي في المغادرة من مطار إسرائيلي، وأنني أفضل المغادرة عن طريق الأردن"، أمّا يوسف فقد أكد أنه لم يخرج من الاجتماعين "بأي معلومة مفيدة، بل إنهم حتى لم يجلبوا لنا طعاماً أو ماء أو أيّ شيء. وعندما أجلت قنصليات الدول الأوروبية رعاياها المحتجزين معنا وتحملت تكاليف عودتهم بالطائرات، لم تقدم القنصليتان الأميركية أو البريطانية لنا أي شيء".
وأوضح الناشطان أنه "على ضوء رفض الحكومة النيوزيلندية تحمل تكلفة عودتهم بالطائرات معللة موقفها بأنها لن تسمح بأن يتحمل دافعو الضرائب النيوزيلنديون ثمن أخطائنا، فإن من تحمل هذه التكاليف كانت الحركة العالمية من أجل غزة بالتعاون مع أسطول الصمود العالمي".
وختم يوسف بقوله إنّ "كل ما نبذله من جهود سواء المشاركة في أسطول الصمود (هذه هي المرة الثالثة بالنسبة لي)، أو في التظاهرات والمسيرات وغيرها من الفعاليات هو من أجل الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وسوف نشارك قريباً بالتأكيد في الجولة المقبلة لأسطول الصمود والتي ستكون أكبر من سابقتها بكثير".
ووجهت رنا حديثها إلى الشعب الفلسطيني قائلة "كونوا على ثقة أنّنا لن ننساكم أبداً، فأنتم أمل العالم بأسره وصمودكم يولد طاقة في كل أنحاء الأرض، أنتم أحرار أكثر مما تتصورون ومنارة لكل من يتابعكم. حافظوا على صمودكم ونحن معكم صامدون وسنرفع صوتنا معكم إلى أن يتحقق لنا النصر والحرية إن شاء الله".