مصر: حبس حسن راتب والتحفظ على أمواله ومصادر ترجح رفضه بيع جامعته

حبس حسن راتب والتحفظ على أمواله ومصادر ترجح رفضه بيع جامعته لجهاز سيادي

30 يونيو 2021
حسن راتب (تويتر)
+ الخط -

قررت محكمة الاستئناف في مصر، الأربعاء، التحفظ على أموال رجل الأعمال البارز، حسن راتب، ومنعه مؤقتاً من التصرف في أمواله الشخصية، سواء أكانت أموالاً نقدية، أو سائلة، أو منقولة، أو أسهماً، أو سندات، أو صكوكاً، أو خزائن، أو ودائع مملوكة له ولأسرته في البنوك العاملة داخل مصر.

وشمل القرار منع راتب من التصرف في أمواله العقارية الشخصية بالبيع، أو التنازل، أو الرهن، أو ترتيب أي حقوق شخصية أو عينية عليها بجميع البنوك، على خلفية اتهامه بتمويل "عصابة للتنقيب عن الآثار وبيعها في الخارج"، يتزعمها نائب البرلمان السابق، علاء حسانين، وذلك بمبلغ 50 مليون جنيه على مدار 5 سنوات.

وقرر قاضي المعارضات في محكمة جنوب القاهرة تجديد حبس راتب لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات في القضية، علماً أنّ رجل الأعمال أنكر جميع الاتهامات الموجهة إليه في تحقيقات النيابة، ونفى منحه الأموال لأحد من أفراد تلك العصابة، مدعياً أنه تعرف على حسانين في إحدى جلسات حب الرسول الكريم.

وكشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أنّ السبب الرئيس للقبض على راتب في هذا التوقيت هو رفضه بيع جامعة سيناء، المملوكة له منذ إنشائها عام 2005، إلى جهاز سيادي في الدولة، يرجح أنه المخابرات العامة، على وقع قرار "المجلس الأعلى للجامعات" فصل جامعة القنطرة بمحافظة الإسماعيلية عن الجامعة الأم في سيناء قبل ثلاثة أسابيع، في إطار التضييق على راتب، والضغط عليه لبيع الجامعة.

وفي 22 يونيو/حزيران الجاري، نفى راتب وجود نية لديه أو لمجلس الأمناء بـ"التفريط في جامعة سيناء"، قائلاً إنها "تحمل اسماً قومياً عزيزاً على كل مصري، وهو شخصياً يعتز بالجامعة، وتسميتها، وتاريخها". واعتبر راتب أن ما يثار عن تنازله عن الجامعة هو محض "شائعات" لا أساس لها من الصحة، باعتبارها أصلاً من الأصول التي لا يمكن التفريط فيها.

وأفادت المصادر بأنّ "الجهاز السيادي خير راتب بين بيع الجامعة، أو سداد ثمن الأرض القائمة عليها بالسعر السائد حالياً، محذراً إياه من وجود قرار للرئيس عبد الفتاح السيسي، وقت أن كان وزيراً للدفاع، بحظر التملك في المناطق المتاخمة للحدود الشرقية، ومنع مزدوجي الجنسية من تملك الأراضي في سيناء، أو توريثها، علماً أن راتب يحمل جنسية أجنبية إلى جانب جنسيته المصرية".

ونجحت ضغوط السلطة الحاكمة في تنازل راتب عن ملكيته في قناة "المحور" الفضائية، أخيراً، ببيع 50% من أسهمها لعضو مجلس الشيوخ، ونائب رئيس حزب "مستقبل وطن" الحائز على الأغلبية البرلمانية، محمد منظور، و38% لشركة إعلامية مملوكة للمخابرات العامة، و12% للشركة المصرية للأقمار الصناعية (نايل سات). فضلاً عن استحواذ النظام على حصة حاكمة في شركة "إسمنت سيناء" المملوكة لرجل الأعمال.

وراتب كان معروفاً بعلاقته الوطيدة بنظام الرئيس الراحل حسني مبارك، وكان يعتبر من رجال الأعمال المقربين أيضاً للنظام الحالي، ومن الذين حظوا بمكانة آمنة خلال السنوات الماضية، بسبب صلاته ومشروعاته الكبيرة. وهو يمتلك مجموعة هامة من الاستثمارات في محافظة شمال سيناء، منها: جامعة سيناء، وشركة سيناء للإسمنت الأبيض (بورتلاند)، ومجموعة "سما سيناء" للاستثمار، ومؤسسة سيناء للتنمية.

النائب العام يكشف عن علاقة راتب بقضية الآثار

بالتوازي مع ذلك، أعلن النائب العام المصري أنه أمر مؤقتاً بالتحفظ على أموال رجل الأعمال حسن راتب والنائب الأسبق علاء حسانين، مع تجديد حبسهما و17 متهماً آخر في قضية تكوين عصابة للتنقيب عن الآثار والاتجار فيها بصورة غير شرعية.

وقالت النيابة في بيان لها إنها تلقت تحريات إدارة مكافحة جرائم الأموال العامة التي أسفرت عن اضطلاع تشكيل عصابي بالاتجار في قطع أثرية منهوبة اختُلِسَت بعمليات تنقيب وحفر ممولة في مناطق متفرقة في كافة أنحاء الجمهورية، وذلك لبيعها داخل البلاد وتهريبها للخارج لذات الغرض.

