مصر: كرة القدم في ملاعب السياسة

مصر: كرة القدم في ملاعب السياسة

22 أكتوبر 2021
تعتبر لعبة كرة القدم الأكثر شعبية لدى المصريين (Getty)
+ الخط -

في مسعىً جديد منها للسيطرة على كافة القطاعات المؤثرة في الرأي العام، بدأت الأجهزة الأمنية المصرية أخيراً، محاولة لفرض الهيمنة على قطاع كرة القدم، الذي يحتل المرتبة الأولى من حيث الشعبية لدى المواطنين المصريين. وجاءت أحدث حلقات مسلسل سيطرة الأجهزة الأمنية على هذا القطاع، ما شهدته لجنة الرياضة في مجلس النواب المصري مساء الإثنين الماضي، في أعقاب استدعائها لرئيس اتحاد الكرة أحمد مجاهد، ووزير الشباب والرياضة، أشرف صبحي، للرد على نحو 15 طلب إحاطة مقدمة من نواب تابعين لتنسيقية شباب الأحزاب، وحزب "مستقبل وطن"، اللذين تتم إدارتهما بشكل مباشر من أجهزة سيادية في الدولة. وتتهم الطلبات جميعها رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة اتحاد الكرة المعينة من جانب الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، أي مجاهد، بالفساد المالي والإداري، مطالبين بعزله من موقعه. 

اتهم نواب رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة اتحاد الكرة المصري، أحمد مجاهد، بالفساد المالي والإداري

وبحسب مصادر خاصة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن "جهاز الأمن الوطني الذي يشرف بشكل جزئي على حزب مستقبل وطن، كان يتولى إرسال بيانات للصحافيين الأمنيين متعلقة بغضب داخل إدارات الأندية المختلفة جرّاء أداء اللجنة المؤقتة التي يتولى رئاستها أحمد مجاهد، والذي يعد الواجهة الأمامية للمهندس هاني أبو ريدة، الذي يتولى منصب عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد الدولي للعبة، ويستمد منه قوة كبيرة تجعله يستقوي بذلك المنصب في مواجهة أجهزة الدولة التنفيذية". 

وأوضحت المصادر أن "مسؤولين أمنيين هم من أشرفوا على تجميع نحو 50 رئيس مجلس إدارة من الأندية ومراكز الشباب الخاضعين لمظلة اتحاد الكرة، في أحد الفنادق أخيراً، وإصدار بيان عن الاجتماع طالبوا خلاله بعزل مجاهد من منصبه". وجاء ذلك، بحسب المصادر، قبل أن يتدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم، ليمدّ الفترة المخصصة لإدارة اللجنة المؤقتة، وهو ما استفز الأجهزة الأمنية، التي كانت قد رتبت قائمتها لانتخابات اتحاد الكرة المقبلة، بالشكل الذي يضمن لتلك الأجهزة، السيطرة الكاملة على اللعبة التي تتحكم بشكل كبير في أمزجة الغالبية العظمى من المصريين، كما أنها باتت تمثل صناعة اقتصادية ضخمة. وشدد 50 نادياً، في بيان، على ضرورة إجراء جمعية عمومية غير عادية إلى جانب تشكيل لجنة من الجمعية العمومية، لطرح التعديلات المقترحة على لائحة النظام الأساسي لمسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لاعتمادها. 

وبحسب المصادر، فإن الهجوم الحاد الذي تعرض له أحمد مجاهد تحت قبّة البرلمان، والذي وصل إلى حد توجيه الإهانات له من قبل عدد من النواب، واتهام رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "مستقبل وطن" أشرف رشاد لرئيس اللجنة المؤقتة لإدارة اتحاد كرة القدم، بالفساد الإداري "وكأنه يدير عزبة"، حصل بعدما نمي إلى علم أبو ريدة تشكيل قائمة من جانب أجهزة الأمن، يقودها الإعلامي الرياضي ولاعب النادي الأهلي السابق أحمد شوبير، للفوز بمنصب رئيس الاتحاد، وتقاسم إدارة اللعبة، مع رابطة الأندية التي يترأسها أحمد دياب، العضو في مجلس الشيوخ المصري عن "مستقبل وطن". وكلاهما أي شوبير ودياب، يتولى إدارة نادي "فيوتشر"، المملوك لرجال أعمال محسوبين على الحزب والأجهزة الأمنية، من بينهم رئيس لجنة النقل في مجلس النواب ونائب رئيس الحزب، علاء عابد، حيث يتولى شوبير منصب نائب رئيس مجلس إدارة النادي، في حين يتولى دياب منصب المدير التنفيذي للنادي. 

تدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم، ليمدّ الفترة المخصصة لإدارة اللجنة المؤقتة، 3 أشهر

وفي محاذاة الهجوم الضاري الذي تعرض له مجاهد وأبو ريدة في لجنة الشباب بمجلس النواب، حوّلت الأجهزة الأمنية وسائل الإعلام التابعة لها إلى منصات للهجوم عليهما، في محاولة لإفقادهما دعم الاتحاد الدولي لكرة القدم والضغط على الاتحاد. وأعلن الاتحاد المصري لكرة القدم، رفض الاتحاد الدولي للعبة، تعديل لائحة النظام الأساسي قبل أقل من ثلاثة أشهر على نهاية تفويض لجنة التطبيع، المكلفة بإدارة الجبلاية (تسمية اتحاد كرة القدم المصري). وفي بيان رسمي له، قال الاتحاد المصري لكرة القدم إنه "رفض الدخول في عملية إجراء تعديلات على لائحة النظام الأساسي، قبل أقل من ثلاثة أشهر على نهاية تفويض لجنة التطبيع المكلفة بإدارته"، مؤكداً أنه "أمر محفوف بالمخاطر، ولا يتوافق مع قرار فيفا الأخير بخصوص مدّ تفويض اللجنة". 

وجاء رد "فيفا"، بناء على طلب عدد من الأندية إجراء بعض التعديلات على بنود اللائحة التي تم إقرارها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي واعتمدتها "فيفا" في يونيو/حزيران الماضي، وبدوره قام الاتحاد المصري برفع هذه الطلبات إلى الاتحاد الدولي. كما حدّد رد الاتحاد الدولي لكرة القدم، بأن تتولى اللجنة إدارة العملية الانتخابية المقبلة والجمعية العمومية على أساس لائحة النظام الأساسي للاتحاد 2020 والمعتمدة من "فيفا"، ولائحة الانتخابات الخاصة بالاتحاد المصري 2021. 

من جانبه، علّق أحمد شوبير على خطاب الاتحاد الدولي لكرة القدم، برفض التعديلات المقترحة، قائلاً في تصريحات إذاعية، إنه "المفروض لو أنت في الاتحاد الدولي وجنسيتك مصري ولا موريتاني حتى، في إشارة لهاني أبو ريدة، إنك تشتغل لمصلحة بلدك مش مصلحتك الشخصية أو أشخاص معينين". وأضاف: "في أغنية حلوة بتقول ودّع هواك ونساه وانساني.. عمر اللي راح ما هيرجع تاني، وأنا بقولكم مش هيرجع تاني خدوها مني ده ودي حاجة مبدئية"، وذلك في إشارة إلى محاولات هاني أبو ريدة الرامية للعودة مجدداً لرئاسة اتحاد الكرة المصري. 

وتساءل شوبير: "إيه سر التمسك الشديد بالكرسي بالطريقة الغريبة دي، الخطاب ده عمل نوع من أنواع الدهشة عند ناس كتير، مجلس النواب عنده 27 طلب إحاطة، ما بين الفساد الموجود ومجاملات وغيره". وواصل شوبير: "مش فاهم كمية المخالفات دي ومش متخيلها، الموضوع مش هيقف عند هذا الحد، مينفعش وعيب عليك تخضني كل شوية بفزاعة الاتحاد الدولي وبعدين ترجع تختفي تاني الفزاعة دي". 

وبحسب المصادر، فإن الأجهزة الأمنية لا ترغب في تولي أبو ريدة قيادة الاتحاد، "ليس لكونه ثورياً، أو مناضلاً، أو معارضاً، ولكن بسبب موقعه في الاتحاد الدولي للعبة وعلاقاته في الاتحاد، والتي تجعله يستقوي به في مواجهة توجهات الأجهزة"، معتبرة أن "أبو ريدة هو رجل كل الأنظمة، والنظام الحالي بأجهزته لا يرغب في وجود أي شخص في منصب قيادي معني بمخاطبة الرأي العام، لا يمكن السيطرة المطلقة والكاملة عليه".

المساهمون