مصر والتحالف الإقليمي العسكري: ممانعة رسمية ورفض شعبي وحزبي

مصر والتحالف الإقليمي العسكري: ممانعة رسمية ورفض شعبي وحزبي

16 يوليو 2022
تعلم النظام كيفية استغلال الغضب الشعبي (أحمد عبد الجواد/فرانس برس)
+ الخط -

بينما يحضر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القمة الأميركية - الخليجية المقرّرة اليوم السبت، في مدينة جدة السعودية، والتي من المتوقع أن تناقش "بناء تحالف عسكري ضد إيران بمشاركة إسرائيل"، يعقد حزب "الكرامة" المصري، ذو التوجه القومي، مؤتمراً ضد "التحالف العربي الصهيوني" في مقر الحزب بمنطقة الدقي في القاهرة، وهو ما يعتبر حدثاً نادراً، إذ إنه بعد اعتلاء السيسي سدة الحكم في مصر، منعت الأحزاب من أي أنشطة سياسية جماهيرية.

وقالت مصادر سياسية لـ"العربي الجديد"، إن مؤتمر حزب "الكرامة" الرافض لـ"التحالف العربي الإسرائيلي" الذي تروج له حكومة الاحتلال الإسرائيلي وبعض الأصوات الأميركية، حصل على مباركة الأجهزة الأمنية، وكذا بعض المواقف السياسية الأخرى لكيانات سياسية وشخصيات مثل المرشح السابق لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي، والتي أعلنت عن رفضها الدخول في أي تحالفات عسكرية تضم الكيان الصهيوني.

وأوضحت المصادر أن "السماح بإقامة مؤتمر جماهيري في الوقت الذي تحارب فيه الأجهزة الأمنية أي نشاط سياسي، يأتي نتيجة حاجة النظام السياسي المصري الآن إلى ورقة يستخدمها في المناورة أثناء المفاوضات مع الجانب الأميركي في القمة المرتقبة في جدة".

وجود حراك شعبي مضاد للخطط الأميركية الصهيونية بالمنطقة، يفيد السيسي في مواجهة بايدن

وأشارت المصادر إلى أن "الأجهزة الأمنية المصرية تمنع منعاً باتاً أي نشاط سياسي جماهيري منذ تولي الرئيس السيسي الحكم، حتى أن أي تجمّع لأكثر من 5 أشخاص تعتبره الأجهزة تجمعاً يشكل خطراً على الأمن العام، ويمكن إلقاء القبض على المشاركين فيه".

وأضافت المصادر أن "لنا في ما حدث في النادي السويسري (الجيزة) عام 2018 عبرة، عندما اقتحم "مجهولون" حفل إفطار رمضاني نظمته "الحركة المدنية الديمقراطية"، واتهم وقتها بعض المشاركين من المعارضين من وصفوهم ببلطجية النظام بتدبير حادث الاقتحام".

مصر: رفض حزبي لتحالف عسكري مع إسرائيل

وأكدت "الحركة المدنية الديمقراطية"، في بيان صدر عنها يوم الثلاثاء الماضي، أنها "ترفض بشكل قاطع مشاريع الدفاع الجماعي العربي تحت القيادة الأميركية وبمشاركة الكيان الصهيوني".

وأضاف البيان أن "أحزاب وشخصيات الحركة المدنية الديمقراطية على يقين من وجود فرص كثيرة للتفاهم العربي - الإيراني، على كل الأصعدة وفي كل الجبهات، بعيداً عن المطامح الإيرانية والأطماع الصهيونية والأولويات الأميركية".

ودعا البيان "حكومات طهران والسعودية والإمارات بالذات، إلى استكشاف تلك الفرص وإحياء سياسات الصداقة وحُسن الجوار"، كما دعا "كل الحكومات العربية إلى تفعيل الأطر العربية المُنظّمة لحركتها ومصالحها، وفي مقدمتها جامعة الدول العربية، وتفعيل اتفاقات الدفاع المُشتركة، حمايةً لاستقرار دولها وصيانةً لأمن شعوبها ودفاعاً عن مصالحها الوطنية والقومية العليا".

تقارير عربية
التحديثات الحية

بدورها، دعت "اللجنة الوطنية لنصرة فلسطين" إلى مؤتمر في مقر حزب الكرامة اليوم السبت تحت عنوان "لا لتحالف عربي صهيوني".

