استمع إلى الملخص
- قرار الحكومة جاء بعد رفض البرلمان الأوروبي لنتائج الانتخابات البرلمانية، التي وصفتها المعارضة بالمزورة، مما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا، حيث يطمح 80% من الجورجيين للانضمام للاتحاد الأوروبي.
- تتسارع معركة الاستقطاب بين روسيا والغرب، حيث يرفض الجيل الشاب الخضوع للنفوذ الروسي، وسط جهود رئيسة البلاد لتوحيد المعارضة ضد الحزب الحاكم الموالي لموسكو.
شهدت العاصمة الجورجية تبليسي، الليلة الماضية، تظاهرة حاشدة، تخللتها اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين ورجال الأمن، أفضت إلى اعتقال عدد من النشطاء وتفريقهم، وذلك على خلفية إعلان الحكومة تعليق محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2028.
وبحسب جمعية المحامين الجورجيين الشباب، فإن عناصر الشرطة استخدموا أساليب "غير قانونية لتفريق المتظاهرين"، مؤكدة في بيان صادر عنها أن لديها "أدلة على وجود انتهاكات قانونية، منها استهداف وجوه المتظاهرين برذاذ الفلفل، وإضافة مواد كيميائية تسبب تهيجا جلديا في مدافع المياه التي تم استخدامها لتفريقهم". كما تعرض عدد من الصحافيين المحليين لإصابات متوسطة خلال استخدام قوى الأمن للقوة المفرطة لوقف التظاهرة، التي استمرت رغم ذلك إلى ما بعد الفجر.
وقد اندلعت هذه التظاهرة إثر إعلان رئيس وزراء البلاد، إيراكلي كوباخيدزه، تعليق محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2028، متهما بروكسل بـ"ابتزاز" حزب الحلم الجورجي الحاكم، إذ قال: "قررنا عدم طرح قضية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على جدول الأعمال حتى نهاية عام 2028".
واتخذت الحكومة الجورجية القرار بعد بضع ساعات من إقرار البرلمان الأوروبي رفضه لنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في هذا البلد القوقازي يوم 26 أكتوبر/ تشرين الأول، والتي تؤكد رئيسة البلاد، سالومي زورابشفيلي، وكافة أطياف المعارضة السياسية، أنها "مزورة"، وأن الحزب الحاكم، الموالي لموسكو عمد إلى التمسك بالسلطة للحيلولة دون انضمام هذا البلد السوفييتي السابق إلى الاتحاد الأوروبي، رغم أن هذه رغبة نحو 80% من سكان البلاد، وفقا لاستطلاعات الرأي المحلية.
وكان قرار الاتحاد الأوروبي قد دعا إلى إجراء انتخابات جديدة في غضون عام، تحت إشراف دولي، إضافة إلى فرض عقوبات على كبار المسؤولين في جورجيا، ومن ضمنهم كوباخيدزه نفسه، والذي أفضت ردة فعله إلى احتشاد آلاف المتظاهرين أمام مبنى البرلمان، ومحاولة اقتحامه من قبل عدد منهم.
يُذكر أن رئيسة البلاد، التي نشأت وترعرعت في العاصمة الفرنسية باريس، كانت منذ شهر أيار/ مايو الماضي، تبذل جهودها لتوحيد المعارضة بهدف تنحية الحزب الحاكم، والمضيّ بمستقبل بلادها إلى أحضان الاتحاد الأوروبي، رغم أن علاقات تاريخية كانت تجمعها بالرئيس الفخري لـ "الحلم الجورجي" الملياردير بدزينا إيفانشفيلي، والذي تصارعه اليوم في معركة التبعية لموسكو أو بروكسيل. كما كانت زورابشفيلي قد تقدمت بطعن في المحكمة الدستورية لإلغاء نتائج الانتخابات، معتبرة أن البرلمان الجديد "غير دستوري".
واليوم، يتسارع إيقاع معركة استقطاب هذا البلد بين الإدارة الروسية والحكومات الغربية. وقد يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد نجح بتدجين الحكومة الجورجية، لكنّ للشعب الذي عانى طيلة حقبة الدكتاتورية السوفييتية رأياً آخر، رغم أن أعتى فترات معاناته كانت أثناء حكم ابن بلاده، جوزيف ستالين.
ويرفض الجيل الشاب وضع مستقبل بلاده على طاولة رغبات الزعيم القيصري، فلاديمير بوتين. وبالتالي، فإن إصرار إيفانشفيلي على لعب دوره كدمية لبوتين، المتورط في حربين حاسمتين في كل من أوكرانيا وسورية، من شأنه فتح الباب على الاحتمالات كافة.