مصر توافق على وجود مراقبين عسكريين روس في مطاراتها

مصر توافق على وجود مراقبين عسكريين روس في مطاراتها

14 مايو 2021
رصد الروس خطأ ارتكبته الشرطة في مطار شرم الشيخ (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

كشف مصدر سياسي مصري رفيع، لـ"العربي الجديد"، أن مصر وافقت على تعيين ضباط أمن روس في مطاري شرم الشيخ والغردقة، لتسريع عودة رحلات الطيران العارض (الشارتر) إلى المدينتين، والتي كانت تحمل آلاف السياح الروس، وهو ما يشكّل مصدراً مهماً من مصادر الدخل القومي. وأضاف المصدر أن القاهرة كانت تتحفظ في مفاوضاتها مع موسكو على طلب الأخيرة تعيين ضباط روس في المطارات المصرية، باعتبار ذلك اعتداءً على السيادة، ومن الممكن أن يشكل تهديداً للأمن القومي، لكنها وافقت على ذلك بعدما رصدت لجان الفحص الروسية للمطارات المصرية خطأً ارتكبه أحد أفراد الشرطة في مطار شرم الشيخ، بعد حادث الطائرة الروسية، وأبلغ المراقبون الروس الرئيس فلاديمير بوتين بالواقعة.

القاهرة كانت تتحفظ على تعيين ضباط روس في المطارات المصرية، باعتبار ذلك اعتداءً على السيادة

وتوقفت الرحلات الجوية بين روسيا والمطارات المصرية منذ خريف 2015، في أعقاب سقوط طائرة ركاب روسية في شبه جزيرة سيناء ومصرع من كان فيها، قبل أن تعود بين موسكو ومطار القاهرة الدولي في 2018، بعد الاتفاق على مجموعة من التدابير الأمنية.
واستمرت المفاوضات لسنوات بين مصر وروسيا لإعادة رحلات "الشارتر" المتوقفة منذ تفجير الطائرة الروسية في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، وتم خلالها اتخاذ العديد من الإجراءات لضمان سلامة الرحلات في مصر، منها دعوة خبراء أمنيين روس لفحص إجراءات السلامة في المطارات المصرية وعلى رأسها مطار القاهرة، لكن الجانب الروسي اشترط وجود ضباط روس بشكل دائم في مطاري الغردقة وشرم الشيخ، وهو الأمر الذي رفضته مصر واعتبرته عملاً ضد السيادة.

وكانت "العربي الجديد" أول من كشف أن سلطات مطاري الغردقة وشرم الشيخ جهزت أماكن خاصة بداخلهما لمراقبين روس، يشرفون على تأمين الرحلات الروسية إلى المدينتين، وهو الأمر الذي لطالما رفضته مصر في السابق.

مسؤول روسي: مصر اتخذت كافة التدابير لتقليل المخاطر الأمنية

وأكدت تصريحات لنائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف، الأربعاء الماضي، ما نشرته "العربي الجديد" في وقت سابق عن أن القاهرة سمحت بالفعل بوجود مراقبين روس في مطاري شرم الشيخ والغردقة. وقال سيرومولوتوف، في تصريحات صحافية، إن مصر "اتخذت كافة التدابير لتقليل المخاطر الأمنية، بما فيها المخاطر الوبائية، لكن الجانب الروسي سيُبقي مسألة أمن الطيران مع مصر تحت سيطرته". وأوضح أن الاستئناف الكامل للطيران مع مصر "جاء نتيجة العمل المشترك للمختصين الروس والمصريين لتحسين مستوى الأمن في مطارات منتجع البحر الأحمر في مدينتي شرم الشيخ والغردقة". قائلا: "لقد قام خبراؤنا بزيارة الموانئ الجوية المذكورة عدة مرات وفحصوا آليات التحكّم فيها وعمل الأفراد".
وأضاف أن "إجراءات التفتيش التي تمت هناك أظهرت أن مصر اتخذت كافة الإجراءات الممكنة لتقليل المخاطر المرتبطة بضمان الأمن، بما في ذلك من وجهة النظر الوبائية. وهذا ما يسمح بفتح الاتصال الجوي مع شرم الشيخ والغردقة، بعد مرور خمس سنوات". وتابع: "في الوقت نفسه، أود أن أؤكد أن روسيا ستواصل إبقاء هذه المسألة تحت السيطرة، لأن سلامة مواطنينا هي أولوية مطلقة بالنسبة لنا".

