معسكرات تدريب الجيش اليمني: ثغرات وأهداف سهلة لهجمات الحوثيين

معسكرات تدريب الجيش اليمني: ثغرات وأهداف سهلة لهجمات الحوثيين

29 اغسطس 2021
ثغرات أمنية في صفوف القوات اليمنية (Getty)
+ الخط -

كشف الهجوم الذي طاول معسكر تدريب للجيش اليمني في قاعدة العند الجوية، جنوبي اليمن، ثغرات أمنية تجعل المواقع العسكرية البعيدة عن مسرح المواجهات الرئيسية أهدافاً سهلة للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، التي ترسلها جماعة الحوثيين وتسفر عن خسائر فادحة في الأرواح.  

وأعلن وزير الصحة اليمني قاسم بحيبح، في وقت متأخر من مساء السبت، عن أول حصيلة رسمية لضحايا الهجوم الحوثي، وذلك بعد ساعات من تضارب الأرقام.

وكشف المسؤول اليمني، في تغريدة على "تويتر"، عن مقتل 30 جنديا وإصابة 106 آخرين، قال إن إصابات بعضهم خطيرة، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.

وفي وقت سابق، قال مصدر عسكري في ألوية العمالقة الجنوبية، لـ"العربي الجديد"، إن جماعة الحوثيين استهدفت معسكراً تدريبيا لمجندين من العمالقة السلفية في قاعدة الجند في ساعات الصباح الأولى، أثناء انخراطهم في تدريبات داخل القاعدة العسكرية الاستراتيجية التي كانت مقراً لقوات سودانية منذ سنوات.
وأشار المصدر إلى أن بعض الجثث ما زالت متفحمة داخل القاعدة، فيما تم نقل عدد من المصابين إلى المرافق الصحية في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، وكذلك في محافظة عدن.
ولم تعلن جماعة الحوثيين رسمياً مسؤوليتها عن الهجوم الذي أكدت مصادر عسكرية أنه تم بثلاثة صواريخ باليستية تم إطلاقها من مطار تعز الدولي.

وهذا ليس الهجوم الأول من نوعه الذي يستهدف معسكر تدريب للجيش اليمني في المناطق المحررة من الحوثيين، حيث لجأت الجماعة، منذ مطلع العام 2019، إلى تنفيذ هجمات تطاول محافظات مختلفة، مستفيدة من ثغرات أمنية داخل صفوف القوات الحكومية.  

تكرر الهجمات الحوثية وجود اختراقات وخلايا نائمة تقوم بإبلاغ الحوثيين بموعد العروض العسكرية

ودشن الحوثيون أعنف الهجمات على قاعدة العند الجوية في محافظة لحج التي كانت مسرحا لهجمات اليوم الأحد، حيث أسفر الهجوم السابق الذي استهدف عرضا عسكريا عن 11 قتيلا وعشرات الجرحى، فارق أغلبهم الحياة بعد أشهر من العلاج، ومنهم قيادات رفيعة أبرزها نائب رئيس الأركان اللواء صالح الزنداني، ورئيس جهاز الاستخبارات اللواء محمد صالح طماح. 

ومطلع أغسطس/آب في العام ذاته، شن الحوثيون هجوما مماثلا استهدف عرضا عسكريا في منطقة البريقة بمدينة عدن، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 جنديا من القوات التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا.  

وكان الهجوم الدامي الذي استهدف معسكرا تدريبيا تابعا للواء الرابع حماية رئاسية في محافظة مأرب، مطلع العام 2020، إحدى أبرز الهجمات الموجعة التي تعرض لها الجيش اليمني بعد مقتل 100 مجند وإصابة 81 وفقا لتقارير رسمية. 

وخلال العام الجاري، شنت جماعة الحوثيين هجوما بعشر طائرات مسيرة استهدف معسكر تدريب لمجندين يمنيين في معسكر تشرف عليه القوات السعودية في منطقة الوديعة التابعة لمحافظة حضرموت، فضلا عن هجمات أخرى على معسكرات في أبين والضالع.  

وأكدت مصادر عسكرية، في أحاديث منفصلة لـ"العربي الجديد"، أن تكرار الهجمات الحوثية يكشف عن خلل عميق داخل المؤسسة العسكرية اليمنية، ووجود اختراقات وخلايا نائمة تقوم بإبلاغ الحوثيين بموعد العروض العسكرية.  

