معركة كورونا تستعر: بايدن يلمّح إلى صناعة الصين الفيروس

معركة كورونا تستعر: بايدن يلمّح إلى صناعة الصين الفيروس

28 مايو 2021
تأثرت الولايات المتحدة بشدّة من تفشي وباء كورونا (Getty)
+ الخط -

لم تطوِ الولايات صفحة "كيفية نشوء فيروس كورونا"، مع رحيل الرئيس السابق دونالد ترامب، بل عاد الملف إلى الواجهة مجدداً، مساء أمس الأول الأربعاء، مع طلب الرئيس جو بايدن من هيئات الاستخبارات إعداد تقرير حول أصل الفيروس، وسط جدل متزايد حول بداية ظهوره، وما إذا كان الفيروس قد تسرب من أحد المصانع في الصين.

وطلب بايدن من هيئات الاستخبارات الأميركية "مضاعفة جهودها"، وتقديم تقرير له في غضون 90 يوماً، وسط تحذيرات صينية من "تسييس الجهود الرامية إلى تحديد أصل الفيروس". وأقرّت إدارة بايدن بأن هيئات الاستخبارات الأميركية منقسمة حول أصل كورونا، فهناك من يعتقد أنه ظهر للمرة الأولى في مختبر، وهناك من يرى أنه انتقل من حيوان إلى الإنسان. ويمثّل هذا الأمر تحوّلاً كبيراً، مقارنة مع حالة الاستخفاف التي سادت في وسائل الإعلام الأميركية، العام الماضي، بشأن فرضية تسرّبه من مختبر، حين طرحها ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو. ولم يساعد موقف ترامب وبومبيو في دعم هذه الفرضية بسبب الأسس التي استندت إليها شكوكهما. وظهرت تلك الفرضية، إلى جانب تكهنات أخرى يصعب تصديقها، مثل فرضية أن الفيروس صُنع في مختبر صيني، إذ لا يزال الأمر غير محتمل بدرجة كبيرة. ولكن بايدن تعهد بإجراء تحقيق كامل، وإن وجدت الولايات المتحدة دليلاً قاطعاً على تسربه من المختبر، فإن ذلك قد يشكّل اختباراً حقيقياً للعلاقات الأميركية ـ الصينية لسنوات مقبلة.

رغم التوتر إلا أن العلاقات التجارية تتطوّر بين البلدين

وفي بيان صادر عن البيت الأبيض، مساء الأربعاء، طلب الرئيس الأميركي تقريراً عن أصول كورونا، بما في ذلك إن "كان المرض ظهر نتيجة اتصال بشري مع حيوان مصاب أو إثر وقوع حادث في مختبر". وعند تسلّمه التقرير هذا الشهر، طلب بايدن "متابعة إضافية". وقال: "توافقت أجهزة الاستخبارات الأميركية حول سيناريوهين محتملين، لكنها لم تتوصل إلى نتيجة نهائية حول هذه القضية". وطلب أن يبقى الكونغرس "على اطلاع كامل" على الأمر، مشدّداً على أن الولايات المتحدة "ستتابع العمل مع الشركاء الذين يشاركونها الرأي، للضغط على الصين للمشاركة في تحقيق دولي كامل وشفاف قائم على الأدلة، وإتاحة جميع البيانات والأدلة ذات الصلة".

ويعتقد مستشار جو بايدن للشؤون الطبية، أنتوني فاوتشي، أن الفيروس قد انتقل من الحيوانات إلى البشر، رغم اعترافه هذا الشهر بأنه لم يعد متأكداً من أن الفيروس ظهر بشكل طبيعي. ويأتي بيان بايدن بعد يوم على إلقاء وزير الصحة الأميركي كزافييه بيسيرا كلمة، حثّ فيها منظمة الصحة العالمية على ضمان "شفافية" التحقيق حول أصول الفيروس. وأضاف بيسيرا: "لم يسرق كورونا عاماً من حياتنا فحسب، لقد سرق ملايين الأرواح". ودعا إلى "إطلاق المرحلة الثانية من دراسة مصدر كورونا مع أطر مرجعية شفافة، تستند إلى العلم، وتمنح الخبراء الدوليين الاستقلالية لتقييم مصدر الفيروس بشكل كامل، بالإضافة إلى الأيام الأولى من تفشي المرض".