وكان مصدر في وزارة الطيران المصري قد قال لوكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك" في 17 مايو/ أيار 2017، إنه "كانت هناك مطالب من لجان المتابعة والتفتيش الروسية التي زارت مصر تتعلق بالتأمين"، مضيفاً أن روسيا "اقترحت وجود وفد أمني بصفة مستمرة في المطارات المصرية التي تستقبل الطيران الروسي، لكن الاقتراح لم يلق قبول الطرف المصري". وأضاف المصدر أنه "خلال المشاورات حول اتفاق سلامة الطيران بين البلدين طلبت روسيا تعيين رجال أمن روس بصفة مستمرة في المطارات المصرية التي تستقبل الطيران الروسي، لكن مصر رفضت ذلك، لا سيما أنها تقوم بتنفيذ الإجراءات الأمنية كافة داخل المطارات ومن وقت دخولها المجال الجوي المصري حتى إقلاعها في رحلة العودة". وأكد المصدر حينها أن "مسألة وجود عناصر أمن من دولة أجنبية وبصفة دائمة في المطارات تمس سيادة الدولة"، مضيفاً "أعتقد أنّ هذا أمر لن يقبله أي مواطن مصري. ويمكن البحث عن بدائل أخرى تحقق المنفعة والأهداف المرجوة وهو تأمين الركاب والطيران"، لافتاً إلى أن "باب المشاورات ما زال مفتوحاً ولم يغلق، وهناك رغبة في عودة حركة الطيران بين البلدين والمساهمة في تنمية علاقات التعاون الثنائي في المجالات كافة".

وكان مقر عمليات مكافحة فيروس كورونا في روسيا قد أعلن، في وقت سابق، أنه سيتم الإعلان عن عدد الرحلات الجوية من روسيا إلى الغردقة وشرم الشيخ في النصف الثاني من مايو/ أيار الحالي.
وفي إطار تنفيذ الأمر الخاص بتوسيع الحركة الجوية، وفقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه بين رئيسي روسيا ومصر، فلاديمير بوتين وعبد الفتاح السيسي، توصلت مجموعة العمل إلى نتيجة مفادها أنه من الممكن فتح رحلات جوية إلى مدينتي الغردقة وشرم الشيخ.

وتسعى مصر لاستكمال الإجراءات الأمنية في مطاري الغردقة وشرم الشيخ، لاستئناف وصول الرحلات الروسية للمقاصد السياحية على شواطئ البحر الأحمر. وفي فبراير/ شباط 2017، صادقت وزارة النقل الروسية على بروتوكول التعاون بين القاهرة وموسكو حول توفير أمن الطيران المدني. وفي يوليو/ تموز 2019، أكد رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيدرالية الروسي قسطنطين كوساتشوف أن مصر "لم تنفذ بعد توجيهات روسيا بخصوص أمن الطيران العارض". وقال كوساتشوف، لوكالة "سبوتنيك": "كانت آخر زيارة للمتخصصين الروس للتحقق من حالة المطارات المصرية في إبريل/ نيسان، وبعد نتائج هذه الزيارة أعددنا قائمة من المتطلبات الإضافية إلى الجانب المصري. الآن الكرة في ملعب الجانب المصري. يجب تنفيذ الملاحظات وعلى خبرائنا التصديق على ذلك".
وتمثل السياحة الروسية نحو 30 في المائة من إجمالي الحركة السياحية الوافدة إلى مصر. وبلغ عدد الوافدين الروس 2.8 مليون سائح في 2010، لكن العدد انخفض إلى 1.8 مليون في 2011، ثم إلى 1.6 مليون سائح في 2012، قبل أن يعاود الارتفاع في 2013 إلى 2.4 مليون سائح، وإلى 3.1 ملايين سائح في 2014، وفق بيانات وزارة السياحة المصرية.