أرجأت محكمة جنايات القاهرة المصرية، اليوم السبت، جلسة محاكمة المتابعين في القضية المعروفة إعلامياً بـ"الاتجار في الآثار"، المتهم فيها رجل الأعمال حسن راتب، ونائب البرلمان السابق علاء حسانين، و21 آخرون، بـ"تشكيل عصابة للاتجار بالآثار، وتمويل عمليات التنقيب عنها، وحيازة كمية كبيرة من الآثار تمهيداً لبيعها وتهريبها خارج البلاد"، وذلك إلى جلسة 12 فبراير/شباط المقبل، للاستماع لأقوال الشهود، مع استمرار حبس المتهمين.
وطلب راتب الجلوس في غرفة المداولة السرية، قائلاً أمام هيئة المحكمة: "لا يوجد لدي فكرة عن ما ورد في القضية، وأقسم بالله لا أعرف شيئاً على الإطلاق بخصوص موضوع الاتجار في الآثار"، مستدركاً: "هناك شيآن مهمان لا يجب الإفصاح عنهما، حفاظاً على الأمن القومي للبلاد"، حسب تعبيره.
فيما قال حسانين: "يوجد كلام خطير لدينا عن دور الأمن في هذه القضية، ولذلك نريد عقد جلسة سرية"، مضيفاً: "أرغب في الحديث عن أشياء مهمة تتعلق بالأمن القومي المصري، وأطالب بإعدامي لو أنّ حديثي كان غير مهم"، على حد قوله.
من جهته، قال المحامي فريد الديب، رئيس هيئة الدفاع عن راتب: "أرجو من المحكمة أن تفصل في طلبي لما لديها من سلطات، بموجب المادة 151 من قانون الإجراءات الجنائية، وذلك بالإفراج عن المتهم المحبوس بأي مبلغ مالي"، متابعاً: "موكلي يعاني من مرض السرطان، ولذلك نطالب بالإفراج عنه، وإيداعه للعلاج في أحد المستشفيات الحكومية على نفقته الخاصة".
وأضاف الديب: "موكلي ذهب إلى مستشفى قصر العيني في القاهرة أكثر من مرة لتلقي العلاج، وأجرى عملية جراحية بعد أخذ الإذن من المحامي العام، نظراً لمعاناته من مرض خطير استشرى في جسده"، مستكملاً: "الرجل (راتب) يواجه خطر الموت، وأخاطب وجدان المحكمة، والإنسان في شخص القضاة، بأن يصدروا قراراً بالإفراج عنه بأي ضمان".
وزاد بقوله: "جميع المتهمين في القضية ليسوا مسجونين في سجن عمومي، ولكن في سجن مركزي غير تابع لمصلحة السجون، بل يتبع مديرية أمن القاهرة"، خاتماً: "عندما فوجئت بتطبيق لائحة السجون عليه، تقدمت بطلب آخر لنقله إلى مستشفى قصر العيني (المبنى الاستثماري)".
وكانت مصادر مصرية خاصة قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أنّ زيارة وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إلى القاهرة، الشهر الماضي، لحضور اجتماعات اللجنة المصرية السعودية المشتركة، تطرّقت إلى تفاصيل قضية الاتجار في الآثار التي ينظر فيها القضاء المصري، موضحة أنّ الوزير السعودي جاء إلى القاهرة حاملاً رسالة مهمة، بسبب الحديث عن تورط ثلاث شخصيات سعودية في القضية.
وأضافت المصادر أن الرسالة التي حملها بن فرحان كانت تهدف للبحث عن مخرج لهذا المأزق، والخاص بوجود أسماء المتهمين السعوديين، الذين وردت أسماؤهم في التحريات والتحقيقات.
راتب: الآثار خرجت بمعرفة جهات رسمية
بينما كشف مصدر مطلع على تحقيقات القضية أنّ "راتب أكد خلال التحقيقات أنّ الآثار محل الاتهام خرجت من مصر بمعرفة جهات رسمية، ودخلت إلى الإمارات بمعرفة جهات رسمية، وأن دوره لم يكن أكثر من وسيط في هذه القضية".
وفي 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قررت الدائرة السادسة عشرة في محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار عبد السلام يونس، التنحي عن نظر القضية، وإحالتها إلى محكمة الاستئناف لتحديد دائرة جنايات أخرى لنظرها بدعوى "استشعارها الحرج".
وحصل "العربي الجديد" على معلومات موثقة من أكثر من مصدر، بشأن ورود اسم سفير الإمارات لدى القاهرة، حمد سعيد الشامسي، بشكل رسمي في أوراق القضية، بالإضافة إلى قيادات عسكرية مصرية بارزة.
يذكر أنّ النيابة المصرية قد أحالت المتهمين إلى المحاكمة الجنائية، بعدما خلصت تحقيقاتها إلى تمويل راتب باقي المتهمين بمبلغ 50 مليون جنيه على مدار 5 سنوات للتنقيب عن الآثار، وإتلاف حسانين بعض الآثار عمداً بفصل جزء منها، واشتراكه مع مجهول بطريق الاتفاق في تزييف آثار بقصد الاحتيال، وكذا اشتراكه مع الأول في ارتكاب جريمة إجراء أعمال حفر في أربعة مواقع بقصد الحصول على الآثار من دون ترخيص، والاتجار فيها.
وألقي القبض على راتب، في 28 يونيو/حزيران الماضي، تنفيذاً لقرار النيابة بضبطه، عقب كشف التحقيقات مع حسانين عن تلقيه تمويلاً منه للتنقيب عن الآثار، وهو ما أكدته اعترافات شقيق الأخير -المتهم في القضية كذلك- بشأن توفير رجل الأعمال المعدات المستخدمة في عمليات البحث والتنقيب، وتربحه الملايين من الجنيهات، مستغلاً امتلاكه جنسية أجنبية لتهريب الآثار، وبيعها في الخارج.