مصر: برلمانيون يرفضون تعديلات قانون الانتخابات

25 مايو 2025   |  آخر تحديث: 16:30 (توقيت القدس)
مقر مجلس النواب في العاصمة الإدارية الجديدة، 1 أغسطس 2023 (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رفض عدد من أعضاء مجلس النواب المصري مشروع تعديل قوانين الانتخابات المقدم من حزب "مستقبل وطن"، مطالبين بنظام القائمة النسبية بدلاً من القائمة المغلقة لضمان تمثيل أكبر للأحزاب.
- انتقد النواب زيادة رسوم الترشح وتأثيرها على مشاركة الشباب، وحذروا من مقاطعة الأحزاب للانتخابات بسبب تجاهل مقترحاتها.
- وافق المجلس على مشروعَي القانونَين رغم انتقادات المعارضة، بينما شهدت اللجان النوعية نشاطاً مكثفاً في مناقشة الموازنة العامة ومشروعات القوانين المختلفة.

أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب المصري، اليوم الأحد، رفضهم مشروع تعديل قوانين الانتخابات المقدم من حزب "مستقبل وطن"، الحائز على الأغلبية، لكونه أبقى على النظام الانتخابي من دون تغيير، بواقع 50% من مقاعد مجلسَي النواب والشيوخ للقوائم المغلقة، و50% للنظام الفردي، مطالبين باستبدال نظام القائمة المغلقة بالقائمة النسبية، من أجل ضمان تمثيل أكبر للأحزاب السياسية.

وقال النائب إيهاب منصور، ممثل الهيئة البرلمانية للحزب الديمقراطي الاجتماعي، إن "الأرقام كاشفة، وتؤكد عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات النيابية، لأنها باتت لا تعبّر عن الناس بصورة حقيقية"، مستطرداً بأن "الناخبين يشاركون في الانتخابات بطلوع الروح، بسبب فقدانهم الثقة في نزاهة العملية الانتخابية"، على حد تعبيره.

وأضاف منصور أن "نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية عقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 تخطّت 60%، غير أنها تناقصت إلى نحو 28% في انتخابات مجلس النواب عام 2020، و14% لانتخابات مجلس الشيوخ، وهو ما يكشف بوضوح إحجام المواطنين عن المشاركة، في ظل الإصرار على تطبيق نظام القائمة المغلقة، الذي يهدر أصوات نحو 49% من الناخبين".

وتابع قائلاً: "نحن لا نتحدث عن مصلحة شخصية، بل عن مستقبل السياسة في مصر عموماً، باعتبار أن تناقص نسب المشاركة في الانتخابات يحتاج إلى تحليل وبحث. وهناك رؤى كثيرة طُرحت في جلسات الحوار الوطني حول تطبيق نظام القائمة النسبية، بوصفه الأكثر عدلاً وتمثيلاً لجميع الفئات التي منحها الدستور تمييزاً إيجابياً، مثل المرأة والمسيحيين والأشخاص من ذوي الإعاقة". وحذّر منصور من "خطورة استمرار الوضع السياسي الراهن في تهميش للأحزاب، وتفصيل قوانين الانتخابات لمصلحة البعض منها، ما يؤثر على نظرة المصريين إلى الاستحقاقات الانتخابية عموماً، سواء الآن أو بعد مرور خمس سنوات".

بدوره، قال النائب أيمن أبو العلا، ممثل حزب الإصلاح والتنمية، إنه "لا خلاف بين الأحزاب المؤيدة والمعارضة للقانون على أهمية النظام الفردي، لأنه يحقق التنوع ويحفز على المشاركة السياسية، لكن المشكلة تكمن في الإصرار على تطبيق نظام القوائم المغلقة المطلقة، التي يفوز جميعُ أعضائها بمقاعد البرلمان حال حصول القائمة على نسبة 51% من الأصوات".

وانتقد أبو العلا زيادة رسوم التأمين الخاصة بالترشح من 10 آلاف جنيه إلى 30 ألفاً (نحو 600 دولار)، بما يحرم قطاعاً عريضاً من خوض الانتخابات، خصوصاً من الشباب الراغبين في التنافس على المقاعد الفردية، داعياً إلى "تخصيص دائرة مستقلة للناخبين في الواحات البحرية، التي تبعد نحو 350 كيلومتراً عن دائرة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة التابعة لها"، ونبّه أبو العلا إلى "إمكانية مقاطعة العديد من الأحزاب والقوى السياسية للانتخابات النيابية المقرّرة نهاية العام، بسبب اعتراضهم على عدم الأخذ بمقترحاتها بشأن تطبيق نظام القائمة النسبية".

وقال النائب المستقل ضياء الدين داوود، إن "دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحوار الوطني عام 2022 جاءت بسبب استشعاره الخطر حول مستقبل الحياة السياسية في البلاد، والذي خلص في اجتماعاته إلى أهمية تنوع النظام الانتخابي بالجمع بين القوائم المغلقة والنسبية والنظام الفردي". وأضاف داوود أن "الحكومة تعهدت في جلسات الحوار الوطني بألّا تتقدم بمشروع تعديل قوانين الانتخابات، بينما نسّقت مع أربعة من أحزاب الأغلبية لتقديم مشروع يقرّ بنظام القائمة المغلقة وحده، من دون الاكتراث بأن الرضا العام هو أساس ثبات أركان الدولة المصرية، لا سيّما مع الأوضاع المضطربة في الإقليم"، وأضاف داوود: "الناس في مصر خائفة، وتشعر بالقلق، وخروج القانون بهذه الصورة سيجعلها تعزف أكثر عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية، خاصّة أنها الأولى بعد إلغاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، وذلك بمضي 10 سنوات من تاريخ إقرار دستور 2014".

