في الوقت الذي يقود فيه النظام المصري، حملة اتصالات ومباحثات لحشد موقف دولي موحد للضغط على تركيا لإخراج العسكريين التابعين لها من ليبيا قبل البدء في الاستحقاقات الانتخابية المقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر، بدعوى تأثير تلك القوات بشكل مسبق على نتائج الانتخابات، أكدت أنقرة أن تواجد قواتها في ليبيا يمثل قوة استقرار لليبيا.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية مطلعة على المشاورات الخاصة بالملف الليبي، لـ"العربي الجديد"، إن القاهرة "تلقت صدمة خلال مباحثات مؤتمر باريس الأخير لبحث الأزمة الليبية، بعد إخفاق الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تمرير رؤية متعلقة بإرجاء التصويت على منصب الرئيس القادم لليبيا، لحين تهيئة الأجواء، وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، مع الحفاظ على الموعد المحدد سلفاً للانتخابات بتنفيذ أحد الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية خلاله".
وأكدت المصادر أن الموقف الأميركي الرافض للتصور المصري ساهم كثيراً في إفشال جهود القاهرة، مشددة على أنه كان هناك شبه إجماع على إجراء الانتخابات الليبية في موعدها، في محاولة لدفع الأوضاع هناك إلى حالة الاستقرار، ومشددة في الوقت ذاته على أن المباحثات شهدت رسائل شديدة الحدة بشأن أي طرف يسعى لعرقلة العملية السياسية في ليبيا، أو يفكر في الانقلاب على نتائجها بعد إجراء الانتخابات.
وأكد غالبية المجتمعين في باريس على أنه في اليوم التالي لإعلان نتائج الانتخابات المقررة نهاية ديسمبر، سيتم التعامل بشكل حاسم مع أي طرف في الداخل يرفض التجاوب مع الأوضاع الجديدة، وكذلك الأطراف الدولية التي قد تعينه.
وأوضحت المصادر، أنه فيما يخص انقسام المؤسسة العسكرية الليبية في الشرق والغرب، فإنه جرى التوافق والتأكيد خلال المباحثات التي شهدها المؤتمر، على أن أول ملف فور إعلان نتائج الانتخابات سيكون توحيد المؤسسة العسكرية، تحت قيادة واحدة.
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، إن حضور بلاده في ليبيا يمثل "قوة استقرار"، وذلك غداة مطالبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا وروسيا بسحب مرتزقتهما وقواتهما من هذا البلد بدون تأخير.
وأكد كالن "أحيانا يثير حلفاؤنا هذه القضية كما لو كان الوجود التركي هو المشكلة الرئيسية في ليبيا، الأمر ليس كذلك، نحن هناك كقوة استقرار ولمساعدة الشعب الليبي"، شارحاً: "عساكرنا هناك بموجب اتفاق مع الحكومة الليبية، لذلك لا يمكن وضعهم في مستوى المرتزقة الذين جيء بهم من دول أخرى".
كما تساءل المتحدث باسم الرئاسة التركية عن مساعي الدول الغربية لانسحاب شركة فاغنر الروسية شبه العسكرية من ليبيا، متابعا "هناك وجود لفاغنر، المرتزقة الروس، ولا أعرف ما يفعله أصدقاؤنا وحلفاؤنا في أوروبا حيال ذلك، هل يتحدثون حقا مع روسيا حول هذا الأمر، وهل يبذلون حقا جهودا جادة ومتضافرة لإخراج فاغنر من ليبيا؟".
وعدّلت مصر، بحسب مصادر خاصة تحدثت في وقت سابق، لـ"العربي الجديد"، بوصلتها بشأن المرشح الذي سيحظى بدعمها خلال الانتخابات على مقعد رئيس ليبيا، فبعد أن كانت البوصلة تشير نحو رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، خاصة في ظل التقدم الذي حدث في العلاقات بين البلدين منذ توليه قيادة السلطة التنفيذية هناك، تحولت إلى سيف الإسلام القذافي نجل المخلوع معمر القذافي، باعتباره الأنسب على الساحة، والذي من شأنه خدمة المصالح المصرية، في ظل علاقة الدبيبة بتركيا، وفشل كافة المحاولات المصرية معه لإثنائه عن هذا التوجه، بحد تعبير المصادر.
الدبيبة: يجب محاسبة كل من يحاول عرقلة الاستحقاق الانتخابي المقرر في موعده
يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه الدبيبة على دعوة حكومته لكل الأجسام التشريعية إلى تعديل قانون الانتخابات، مشددا على ضرورة تزامن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. كما شدد الدبيبة على إجراء الانتخابات في موعدها، كون ذلك واجبا وطنيا، مؤكدا كذلك على أن حكومته لن تدخر جهدا في ذلك.
وقال الدبيبة، إنه يجب محاسبة كل من يحاول عرقلة الاستحقاق الانتخابي المقرر في موعده، وكذلك ضرورة التزام كل الأطراف بالنتائج.
فيما نفى المتحدث باسم المجلس الأعلى للدولة الليبية، محمد عبد الناصر، ما أثير بشأن طلب رئيس المجلس خالد المشري تأجيل الانتخابات ثلاثة أشهر أخرى، مؤكدا في الوقت ذاته على رفض القوانين الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب بصورتها الحالية.