مفاوضات فيينا مستمرّة... ومصادر تكشف عن توجه لإنهاء الجولة سريعاً

مفاوضات فيينا مستمرّة... ومصادر تكشف عن توجه لإنهاء الجولة سريعاً

01 ديسمبر 2021
تضغط واشنطن على الأطراف الأوروبية لمنع إطالة هذه الجولة من المفاوضات (الأناضول)
+ الخط -

بعد إطلاق مفاوضات فيينا، يوم الإثنين، في اجتماع رسمي للجنة المشتركة للاتفاق النووي، ظلت الاجتماعات مستمرة خلال اليومين الأخيرين على مستوى لجان الخبراء أو لقاءات ثنائية بين رؤساء الوفود، وسط خلافات بشأن أطر المفاوضات ونقطة الانطلاقة لبحث مختلف القضايا.

في الوقت نفسه، ثمة تطورات لافتة خارج إطار المفاوضات، تلقي بظلالها عليها، فمن جهة التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، نظراءه في الترويكا الأوروبية الشريكة في الاتفاق النووي، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، للتباحث بشأن المفاوضات وبرنامج إيران النووي، ومن جهة ثانية، أطلقت تحذيرات غربية من أن الساعات المقبلة ستكون حساسة بشأن مصير المفاوضات.

كما واصل وزير الخارجية الإسرائيلي يئير لبيد، جولته الأوروبية، تزامناً مع استئناف المفاوضات، لحث الأوروبيين على تشديد الموقف تجاه إيران.

إلى ذلك، رجحت مصادر إيرانية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن تلتئم اللجنة المشتركة، مساء اليوم الأربعاء أو غدا الخميس، على مستوى رؤساء الوفود لمناقشة نتائج اجتماعات لجنتي العقوبات والمسائل النووية. وأضافت المصادر أن كبير المفاوضين الإيرانيين على الأغلب سيعود إلى طهران بعد هذا الاجتماع للتشاور.

وكشفت هذه المصادر لـ"العربي الجديد" عن أن "طرفاً غربياً طالب خلال اجتماع يوم الإثنين، باستخلاص سريع لهذه الجولة وإتمامها"، من دون تسمية هذا الطرف، مشيرة إلى أن "واشنطن تمارس ضغوطاً على الأطراف الأوروبية لمنع إطالة هذه الجولة من المفاوضات".

وأوضحت أن "تصريحات وسلوك الأطراف الغربية خلال اليومين الماضيين من مفاوضات فيينا، تشي بأنها تريد إنهاء هذه الجولة من المفاوضات بشكل سريع"، لافتة إلى أن "هذه التحركات تشي بوجود سيناريو مسبق للترويج لفشل محتمل للمفاوضات، وتحميل إيران المسؤولية من خلال اتهامها بعدم الجدية".

إيران تنشد "مفاوضات مشرّفة"

أعرب رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، اليوم الأربعاء، عن أمله في رفع العقوبات عن بلاده، من خلال "تفاوض جيد ومشرف، واتفاق جيد وعادل".

وجاءت تصريحات قاليباف خلال اجتماع مشترك مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وأعضاء حكومته في مقر البرلمان.

اجتماعات الخبراء

إلى ذلك، باشرت لجنة المسائل النووية مناقشة الإجراءات النووية التي اتخذتها إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، والتوصل إلى حلول بهذا الشأن وطريقة عودة إيران إلى تعهداتها النووية.

ويأتي استئناف عمل لجنة المسائل النووية بعد يوم من مباشرة لجنة العقوبات أعمالها، أمس الثلاثاء، والتي ترمي لتحديد العقوبات التي يجب رفعها لإحياء الاتفاق النووي، وسط خلافات بين طهران وواشنطن بهذا الشأن.

وأفادت وكالة "نور نيوز" الإيرانية المقربة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بأن المفاوضين الإيرانيين شرحوا خلال اجتماع لجنة العقوبات، موقف إيران بشأن هذه العقوبات ورفعها، وتقدموا بـ"اقتراحات جديدة لتحقيق التقدم بالمفاوضات، مع التأكيد على ضرورة رفع مؤثر لجميع العقوبات، ودعوة الأطراف الأخرى إلى المشاركة البنّاءة في المفاوضات". وأضافت "نورنيوز" أن مندوبي بقية الأطراف "أكدوا جديتهم واستعدادهم للتعامل مع موضوع رفع العقوبات".

وتأتي اجتماعات هذه اللجان على مستوى الخبراء، بحضور مندوبين عن إيران ومجموعة 1+4 الشريكة في الاتفاق النووي، الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، إضافة إلى ممثل عن الاتحاد الأوروبي.

