كشف مسؤول عراقي بارز في حكومة حيدر العبادي عن بدء الولايات المتحدة الأميركية بجولة مفاوضات غير علنية، تجري بشكل مباشر ولأول مرة، مع عدد من قادة الفصائل العراقية السنّية المسلحة وتهدف إلى إقناعها بالتخلي عن العمل المسلح والمساعدة في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وذلك في العاصمة الأردنية عمان.
وأبلغ المسؤول الذي يشغل منصباً وزارياً، "العربي الجديد"، أن المفاوضات التي انطلقت الاثنين الماضي في العاصمة الأردنية عمان، تجري مع سبع قيادات في فصائل سنّية مسلحة برعاية جهاز المخبارات الأردني، ووساطة من سياسيين ورجال أعمال من العرب السنّة. ويمثل الجانب الأميركي قادة عسكريون ودبلوماسيون لا زالوا متواجدين في العاصمة عمان لإدارة تلك المفاوضات.
وأضاف الوزير نفسه أن "المفاوضات صعبة وتتسم بالحذر لتداخل الملفات ومطالب قادة وممثلي تلك الفصائل، لكن هناك رغبة من الطرفين في الاستمرار بها"، مشيراً الى أن "عدداً من الفصائل السنّية رفضت الدخول في تلك المفاوضات كـ"جيش المجاهدين" و"كتائب ثورة العشرين"، لكن هناك فصائل أخرى لها ثقل جيد على الأرض وسبق أن قاتلت الولايات المتحدة في سنوات الاحتلال، تتفاوض اليوم على ورقة مطالب موحّدة لقاء إلقاء السلاح ودعم حكومة العبادي ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية".
وكشف أن "رجال أعمال وتجاراً سنّة وزعماء قبليين يعملون على تقريب وجهات النظر وتولي موضوع ترتيب اللقاءات التي تحقق منها ثلاثة لقاءات في منزل رجل أعمال سنّي يقيم في عمان، وفي منتجع سياحي في العاصمة الأردنية أيضاً".
وتعتبر المفاوضات الأميركية مع القيادات المسلّحة السنّية الأولى من نوعها التي تجري بشكل مباشر، ويخشى الإعلان عنها من ردة فعل داخل الوسط المحلي الأميركي خصوصاً أن تلك الفصائل سبق أن قاتلت القوات الأميركية ونفذت عمليات قتل وأسر لجنود أميركيين، كما أنها ستكون مُحرجِة لحكومة حيدر العبادي أمام الجبهة الداخلية الشيعية، وفقاً للمصدر نفسه.
وبحسب الوزير العراقي الذي التقته "العربي الجديد" في مكتبه في بغداد، فإن الولايات المتحدة تسعى من خلال هذه المفاوضات الى إقناع تلك الفصائل بالانضمام إلى قوات الحرس الوطني أو الجيش الرديف الذي تعمل على تأسيسه في المدن ذات الغالبية العربية السنّية، فضلاً عن عزل تنظيم "داعش" وتحويل بنادق تلك الفصائل نحو هذا التنظيم بدلاً من قوات الجيش الحكومي، وذلك مقابل وعود بمكاسب سياسية وصفها الوزير بـ"الكبيرة". كما وعدت الولايات المتحدة بإعادة إعمار المدن السنّية المدمرة بفعل الحرب الأخيرة وإنهاء المليشيات الشيعية.
وأشار المسؤول نفسه إلى أن الاستخبارات الأميركية "استبقت بدء المفاوضات المباشرة بتسمية الشخصيات التي لها ثقل داخل المجتمع السنّي، واستبعدت شخصيات أخرى تتصدر وسائل الإعلام، وتطالب بحقوق العرب السنّة، لكن ليس لها كلمة مسموعة داخل الشارع السنّي" على حد وصفه.
وعن رأي حكومة العبادي حول المفاوضات، أوضح الوزير أن "العبادي أبدى موافقة حذرة، وطلب عدم إشراك حكومته بالموضوع بسبب حساسية وهشاشة التشكيلة الوزارية الجديدة"، مستدركاً أن "العبادي قرن نجاح المفاوضات واعتمادها بشكل رسمي بما يمكن أن يتحقق على الأرض لا ما يكتب على الورق".