وأشارت المصادر إلى أنه رغم امتلاك الحوثيين طائرات استطلاع مسيرة تقوم برصد الأجواء فوق قواعد الجيش اليمني، فإن الجماعة لا تعتمد عليها بشكل كلي، وخصوصا في مواعيد تنفيذ الهجمات التي تتم لحظة وجود كثافة بشرية.  

وأقر رئيس مجلس الشورى اليمني أحمد عبيد بن دغر بالأخطاء التي تقع فيها القوات الحكومية، لافتا إلى أن تكرار الهجمات الحوثية في المكان ذاته "يجعل الحدث يبدو كملهاة وليس مأساة". 

وقال بن دغر في تغريدة على "تويتر": "كلما حاولت الذاكرة التاريخية لليمنيين نسيان جرائمهم وأفعالهم الشنيعة، ارتكب الأئمة المعاصرون جريمة أخرى، وللأسف تتكرر الأحداث عندنا لتؤكد صحة المقولة التاريخية التي تقول عندما تتكرر أحداث التاريخ تكون في المرة الأولى كمأساة وفي الثانية كملهاة، لكن التكرار في المكان نفسه يبرز طبيعة الحدث كملهاة، وإلا فكيف لنا نحن أن نرتكب الخطأ نفسه في المكان نفسه، فنعرض حياة الجنود أكثر من مرة لنيران العدو". 

وأضاف: "يرتكب الحوثيون جرائمهم بمساعدة من البعض منا، إما جهلًا وتأثرًا بعمل دعائي أتقن الأئمة صناعته والقيام به منذ زمن طويل، ينطوي بالضرورة على شروحات ومقولات دينية كاذبة وعنصرية، وأخرى تاريخية، أو كليهما معًا، ويتبعهم البعض كالعبيد للحاجة وطرد شبح الجوع، فقد أوقَف الأئمة كل إيرادات اليمن لتمويل حروبهم، وكذلك يفعل الحوثيون اليوم، فلا يبقى لليمني غير القتال إلى جانبهم ليعيش". 

وأصاب هجوم صباح الأحد كافة قيادات الحكومة اليمنية بنوع من الصدمة، حيث اعتبرت ذلك دلالة على "الخطر الوجودي للمليشبات الحوثية ومشروعها الذي يستهدف اليمن من أقصاه إلى أقصاه"، ودعت في المناسبة إلى اتخاذ الجريمة "مناسبة للتكاتف والتلاحم". 

وقال الرئيس عبد ربه منصور هادي، في برقية عزاء لأسر ضحايا الهجوم، "من يتخيل أنه سيكون بمنأى عن مشروع الموت الذي تقوده مليشيا الحوثي- بدعم إيراني - فهو واهم، وعلينا جميعا في الصف الجمهوري أن نعي ذلك جيدا وأن نوجه سهامنا نحو هذا العدو". 

رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك وصف العملية بـ"الغادرة "، وقال إن الجميع "أمام منعطف تاريخي في مواجهة هذا الخطر الحوثي"، كما شدد على "ضرورة تجاوز كل الخلافات والتباينات والتسريع باستكمال تنفيذ اتفاق الرياض بجميع جوانبه، بما من شانه توحيد الصف الوطني لاستكمال المعركة المصيرية والوجودية ضد المشروع الإيراني عبر وكلائه من مليشيا الحوثي الانقلابية". 

واعتبر وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني أن الهجوم "يثبت أن كامل التراب اليمني مستهدف من قبل مليشيا إرهابية لا عهد لها ولا ميثاق ولا أخلاق"، لافتا إلى أن "على اليمنيين إدراك أن الجميع سيدفع الثمن باهظا إذا ما استمرت خلافاتهم وتبايناتهم، فيما المليشيا الحوثية تتربص بهم دون تفريق". 

وخلافاً لدعوات التكاتف في وجه الحوثيين، اعتبر البرلمان الموالي للحكومة المعترف بها دولياً أن الهجوم الحوثي على قاعدة العند "رد من مليشيا الحوثي على خيار السلام الذي رفضته وترفضه دوماً، ودليل على استهتارها بكافة القوانين والأعراف الدولية وعدم جديتها للسلام".