مصادر لـ"العربي الجديد": حكومة الكاظمي دفعت دية لإعادة عائلات نازحة

مصادر لـ"العربي الجديد": حكومة الكاظمي دفعت نصف مليار دينار دية لإعادة مئات العائلات النازحة شمالاً

18 أكتوبر 2021
تمنع مليشيات مسلحة عودة الأهالي إلى نحو 12 بلدة (صفين حامد/فرانس برس)
+ الخط -

أكد مسؤولون عراقيون في العاصمة بغداد ومدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين شمالي البلاد لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة قدمت خلال الفترة الماضية نصف مليار دينار عراقي دفعة أولى، ضمن جهود إعادة مئات العائلات العراقية النازحة إلى مدن وبلدات بمحافظة صلاح الدين شمالي البلاد، أبرزها يثرب والدجيل وسيد غريب والعوجة والدور، التي ما زالت منزوعة السكان منذ ما يزيد على ستّ سنوات، والمبلغ هو دفعة أولى، إذ سيتم تقديم مبلغ مماثل في الأيام المقبلة.

وتقول الحكومة إن عشائر مجاورة لتلك البلدات ترفض إعادة أهلها بسبب تورط عدد من أبناء وعشائر تلك المدن بأعمال إرهابية ضد هذه العشائر، لكن مسؤولاً في تكريت تحدث عبر الهاتف مع "العربي الجديد"، بأن الفصائل المسلحة الحليفة لطهران هي من تدير أزمة مناطق محافظة صلاح الدين المهجرة من "خلف عنوان عشائري".

ويقيم أغلب أهالي تلك المناطق في مخيمات ضمن محافظة السليمانية، بإقليم كردستان العراق شمالي البلاد، وتعرضت عدد من مخيماتهم إلى عدة حوادث، كان آخرها حريق التهم عدداً من خيام النازحين وتسبب بوفاة عدد منهم، بينهم أطفال.

وكشف رئيس ديوان "الوقف السني" في العراق سعد كمبش في حديث لـ"العربي الجديد"، عن "دفع مبالغ الديات بين العشائر في المنطقة تلك على مرحلتين، الأولى كان مبلغها 500 مليون دينار عراقي، أما الثانية فسوف يتم دفعها خلال هذه الأيام". وأضاف أن "500 مليون دينار عراقي تم دفعه لعشيرتين، وحالياً بقيت دية عشريتين أخريين، والمتبقي هو 500 مليون دينار والمبلغ جاهز حالياً"، متحدثاً عن البدء فعلاً بإعادة عائلات إلى قرى وبلدات في تلك المناطق الواقع أغلبها جنوبي تكريت، العاصمة المحلية لصلاح الدين.

ولفت كمبش إلى أن ملف المصالحات متواصل ضمن توجيهات رئيس الوزراء، وحالياً هناك توجه لحسم ملف منطقة العويسات أيضاً لإعادة أهلها، متحدثاً عن جهود لرئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي في هذا الملف.

في المقابل، قال المتحدث باسم مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين مروان جبارة لـ"العربي الجديد"، إنه "في وقت سابق، جرى توقيع معاهدة لإعادة أهالي تلك المناطق إلى منازلها وبشروط قاسية، لكن الذي حصل بعدها أنه لم تعد إلا القليل من العائلات وبشروط قاسية جداً". وأضاف جبارة أن "أغلب أهالي المناطق تلك يقيمون في مخيم عربت بمحافظة السليمانية".

وتحدث عن أن المنطقة بالمجمل "مسيطر عليها من قبل عصائب أهل الحق، وحصل عدد من الحوادث أثر سلباً على عودة النازحين، خصوصاً مجزرة الفرحاتية وحوادث متفرقة في يثرب راح ضحيتها عدد من المواطنين الأبرياء".

