مصر تستأنف إسقاط المساعدات على غزة عبر الجو لأول مرة منذ 6 أشهر

29 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 16:00 (توقيت القدس)
طائرات تلقي مساعدات في وسط قطاع غزة، 28 يوليو 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استأنفت مصر إسقاط المساعدات جواً إلى غزة بعد خطاب الرئيس السيسي، في محاولة لتجاوز العقبات الأمنية التي تعرقل وصول الشاحنات البرية، وسط تقارير عن اقتراب القطاع من المجاعة بسبب القيود الإسرائيلية.

- رغم الجهود الدولية، ترى منظمات أن الإسقاط الجوي ليس حلاً عملياً لأزمة بهذا الحجم، حيث لا تستطيع الطائرات إيصال الكميات المطلوبة، مما يجعل الإنزال الجوي إجراءً اضطرارياً محدود الأثر.

- يواجه الإسقاط الجوي تحديات في مناطق عسكرية خطرة، مما يؤدي لفقدان المساعدات، ويؤكد المكتب الإعلامي في غزة أن الحل يكمن في فتح المعابر البرية.

الطائرات أقلعت من أحد مطارات القاهرة وألقت مساعدات على دير البلح

شددت منظمات دولية على أن الإنزال الجوي لا يُعدّ خياراً فعّالاً

مصدر: الطلعات الجوية مجتمعة لا يمكن أن تعوّض دخول الشاحنات

استأنفت مصر، اليوم الثلاثاء، إسقاط المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة جواً عبر طائرات عسكرية، لأول مرة منذ أكثر من ستة أشهر، وذلك في حين تحدثت مصادر لـ"العربي الجديد" عن منع إسرائيل دخول المساعدات المصرية إلى القطاع، وتعرّض معظمها للسرقة والنهب خلال اليومين الماضيَين.

وقال شهود عيان لـ"العربي الجديد"، إنّ الطائرات التي أقلعت من أحد المطارات في القاهرة، حلّقت فوق قطاع غزة وألقت حمولاتها من المساعدات في مناطق الوسط، وتحديداً مدينة دير البلح، في محاولة للتغلّب على العقبات الأمنية التي تعرقل وصول الشاحنات البرية إلى داخل غزة، وسط تصاعد الأزمة الإنسانية وتفاقم المجاعة في عدد من المناطق.

وجاءت هذه الخطوة بعد أقل من 24 ساعة على خطاب للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، طالب فيه بضرورة وقف الحرب على غزة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وتسريع إدخال المساعدات، مشدّداً على أنّ استمرار عمليات التهجير والحصار من شأنه أن يقوّض أي أفق لحل سلمي في المنطقة.

وسلّطت وسائل إعلام إسرائيلية الضوء على استئناف مصر مشاركتها الجوية في إيصال المساعدات، مشيرة إلى أنها تأتي ضمن جهود دولية أوسع، تشارك فيها أيضاً طائرات إماراتية وأردنية كانت قد ألقت مساعدات خلال اليومَين الماضيَين. ويأتي هذا التحرك الجوي المصري في ظل التقارير التي تؤكد اقتراب مناطق بأكملها في القطاع من المجاعة، مع استمرار القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول الإمدادات عبر المعابر البرية.

وترى منظمات دولية أنّ هذه الآلية ليست حلاً عملياً لأزمة إنسانية بهذا الحجم؛ فبحسب تقديرات برنامج الغذاء العالمي، فإنّ الطائرات المشاركة في عمليات الإنزال لا تستطيع إيصال أكثر من 20 إلى 30 طناً من المساعدات في الرحلة الواحدة، في حين أن القطاع يحتاج يومياً إلى ما لا يقل عن 500 إلى 600 شاحنة إمدادات لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان، تشمل الغذاء والمياه والوقود والأدوية. وفي الأيام العادية قبل الحرب، كانت تدخل إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم نحو 700 شاحنة يومياً، في حين لا تتجاوز الشاحنات التي سمح الاحتلال بدخولها مؤخراً بضع عشرات، وسط تقييد شديد.

وفي هذا السياق، قال مصدر مطّلع على تنسيق عمليات الإغاثة لـ"العربي الجديد"، إنّ حمولة الطائرة الواحدة من المساعدات لا تتجاوز في أغلب الأحيان حمولة شاحنة واحدة، موضحاً أنّ "كل هذه الطلعات الجوية مجتمعة لا يمكن أن تعوّض أهمية وفعالية دخول الشاحنات عبر المعابر البرية"، وأضاف المصدر أنّ هذا ما أكدته مراراً المؤسّسات الدولية والمنظمات الإنسانية العاملة في غزة، التي شددت على أن الإنزال الجوي لا يُعدّ خياراً استراتيجياً لمواجهة التجويع، بل هو إجراء اضطراري محدود الأثر لا يلبّي حاجات مليونَي فلسطيني محاصرين.

الصورة
شاحنات مساعدات في الجانب المصري بانتظار دخول غزة / 23 7 2025 (Getty)
شاحنات مساعدات في الجانب المصري بانتظار دخول قطاع غزة، 23 يوليو 2025 (Getty)

من جهته، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان، أمس الاثنين، بأنّ معظم عمليات الإنزال الجوي تجري في مناطق مصنّفة عسكرياً "مناطق حمراء"، وتشهد مواجهات وعمليات قتالية مباشرة، ولا يُسمح للمدنيين الفلسطينيين بالوصول إليها بسبب المخاطر الأمنية. وأشار البيان إلى أن جيش الاحتلال يواصل فرض طوق عسكري مشدّد على مناطق واسعة من القطاع، ويمنع وصول المواطنين إلى نقاط الإسقاط، ما يؤدي إلى فقدان معظم تلك المساعدات أو تعرّضها للتلف أو النهب، وأكد أنّ الحل الوحيد يكمن في فتح المعابر البرية والسماح بدخول الإمدادات على نحوٍ مباشر وآمن إلى مخازن الهلال الأحمر والمؤسّسات المعنية بالتوزيع داخل غزة.

ويضع إغلاق معبر رفح السلطات المصرية في موقف بالغ الحرج، خاصّة مع تصاعد الغضب الشعبي داخلياً من مشاهد التجويع المتداولة في القطاع، في ظل اتهامات متزايدة لمصر بعدم بذل ما يكفي من الضغط لفتحٍ مستدامٍ للمعابر البرية. وبينما تحاول القاهرة الظهور بوصفها فاعلاً إنسانياً عبر المشاركة في الإسقاط الجوي، يرى كثيرون أن فعالية هذا المسار محدودة، وأن المطلب الجوهري يتمثل في تأمين ممر بري واسع وآمن ومستمر لدخول المساعدات، وهو ما لا يزال يصطدم بعراقيل إسرائيلية وتعقيدات أمنية على الأرض.

المساهمون