وذكرت النيابة العامة أنها أصدرت إذنًا بضبط المتهمين فتم ضبط علاء حسانين ومتهم آخر بصحبته، وعثر بحوزته على عملات معدنية مشتبه في أثريتها، وعثر بالسيارة التي يستقلها على تماثيل وأحجار وعملات وأشياء مشتبه في أثريتها، وباستجوابه فيما نُسب إليه من إدارته التشكيل العصابي بغرض تهريب الآثار لخارج البلاد، وإجرائه أعمال الحفر للتنقيب عنها وتهريبها والاتجار فيه، أنكر الاتهامات، ونفى صلته بالمضبوطات وصلته بباقي المتهمين سوى المضبوط معه.

واستجوبت النيابة العامة 17 متهمًا تم ضبط بعضهم بأماكن الحفر والتنقيب وبحوزتهم مضبوطات مشتبه في أثريتها وأدوات تستخدم في أعمال الحفر، وقد أسفرت مناقشة بعضهم في جهة الضبط عن الإرشاد عن كتيبات وأدوات استخدموها لممارسة أعمال الشعوذة والسحر تنقيبًا عن الآثار.

وتحفظت النيابة العامة على 4 مواقع للحفر والتنقيب وانتقلت لمعاينتها فتبينت ما فيها من أعمال حفر عميقة، وقد أكدت اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار خضوع تلك الأماكن لقانون حماية الآثار لكونها من الأماكن الأثرية، وأن الحفر المجرى بها كان بقصد التنقيب عن الآثار، وأن القطع المضبوطة بحوزة المتهمين -وعددها 227- جميعها تنتمي للحضارات المصرية وتعود لعصور مختلفة (ما قبل التاريخ والفرعوني واليوناني والروماني والإسلامي)، وتخضع لقانون حماية الآثار.

وأفاد أحد المتهمين عقب ضبطه بمشاركة حسن راتب في تمويل عمليات الحفر والتنقيب عن الآثار، وأكدت تحريات الشرطة ذلك، وصلته بزعيم التشكيل، فأصدرت النيابة العامة قرارًا بضبطه، وباستجوابه أنكر ما نُسب إليه من اتهامات وأقر وجود تعاملات مالية بملايين الجنيهات بينه وبين زعيم التشكيل العصابي وخلافات حولها.

ويقترب ما حمله بيان النيابة العامة من فحوى ما نشرته "العربي الجديد" أمس عن طبيعة العلاقة بين راتب وحسانين في القضية، حيث كشفت مصادر أمنية وقانونية أن التحقيقات حملت عدة مفاجآت، من بينها أن حسانين كان يوهم عدداً من الشخصيات السياسية ورجال الأعمال المشهورين بقدرته على توظيف الأموال في مجالات مختلفة، حيث حصل على عشرات الملايين من الجنيهات منهم على مدار أربعة أعوام على الأقل، واستخدمها في التنقيب عن الآثار والاتجار فيها داخل وخارج البلاد، وكان يرد للممولين أموالهم مضافاً عليها نسبة ربح عالية، مما أغرى شخصيات أخرى بإعطائه أموالهم لتوظيفها.

وأضافت المصادر أن بعض هؤلاء الأشخاص -ومنهم حسن راتب- عرفوا بطبيعة نشاط التوظيف الذي يمارسه حسانين في وقت سابق، وأن هناك شخصيتين سياسيتين شهيرتين ولهما نفوذ لدى أجهزة الدولة، ورد ذكرهما في التحقيقات، باعتبارهما ممن موّلوا -بعلم أو بدون علم- نشاط حسانين في التنقيب عن الآثار والاتجار.

وذكرت المصادر أن حسانين تعمد في التحقيقات ذكر أسماء شهيرة كممولين أو متعاونين معه ظناً منه بأنه سيحمي نفسه بهم، لكن التعليمات الصادرة من دائرة السيسي للداخلية والنيابة العامة حتى الآن "واضحة تماماً بالمضي في القضية لأبعد نقطة ممكنة" في إطار رغبة النظام الحاكم في السيطرة على الأنشطة المالية غير الشرعية والتحكم في حركة الأموال داخل الدولة ومركزية مراقبتها.

وأشارت المصادر إلى أن جهات التحقيق ستستجوب خلال الأسبوع الجاري جميع الأشخاص المرموقين الذين ذكرهم حسانين للتأكد من مدى معرفتهم بطبيعة نشاطه أو جهلهم بذلك، مرجحة أن يكون "سؤال السياسيين الشهيرين الاثنين اللذين ورد اسمهما في التحقيقات، نقطة مفصلية في مسار القضية، فإما أن توجه لهما أصابع الاتهام لتتحول القضية إلى فضيحة سياسية كبيرة، أو يتم وقف التحقيقات عند هذا الحد والاكتفاء بمحاكمة حسانين وأفراد عصابته وحسن راتب فقط".

وذكرت المصادر أن حسن راتب زعم أنه لم يعلم بطبيعة نشاط حسانين إلا بعدما سلمه حصته المتفق عليها من الأرباح، وأنه لم يكن يحتاج من الأساس لهذه الأموال، وأنه أعطاه إياها بسبب علاقة الصداقة بينهما، ووقع بينهما خلاف بشأن تلك الأموال، دون أن تمتد للآثار.

دلالات

المساهمون