كما ستعقد لجنة الخبراء بشأن العقوبات مساء اليوم الأربعاء اجتماعاً آخر بعد اجتماع أمس الثلاثاء.

يشار إلى أن اجتماعات اللجان تحظى بأهمية كبيرة، وهي تبحث حلولاً لتحديد الإجراءات التي ينبغي أن تقوم بها كل من الولايات المتحدة وإيران، في ما يتعلق بالعقوبات والمسائل النووية للتوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015.

كما أجرى كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، اليوم الأربعاء، مباحثات مع نائب مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي أنريكي مورا، ومن المقرّر أن يلتقي بعد ذلك مع رؤساء وفود الترويكا الأوروبية الثلاثة في المفاوضات. وكان باقري كني ومورا قد عقدا لقاءً مساء أمس الثلاثاء.

كذلك، أجرى باقري كني، اليوم الأربعاء، مباحثات مع وزير الخارجية النمساوي ميكائيل لينهارت، تناول العلاقات الثنائية ومفاوضات فيينا.

وقال السفير الإيراني في النمسا عباس باقربور، في تغريدة عبر "تويتر"، إن المباحثات بين الطرفين كانت "ودية"، ناقلاً عن باقري كني قوله بشأن مفاوضات فيينا إنه أكد "ضرورة رفع العقوبات، وقال إننا جاهزون للاتفاق إذا كانوا هم مستعدين لذلك".

خلافات تعصف بالمفاوضات

في الأثناء، تعصف بمفاوضات فيينا بعد استئنافها، خلافات يمكن أن تفجرها إن لم تتفق الأطراف على حلّ لها، إذ كشفت مصادر مواكبة للمفاوضات في فيينا لـ"العربي الجديد"، عن أنه "خلال هذه الجولة من المفاوضات، ثمة تعارض جاد أكثر من الدورات السابقة، في أجندة أطراف المفاوضات بين إيران والأطراف الغربية الأميركية والأوروبية، رغم الأجواء الإيجابية التي خيّمت على الجلسة الافتتاحية"، مشيرة إلى أن "الجانب الإيراني يصرّ على معالجة مسألة العقوبات أولاً، وتحقيق تقدّم فيها، وتربط إبداء الجدية في مناقشة الموضوعات النووية بذلك".

كما كشفت هذه المصادر المواكبة للمفاوضات في فيينا عن أنه على الرغم من مرور أكثر من يومين على بدء المفاوضات الجديدة، والاتفاق على استئناف عمل لجان الخبراء، "فإن التقدم خجول".

وأضافت أن "الوفد الإيراني يصرّ على تحديد أطر للمفاوضات بناء على أولوية رفع العقوبات، بينما الأطراف الغربية تتحفظ على هذا التوجه، وتريد المضي قدماً في الموضوعات بشكل متزامن"، موضحة في السياق أن "هناك تحفظات إيرانية" على مسودة الاتفاق التي توصلت إليها خلال الجولات السابقة، "بالذات بشأن مسألة العقوبات لجهة شموليتها، فضلاً عن طريقة رفعها، حيث تؤكد رفض استخدام كلمة "تعليق" وتطالب بالتصريح بكلمة "إلغاء".

ولفتت إلى أن التحفظات الإيرانية تظهر أن طهران لا تريد الانطلاق في المفاوضات الجديدة من النقطة التي انتهت عندها الجولة السادسة. واستبعدت المصادر أن "تفجر الخلافات الراهنة المفاوضات"، مشيرة إلى "جهود حثيثة يقوم بها منسق المفاوضات أنريكي مورا، والطرفان الروسي والصيني، للحدّ من توسيع الخلافات في أول جولة بعد أشهر، وبناء أرضية رصينة لاستمرار المفاوضات وإيجاد مناخ إيجابي".

وفي السياق، كان مورا، قد أكد في تصريحات بعيد انتهاء الجلسة الافتتاحية للجولة الجديدة للمفاوضات، أن إيران وافقت على استمرار المفاوضات على أساس نتائج الجولات الست السابقة، مشيراً إلى أن الوفد الإيراني أكد ضرورة الأخذ بالاعتبار "الحساسيات السياسية" للحكومة الإيرانية الجديدة.

إلى ذلك، قال كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، الليلة الماضية، وفق ما أورده التلفزيون الإيراني، إن "ما هو أمامنا من نتائج الجولات الست للمفاوضات السابقة هو مجرد مسودة وليس اتفاقاً، والمسودة خاضعة للتفاوض".