وردّت السفارة الصينية في الولايات المتحدة على خطوات بايدن، معتبرة أن "تسييس منشأ كورونا سيعرقل التحقيقات". وأضافت في بيان أن "القوى السياسية ركزت على التلاعب السياسي ولعبة إلقاء اللوم"، مشيرة إلى أن الصين تدعو إلى "دراسة شاملة لجميع الحالات المبكرة لكورونا التي ظهرت في جميع أنحاء العالم، وإلى إجراء تحقيق شامل في بعض القواعد السرية والمختبرات البيولوجية في جميع أنحاء العالم".

وفي العام الماضي، رفضت الصين ادّعاءات حول تسرّب الفيروس من مختبر، ووضعتها في خانة نظريات المؤامرة، وذلك بعد قول ترامب إن معهد ووهان لعلم الفيروس كان مصدر الفيروس. وحينها وصفت العديد من وسائل الإعلام الأميركية تصريحاته بأنها "كاذبة". وسعى ترامب للحصول على اعتراف بفضله في بيان أرسله إلى صحيفة "نيويورك بوست"، جاء فيه: "بالنسبة لي كان الأمر واضحاً منذ البداية، لكني كالعادة تعرضت لانتقادات شديدة". وأضاف: "الآن جميعهم يقول لقد كان على حق". وربطت السلطات الصينية بين حالات الإصابة الأولى بالفيروس وسوق للمأكولات البحرية في ووهان. ويعتقد علماء أن الفيروس انتقل من الحيوانات إلى البشر. وأخيراً أشارت وسائل إعلام أميركية إلى وجود أدلة متزايدة حول تسرب الفيروس من مختبر صيني.

لكن بكين دانت هذه التقارير، وأشارت إلى أن الفيروس "ربما تسرّب من مختبر أميركي". وكانت منظمة الصحة العالمية بالاشتراك مع علماء صينيين أصدروا تقريراً مكتوباً حول مصدر كورونا في مارس/آذار الماضي، لم يرجح ظهور الفيروس في مختبر. وأقرّت المنظمة بالحاجة إلى المزيد من الدراسات. في المقابل، أشارت التقارير المنسوبة إلى الاستخبارات الأميركية إلى أن ثلاثة من أعضاء معهد ووهان لعلم الفيروسات، نُقلوا إلى المستشفى في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، قبل أسابيع من إقرار الصين بوجود أول حالة إصابة بكورونا.

ترامب: لقد كنت محقاً ولكن كالعادة تعرّضت للانتقادات

غير أن التوتر في موضوع الفيروس، لم يمنع واشنطن وبكين من التواصل تجارياً، مع إعلان وزارة التجارة الصينية، أمس الخميس، أنّ مسؤولَين كبيرين من الصين والولايات المتّحدة مكلّفين الملفّ التجاري بين البلدين، أجريا محادثة هاتفية هي الأولى من نوعها في عهد بايدن. وذكرت الوزارة في بيان، أنّ نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو هي أجرى مع ممثّلة التجارة الأميركية كاثرين تاي محادثة هاتفية "صريحة وبراغماتية"، مشيرة إلى أنّ المباحثات بينهما كانت "بنّاءة" وجرت في جوّ من "المساواة والاحترام المتبادل".

وتدهورت العلاقات بين بكين وواشنطن في عهد ترامب، وطغى عليها نزاع تجاري دار بين أكبر قوّتين اقتصاديتين في العالم. وفي يناير/كانون الثاني 2020، وقّع البلدان اتفاقاً تجارياً لإنهاء حربهما التجارية التي استمرّت سنتين، وقد تضمّن الاتفاق أحكاماً تتعلق بحماية الملكية الفكرية وشروط نقل التكنولوجيا، وهي متطلّبات رئيسية للولايات المتحدة. لكن إدارة بايدن أعلنت، في شهر إبريل/نيسان الماضي، أنّها بصدد تقييم الوعود التي قطعتها الصين بموجب هذا الاتّفاق لتبيان مدى التزامها بها. وكانت تاي التي تولّت في شهر مارس/آذار الماضي منصب ممثّلة التجارة الأميركية، قد قالت إنّ "قدرة" الصين على الوفاء بالتزاماتها تجاه الولايات المتّحدة هي "أولوية".

(رويترز، أسوشييتد برس، فرانس برس)

المساهمون