وحذر من "تغيير ديمغرافي في المنطقة، لأن هناك، وبحسب روايات الأهالي، جهات تريد أن تغير ديمغرافية المدينة والسكان أيضاً، لأن هذه المدن تتمتع بوجود آبار نفطية وفيها أراضٍ زراعية مهمة متاخمة لنهر دجلة، وقريبة من قاعدة بلد الجوية التي تقلع من مطارها طائرات الـ"أف 16" العراقية، والتي يشرف على عملها مستشارون أميركيون، وهو سبب آخر يضاف إلى رغبة الفصائل بالوجود المستمر في هذه الرقعة الجغرافية"، حسب تعبيره.

وأوضح جبارة أن "منطقة الرواشد، ومنطقة العلية ومنطقة عزيز بلد، وبلدة العوجة والجزيرة الغربية الممتدة من غرب مدينة الدور، مروراً بمحاذاة سامراء وغرب تكريت وغرب بيجي وغرب الشرقاط، فيها جزء كبير من العائلات النازحة التي لم تعد، لأسباب عديدة، أبرزها القوات التي تمسك الأرض والتضييق عليهم، إضافة إلى وجود تنظيم "داعش" في الصحراء الغربية، والأهالي متخوفون من العودة".

وبشأن ذلك، نفى عضو البرلمان السابق عن كتلة "صادقون"، الجناح السياسي لحركة "عصائب أهل الحق" المسلحة محمد البلداوي، أن يكون فصيلهم المسلح من يمنع الأهالي من العودة إلى بلداتهم، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، عن حلّ مشاكل 90 في المائة من النازحين في مناطق عدة منها، وتقديم دعم للعائلات العائدة لإعمار أرضها، وهو ما نفاه في طبيعة الحال مسؤولون محليون في ديوان محافظة تكريت، قال أحدهم لـ"العربي الجديد" مستغرباً "أين هي العائلات التي عادت؟".

بدوره، قال الشيخ غالب أبو معمر، وهو من وجهاء منطقة يثرب لـ"العربي الجديد"، إن "جميع المبادرات والوساطات التي أجرتها الجهات الحكومية بكل صنوفها لكي يعود النازحون إلى مدنهم باءت بالفشل لغاية الآن"، وذلك في معرض تعليقه على خطوة دفع الحكومة للديات إلى عشائر مجاورة لتلك البلدات ترفض عودة الأهالي، متحدثاً عن أن المليشيات المسلحة هي من تمنع الأهالي من العودة إلى مناطقهم الأصلية في حقيقة الأمر، وليس العشائر.

إلى ذلك، حذّر الخبير العسكري علي الجنابي من تكرار سيناريو جرف الصخر في مناطق صلاح الدين، إذ يرى أن عدم عودتهم إلى غاية الآن هي رسالة واضحة أن القرار هو قرار المليشيات، وهو قرار خارجي مثل قرار الجرف.

وبيّن الجنابي لـ"العربي الجديد"، أن العمليات الأمنية وكثرة الاغتيالات التي تطاول مواطنين بين فترة وأخرى تعكس رغبة الفصائل المسلحة في التغيير الديمغرافي وإرهاب الناس لوقف دعوات عودتهم، وللهيمنة على مقدرات هذه المناطق، وهذا الموضوع لن يتوقف عند يثرب فحسب، بل يتعدى ذلك أيضاً إلى منع أهالي العوجة والدور، مشيراً إلى أن عدم إعادتهم يمثل تجاوزاً علنياً ومتعمداً على السلم الأهلي الذي تنادي به الحكومات العراقية وساستها، لكن دون أن يطبقوه، حسب تعبيره.

وتوجد نحو 12 مدينة وبلدة وقصبة عراقية شمال وغرب وشرق ووسط البلاد، تعرف بالمدن منزوعة السكان، حيث تفرض مليشيات مسلحة سطوتها عليها، وتمنع عودة أهلها إليها تحت ذرائع مختلفة، وأبرزها جرف الصخر والقراغول والعويسات ويثرب وعزيز بلد والعوجة وذراع دجلة والثرثار وقرى السعدية والمخيسة والعظيم وعين الحصان والكرسي، وتقع جميعها في محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين ونينوى وبابل.