وعقّب وزير شؤون المجالس النيابية محمود فوزي، قائلاً إن "الحوار الوطني ناقش في جلساته قضية التمثيل السياسي والنظام الانتخابي الأمثل، إلّا أن خلافاً نشب بين القوى السياسية المشاركة في الحوار، ولم يحدث توافق حول نظام انتخابي بعينه. وطبقاً للقواعد المعمول بها، رفعت إدارة الحوار التوصيات بشأن كل نظام انتخابي إلى رئيس الجمهورية، مصحوبة بمزايا وعيوب كل نظام"، وادّعى فوزي أن "تطبيق نظام القائمة النسبية في الانتخابات كان من مخرجات الحوار الوطني، إلا أنه لم يكن محلّاً للتوافق، وبالتالي تركت الحكومة الساحة للنواب والأحزاب حتى تتقدم هي بمشروع القانون"، وأضاف: "الحقيقة أنه لا يوجد نظام انتخابي مثالي، وإنما يكون مطابقاً للنصوص الدستورية أو غير مطابق لها"، وأكمل بالقول إن "هناك سبع فئات ألزم الدستور بتمثيلهم في البرلمان، ولا يوجد نموذج لتمثيل هذه الفئات إلّا من خلال نظام القائمة المغلقة، التي ليست إلا تحالفاً انتخابياً بين مجموعة من الأحزاب، ولا تعبّر بالضرورة عن تحالف سياسي بينها".

وفي ختام المناقشات، وافق مجلس النواب بصورة نهائية على مشروعَي القانونَين المقدّمَين من النائب عبد الهادي القصبي، ممثل حزب مستقبل وطن: الأول بتعديل بعض أحكام قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014، والقانون رقم 174 لسنة 2020 بشأن تقسيم الدوائر الانتخابية، والثاني بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ رقم 141 لسنة 2020. وحظي مشروعا القانونين بتوقيعات أكثر من عُشر عدد أعضاء المجلس، من المنتمين إلى أحزاب "مستقبل وطن"، و"الشعب الجمهوري"، و"حماة وطن"، و"المؤتمر"، و"مصر الحديثة"، و"تنسيقية شباب الأحزاب"، وهي جميعاً أحزاب محسوبة على السلطة الحاكمة، وتتمتع بدعم واسع من أجهزة الأمن المصرية.

ويرى خبراء أن غياب فعالية أحزاب المعارضة، وتفكك صفوفها، وتضاؤل فرصها في بناء خطاب بديل، أو تقديم قوائم منافسة، يحوّل استحقاق الانتخابات المرتقبة إلى مجرد إجراء شكلي، لا يحمل أي أمل في التغيير أو التوازن السياسي. من جهتها، تعقد "الحركة المدنية الديمقراطية"، التي تضم أحزاباً ليبرالية ويسارية تصنف نفسها على أنها معارضة، اجتماعاً على مستوى الأمانة العامة للحركة، لمناقشة تعديلات قوانين الانتخابات، غداً الاثنين. ويعقب الاجتماع مؤتمر صحافي في الثامنة مساءً، للإعلان عن موقف أحزاب الحركة من المشاركة في الانتخابات النيابية من عدمه.

وكانت أحزاب "المصري الديمقراطي" و"الإصلاح والتنمية" و"العدل" قد أصدرت بياناً مشتركاً، أعربت فيه عن "قلقها البالغ إزاء تعديل قانون الانتخابات الذي أعاد طرح نظام القوائم المغلقة المطلقة، بما يقوّض الحياة الحزبية، ويقضي على التنوع السياسي، ويفرغ العمل البرلماني من مضمونه الحقيقي"، وذكرت الأحزاب أن نظام القوائم المغلقة "يتعارض مع المبادئ الديمقراطية السليمة، وعلى رأسها مبدأ التعددية، ويفرض واقعاً انتخابياً يهدر أصوات الناخبين، ويمنع تمثيل قطاعات واسعة من الشعب، ويؤدي في النهاية إلى إقرار برلمان عاجز عن التعبير عن هموم المواطنين، أو تمثيلهم تمثيلاً عادلاً، أو العمل على تطوير الحياة السياسية في البلاد".

وبالتزامن، شهدت اللجان النوعية لمجلس النواب نشاطاً مكثفاً، إذ ناقشت لجنة الخطة والموازنة مخصّصات عدد من الوزارات والهيئات العامة ضمن مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2025/2026، بما في ذلك وزارة الاستثمار، وهيئة الرقابة المالية، وهيئات أخرى معنية بالتصنيع والمعايير والجودة، كما عقدت لجنة الشؤون الاقتصادية جلسات مطوّلة بحضور وزراء التخطيط والاستثمار والمالية، لمراجعة خطط الحكومة الاقتصادية ومشروع قانون يتعلق بملكية الدولة في الشركات العامة.

وفي جلسة خاصة، ناقشت لجنة التعليم نتائج تقييمات النظام التعليمي المصري، فيما عقدت لجنة الصحة جلستَي استماع موسعتَين حول دور التحوّل الرقمي في تعزيز العدالة الصحية، بحضور وزير الصحة خالد عبد الغفار. وفي ميدان الإسكان، تابعت اللجنة مناقشة مشروعات قوانين الإيجارات القديمة وسط حضور محافظي القاهرة الكبرى وعدد من ممثلي الجهات التنفيذية.

من جهة أخرى، شهدت لجنة الإعلام والثقافة نقاشاً محتدماً حول قرارات إغلاق بعض بيوت الثقافة والمكتبات، في وقت ناقشت فيه لجنة الشؤون الدينية شكاوى من عدم تسليم أراضي الوقف لصالح مشروعات الدولة، خصوصاً "حياة كريمة".