حالة من النشاط تشهدها الاتصالات المصرية التركية مؤخراً على مستويات عدة، وسط دفع نحو تطوير العلاقات وزيادة التنسيق بين البلدين.
وفي هذا الصدد، كشف دبلوماسي مصري أن "هناك ترتيبات تم التوافق عليها بين وزارتي الخارجية، لعقد لقاء بين وزيري خارجية مصر سامح شكري وتركيا مولود جاووش أوغلو، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة" التي تنطلق أعمالها في 12 سبتمبر/ أيلول الحالي، في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، وتستمر حتى الـ27 من الشهر نفسه.
وبحسب الدبلوماسي المصري، فإن "تلك النوعية من اللقاءات، في ظل الأجواء بين البلدين، لا يمكن تحديدها والاتفاق عليها قبل الضوء الأخضر من القيادة السياسية للبلدين، وهو ما يشير إلى حلحلة في الأزمة التي تشهدها العلاقات بين البلدين منذ 2013".
فشل الاتفاق على اجتماع بين السيسي وأردوغان
وأكد الدبلوماسي المصري أنه "كانت هناك محاولات لترتيب لقاء سريع على مستوى رئيسي البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن تلك المحاولات لم تقد إلى اتفاق واضح".
فشلت محاولات عقد لقاء بين السيسي وأردوغان في نيويورك
ولفت إلى أنه "كانت هناك مجموعة من الاقتراحات، بينها ترتيب لقاء عابر وسريع بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان، حتى ولو حصل ذلك خلال مرورهما في الممرات المؤدية لقاعات الاجتماعات" بهدف "كسر الحاجز بين الرئيسين، بحيث يكون ذلك تمهيداً لإطلاق لقاءات أعلى في المستوى بين مسؤولي البلدين، حتى تنتهي خلال فترة قادمة إلى قمة بين الزعيمين".
وفي 19 أغسطس/ آب الماضي، أطلق أردوغان تصريحات وصفت بـ"إشارات إيجابية" على صعيد استعادة العلاقات مع مصر، بقوله إنّ "الشعب المصري شعب شقيق ولا يمكن أن نكون في حالة خصام معه".
وأضاف أردوغان، في تصريحات أدلى بها للصحافيين عقب عودته من أوكرانيا، أنّ "على تركيا ضمان الوفاق مع الشعب المصري بأسرع وقت ممكن، وتحتاج إلى السلام معه قريباً".
ورجح دبلوماسي مصري "إطلاق جولة جديدة من المباحثات الاستكشافية قبل نهاية العام الحالي"، مشيراً إلى أنه "قد يتم الاتفاق على موعد الجولة الجديدة، وإزالة المعوقات التي تمنع عقدها خلال لقاء شكري وجاووش أوغلو في نيويورك".
وشهد العام الماضي جولتين من المباحثات الاستكشافية بين البلدين، حيث ترأس وفد مصر خلالهما مساعد وزير الخارجية حمدي سند لوزا، فيما ترأس وفد تركيا نائب وزير الخارجية سادات أونال، وكانتا بمثابة كسر حالة القطيعة بين البلدين.
وفي أعقاب الجولة الثانية التي عقدت مطلع سبتمبر/أيلول العام الماضي، اتخذت تركيا قرارات متعلقة بعدد من فضائيات المعارضة المصرية التي كانت تبث من إسطنبول، وأخرى تتعلق بعدد من الإعلاميين المناوئين للنظام، وهي الإجراءات التي قوبلت باستحسان مصري.
اجتماعات للسيطرة على الأوضاع في ليبيا
وعلى صعيد التقارب في الملفات المختلفة، كشف مسؤول مصري مطلع على عمل اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي عن "اجتماعات تنسيقية تجرى، في الوقت الراهن، بين مسؤولين من الولايات المتحدة ومصر وتركيا، بهدف البحث عن سبل للسيطرة على الأوضاع في ليبيا، ومنع انزلاقها إلى مواجهة عسكرية جديدة، في أعقاب المواجهات التي شهدتها العاصمة طرابلس بين مجموعات مسلحة موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وأخرى موالية لرئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا".
وقال المسؤول المصري، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك اجتماعين أُجريا في هذا السياق، على صعيد مسؤولين استخباريين من البلدان الثلاثة، بحثوا خلالهما سيناريوهات احتواء التصعيد بين الدبيبة وباشاغا، لمنع تحول الصراع إلى احتراب أهلي بين أنصار الجانبين".
في غضون ذلك، وجهت تركيا الدعوة لكل من باشاغا والدبيبة لعقد سلسلة من اللقاءات على أراضيها، فيما يبدو أنها جاءت كأحد مخرجات الاجتماعات التنسيقية بين القاهرة وأنقرة وواشنطن.
عقدت اجتماعات تنسيقية أميركية مصرية تركية للسيطرة على الأوضاع في ليبيا
وعقد الدبيبة، في إسطنبول، الأول من أمس الخميس، اجتماعاً مع وزيري الدفاع التركي خلوصي أكار والخارجية مولود جاووش أوغلو ورئيس المخابرات هاكان فيدان لبحث تطورات الوضع في ليبيا. وقال المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة الليبية، في بيان مقتضب، إن اللقاء الذي عقد في إسطنبول جاء في إطار "توحيد الجهود الدولية والمحلية لدعم الانتخابات في ليبيا".
تسارع الخطوات الاقتصادية بين مصر وتركيا
وفي مقابل الملف الليبي، يشهد الملف الاقتصادي خطوات متسارعة بين مصر وتركيا، حيث شهدت الأيام الأخيرة زيارة هي الأولى من نوعها، بعد تنظيم وزارة الصناعة التركية والمجلس التصديري التركي ملتقى لرجال الأعمال في القاهرة، بمشاركة 50 من كبار رجال الأعمال الأتراك، لاستكشاف مجالات التعاون مع عدد من رجال الأعمال المصريين.
وقال دبلوماسي مصري سابق إنه "من الواضح أن العلاقات المصرية - التركية في طريقها إلى التحسن، لا سيما بعد تحسن العلاقات المصرية - القطرية، والحديث عن لقاء مرتقب بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس السيسي".
وأضاف الدبلوماسي، في تحليله، أنه "من جانب تركيا، فإن أنقرة تتبع حالياً سياسة صفر مشاكل. ولذلك فهي انفتحت على إيجاد حلول لملف جماعة الإخوان المسلمين، ومسألة وجودهم في تركيا، في سبيل إعادة العلاقات مع مصر".
وأوضح أنه "في سبيل تحقيق صفر مشاكل، سعت أنقرة للانتقال إلى مرحلة متقدمة في إطار العلاقة مع مصر، مثل ما استعادت العلاقات مع السعودية والإمارات، إضافة إلى تطبيع العلاقة مع إسرائيل، وذلك سببه الأساسي رغبة تركيا في النمو الاقتصادي".