وقالت اللجنة، في بيان، إنه "وسط دعايات وادعاءات كاذبة للترحيب بالرئيس الأميركي جو بايدن في زيارته للمنطقة وأهدافها المعلنة؛ دمج الكيان الصهيوني في المنطقة، وإعلان "تحالف عسكري" يضم دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق و"إسرائيل" في مواجهة "الخطر الإيراني"، تنبه اللجنة الوطنية لنصرة فلسطين إلى الأهداف الحقيقية لزيارة الرئيس الأميركي، وهي تقسيم المنطقة طائفياً وإدارة الحروب بالوكالة، بينما تنهب الولايات المتحدة ثروات الأمة من غاز وبترول وأموال لتعوض خسائرها، وتكرس هيمنتها على الوطن العربي، عبر ربيبتها وصنيعتها "إسرائيل"، لتعويض تراجعها في أوروبا، بعد هزيمتها في أوكرانيا".

ودعت اللجنة "الشعب العربي عامة، والمصري خصوصاً، بكل قواه الوطنية الحية، لإعلان رفض تلك الأحلاف المشبوهة المهددة لأمن وسلام وطننا العربي".

وقالت المصادر إن "وجود حراك شعبي مضاد للخطط الأميركية الصهيونية الخاصة بالمنطقة العربية، وتحديداً عند لقاء الرئيس السيسي بنظيره الأميركي جو بايدن في السعودية، أمر يفيد السيسي في مواجهة بايدن، الذي طالما وجّه الانتقادات للنظام المصري في ملف حقوق الإنسان وحرية التعبير".

مسألة حسّاسة للمؤسسة العسكرية المصرية

وقالت مصادر خاصة، إن "مسألة دخول مصر في تحالف عسكري يضم الاحتلال الإسرائيلي، أياً كانت أهدافه، أمر يقابل برفض قوي داخل المؤسسة العسكرية المصرية، وبين قيادات القوات المسلحة، وهيئة الأمن القومي التابعة لجهاز المخابرات العامة، ولذلك فإنه من الصعب على الرئيس السيسي الموافقة على أمر كهذا بعد لقاء الرئيس بايدن، لأنه سيكون حينها في موقف صعب للغاية يهدد أساس المؤسسة العسكرية التي تحكم مصر منذ حركة الضباط الأحرار في يوليو/تموز عام 1952، والتي قامت على مبادئ القومية العربية ورفض الكيان الإسرائيلي".

ولفتت المصادر، التي حضرت لقاءً مع أحد القادة العسكريين البارزين، والمسؤول عن جهاز حسّاس في القوات المسلحة، إلى أن "المسؤول العسكري البارز، أكد خلال اللقاء أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ستظل هي العدو التقليدي لمصر، مهما كانت الظروف السياسية، ومهما كانت درجة تقارب الأنظمة معها".

وكانت مصادر مصرية خاصة قد كشفت لـ"العربي الجديد"، عن أن "هناك تياراً قوياً داخل القوات المسلحة المصرية وهيئة الأمن القومي التابعة لجهاز المخابرات العامة، عبّر أخيراً عن رفضه التام لفكرة مشاركة مصر في أي تحالفات عسكرية موجهة ضد إيران".

يمكن للسيسي أن يستخدم حالة الغضب الشعبي في مصر من إسرائيل لمساومة بايدن بملف حقوق الإنسان

من جهتها، قالت المصادر السياسية إن "حالة الرفض القوي داخل المؤسسة العسكرية لدخول مصر في تحالفات عسكرية إقليمية موجهة ضد إيران، وجدت من يعبّر عنها في صفوف المعارضة المصرية، وتحديداً التيار الناصري الذي يقوده الأمين العام للمؤتمر القومي العربي حمدين صباحي والأحزاب المتحالفة معه داخل الحركة المدنية الديمقراطية".

ومن هذه الأحزاب: الكرامة، العربي الديمقراطي الناصري، التحالف الشعبي الاشتراكي، الاشتراكي المصري، المصري الاجتماعي، العيش والحرية، الدستور، الوفاق، الشيوعي المصري، والمحافظين.

ولفتت المصادر إلى أن هذه الأحزاب "هي نفس المجموعة التي قبلت ورحبت بالحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في إبريل/نيسان الماضي، والذي من المقرر انطلاقه خلال أيام، تلبية لنصائح غربية وأميركية بضرورة إجراء حوار سياسي في البلاد".

المعارضة والشعب... ورقتا السيسي لمساومة بايدن

وقال أحد القيادات الحزبية البارزة، إن "الرئيس السيسي يمكن أن يستخدم حالة الغضب الشعبي في مصر من إسرائيل، لاسيما مع الكشف عن وجود مقبرة لجنود مصريين استشهدوا حرقاً على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي والعصابات الصهيونية في حرب 1967، والموقف الرافض للدخول في أحلاف عسكرية إقليمية تضم إسرائيل، في مساومة الرئيس الأميركي في ملف حقوق الإنسان، والادعاء بأن فتح المجال العام أمام النشاط السياسي المعارض، من شأنه أن يثير مشاعر الغضب والكراهية ضد إسرائيل داخل المجتمع المصري، وبالتالي يخف الضغط على النظام المصري في ملف حقوق الإنسان".

المساهمون