وأكد باقري كني أنه "ما لم يتم الاتفاق على كل شيء، فإنه لن يحصل الاتفاق على أي شيء، وفي الإطار فإن استنتاجات الجولات الست السابقة قابلة للتفاوض، وهذا ما أقرت به جميع الأطراف خلال اجتماع الإثنين".

48 ساعة حاسمة

وقبيل استئناف المفاوضات، نقل "العربي الجديد" عن مصادر إيرانية مطلعة، قولها إن الوفد الإيراني سيتجنب خلال المفاوضات "إثارة موضوع استئناف المفاوضات من الصفر، لحساسية الموقف بالنسبة لأطراف المفاوضات، وخصوصاً روسيا والصين. لكنه سيحاول عند بحث كل نقطة عالقة، العودة إلى الوراء لمناقشة الموضوع من جديد وفق السياسات القطعية بشأن المفاوضات".

في الأثناء، نقلت "رويترز"، مساء أمس الثلاثاء، عن دبلوماسيين أوروبيين، قولهم إن الأطراف الأوروبية ما زالت تنتظر تأكيداً بأنها ستتمكن من استئناف المفاوضات النووية من النقطة التي توقفت عندها الجولة السادسة خلال يونيو/حزيران الماضي.

وقال هؤلاء الدبلوماسيون إنه حتى يونيو/حزيران الماضي، "تم الانتهاء من صياغة 70 إلى 80 في المائة من نص الاتفاق"، مؤكدين "وجود ضرورة ملحة للوصول إلى نتيجة"، مع الإشارة إلى أنهم "لا يرغبون في فرض مواعيد نهائية مصطعنة".

وأكدت هذه المصادر الأوروبية أن "الساعات الـ48 القادمة بالغة الأهمية"، مع الإعراب عن أملهم في أن "تكون الصورة واضحة مع نهاية الأسبوع، لكن إذا لم يحصل تقدم فهناك إمكانية أن تتوقف المفاوضات".

لقاءات أميركية أوروبية

في غضون ذلك، أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مباحثات مع نظرائه في الترويكا الأوروبية الشريكة في الاتفاق النووي في مدينة ريغا عاصمة لاتفيا.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، في بيان صحافي، إن بلينكن بحث خلال اللقاء "المخاوف الراهنة" بشأن برنامج إيران النووي، و"جهود التوصل إلى عودة ثنائية إلى الاتفاق النووي"، فضلاً عن مناقشة قضايا أخرى مرتبطة بالتوتر الروسي الأوكراني، والتهديدات الماثلة أمام أوروبا.

إلى ذلك، واصل وزير الخارجية الإسرائيلي يئير لبيد، جولته الأوروبية، لتحشيد الموقف الأوروبي ضد إيران، تزامناً مع استئناف مفاوضات فيينا. فبعد زيارته بريطانيا، حلّ في باريس، والتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وخلال لقائه مع ماكرون، دعا لبيد إلى "تشديد" العقوبات على إيران، وتسليط "تهديد عسكري موثوق به"، لمنعها من تطوير السلاح النووي، وفق "فرانس برس".

وقال، في بيان، أعقب اللقاء، إنه "يجب عدم رفع العقوبات عن إيران، بل تشديدها. ويجب أن نسلط تهديداً عسكرياً موثوقاً به على إيران". وأضاف وزير الخارجية الإسرائيلي، الذي سبق أن دعا الغرب إلى مزيد من الحزم تجاه طهران، أن "هذا هو السبيل الوحيد لوقف سباقها نحو السلاح النووي. هذا السباق مستمر، ولم يتوقف مع المحادثات في فيينا".

وكانت مفاوضات فيينا النووية قد استؤنفت في جولتها السابعة، مساء الإثنين الماضي، في أجواء اعتبر المشاركون فيها أنها كانت "إيجابية". واتفق المشاركون فيها على استئناف أعمال لجنتي العقوبات والمسائل النووية.

وتُعدّ هذه الجولة من المفاوضات، السابعة لها بعد أن انطلقت خلال إبريل/نيسان الماضي، لكنها الجولة الأولى في عهد الحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي. واستؤنفت المفاوضات بعد أن توقفت لأكثر من 5 أشهر بعد انتهاء الجولة السادسة في يونيو/حزيران الماضي بطلب إيراني، بحجة عملية انتقال السلطة التنفيذية في البلاد.

ولدى طهران ثلاثة مطالب أساسية، تسعى إلى تحقيقها في المفاوضات وتربط نجاحها بها هي: رفع جميع العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية السابقة، ووضع آلية واضحة ومحددة للتحقق من رفع العقوبات عملياً، وضرورة تقديم الولايات المتحدة "ضمانات كافية وجادة" لعدم الخروج مستقبلاً من أي اتفاق محتمل في فيينا.