كشفت عملية جمع الترشيحات للانتخابات المحلية المقررة في الجزائر في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل عن مفاجأة غير متوقعة وغير مسبوقة، إذ أعلنت سلطة الانتخابات في ولاية بجاية بمنطقة القبائل أن أربع بلديات لن تجرى فيها الانتخابات المحلية في موعدها المحدد، بسبب عدم استلام أية قائمة لمترشحين للانتخابات البلدية التي ستعقد متزامنة مع انتخابات المجالس الولائية.
وقال منسق السلطة المستقلة بولاية بجاية عاشور حشماوي، في تصريح صحافي، إن بلديات أقبو وتوجة وفرعون ومسيسنة لم تترشح فيها أي قائمة للانتخابات البلدية، مؤكداً أن اللجنة الانتخابية لم تتسلم أية قائمة بشأنها.
ولا يُعرف إلى الآن كيف سيتم التعامل مع هذه الحالة، خاصة أن المشرع لم يضع في القانون الانتخابي الجديد الصادر في مارس/ آذار الماضي احتمال ورود هذه الحالة وكيفية التعامل معها.
وعجزت الأحزاب والمستقلون عن تقديم قوائم في هذه البلديات، بما فيها حزب جبهة القوى الاشتراكية، الذي تعدّ بلديات ولاية بجاية ومنطقة القبائل أبرز مناطق تمركزه ومعاقله الرئيسة، بسبب رفض النخب المحلية الترشح، وموقفهم السياسي الحاد تجاه السلطة والمسار الانتخابي منذ بدايته في عام 2019، إذ تعرف هذه المناطق في الغالب مقاطعة كبيرة لمكاتب الاقتراع بلغت حدود 0.2 بالمائة في الانتخابات النيابية الماضية.
وفي نفس السياق، تبدو بعض البلديات الأخرى في الجزائر معرضة لأن تصبح بدون قوائم، في حال إسقاط القوائم القليلة التي تقدمت للترشح فيها لسبب أو لآخر، على غرار بلدية عين تقورايت بولاية تيبازة قرب العاصمة، والتي ترشحت فيها قائمة وحيدة للانتخابات، فيما لم يتعد عدد القوائم في أغلب البلديات بين قائمتين إلى خمس قوائم، بسبب مشكلة جمع التوقيعات.
ووجدت الأحزاب والمستقلون صعوبات كبيرة في جمع التوقيعات، إذ يشترط القانون الانتخابي جمع توقيعات بمعدل 35 توقيعاً عن كل مقعد في المجلس البلدي، إذ يختلف عدد مقاعد المجالس البلدية بحسب عدد السكان.
وكانت مساعي كتلة تضم 14 حزباً سياسياً باتجاه السلطة المستقلة للانتخابات، ثم الرئيس عبد المجيد تبون، لمطالبته بإجراء تعديل عاجل للقانون الانتخابي، يسمح بخفض سقف التوقيعات والاعتماد على آلية مجموع لائحة توقيعات وطنية تجمعها الأحزاب في حدود 30 ألف توقيع، قد باءت بالفشل، إذ رفضت السلطة هذا المقترح بسبب عدم كفاية الوقت لتعديل القانون الانتخابي.
وقال الخبير في القانون الدستوري أحمد بطاطاش، لـ"العربي الجديد"، إن "قانون الانتخابات لم ينص على حالة عدم وجود قوائم للانتخابات، وهذا إشكال يستدعي المراجعة لاحقا لتضمينه، والبلديات التي لا توجد فيها أي قائمة تضعنا أمام إشكال مطروح، وهو أن المجالس الحالية لهذه البلديات لم تنته عهدتها بعد، باعتبار أن انتخابات 27 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل هي انتخابات مسبقة، وما دام أنه لم يتم حل هذه المجالس، فإنه يصبح من الممكن قانوناً لهذه المجالس أن تواصل مهامها حتى نهاية عهدتها الكاملة نهاية السنة القادمة، وخلال هذه المدة بإمكان السلطات تنظيم انتخابات جزئية فيها".
وأضاف أنه "إذا ما انتهت عهدة الخمس سنوات للمجلس ولم تنظم انتخابات، فتُطبق الأحكام العامة للوصاية الإدارية، ويحل الوالي محل المجلس ورئيسه، ويعين متصرفاً إدارياً في انتظار تنظيم الانتخابات".
وأشار إلى أنه "بالنسبة لحالة وجود قائمة واحدة، فلا يثير الأمر إشكالاً قانونياً، صوت واحد تحصل عليه القائمة على مستوى البلدية يمكنها من الحصول على جميع مقاعد المجلس، فلا يوجد تنافس على هذه المقاعد".
وانتهت الخميس الماضي الآجال القانونية لإيداع قوائم المرشحين للانتخابات المحلية المقبلة، وضمن المفاجآت السياسية، كشفت مرحلة الترشيحات عن عجز حزب السلطة الأول، جبهة التحرير الوطني، للمرة الأولى عن المشاركة وتقديم قوائم مرشحين في عدد كبير من البلديات، بسبب النزيف الذي مس الحزب منذ الحراك الشعبي في فبراير/ شباط 2019، وتوجه المناضلين والشباب نحو أحزاب سياسية أخرى، أو الانخراط في قوائم المستقلين خاصة، على الرغم من الفوز الذي حققه الحزب في الانتخابات النيابية التي جرت في يونيو/ حزيران الماضي.