مشاهد من آثار معارك الساحل السوري: حرائق ودمار وجثث على الطريق

10 مارس 2025   |  آخر تحديث: 09:22 (توقيت القدس)
سيارات محترقة في جبلة (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عودة الحياة بشكل نسبي إلى مدن الساحل السوري بعد انحسار الاشتباكات، حيث شهدت جبلة أعنف المواجهات وتعرضت لدمار كبير، مما أدى إلى أزمة إنسانية مع غياب الكهرباء والماء وندرة المساعدات.

- الوضع الأمني المتوتر في اللاذقية وريفها مع استمرار الاشتباكات، خاصة في منطقة الحفة وقرى جبلة، حيث وضعت القوات الأمنية حواجز جديدة لتعزيز الأمن وسط تباين الحركة بين الأحياء.

- ارتفاع عدد الضحايا وتفاقم الأزمة الإنسانية، حيث قُتل أكثر من 200 عنصر أمن ومئات المدنيين، مع استمرار عمليات التوثيق والنزوح بسبب الانتهاكات وأعمال القتل الطائفية.

تتركز الاشتباكات في ريف اللاذقية وتحديداً منطقة الحفة وقرى جبلة

أحرقت منازل ولا تزال جثث على أطراف الطريق مغطاة ببطانيات

ارتفعت حصيلة الضحايا من 6 مارس الحالي إلى 642 شخصاً

بدأت معالم الدمار وآثار الاشتباكات والفوضى تتكشف مع عودة الحياة بشكل نسبي إلى مدن الساحل السوري غربي سورية، بعد انحسار الاشتباكات بين مسلحين موالين للنظام السابق وقوات الأمن السوري والمجموعات المسلحة التي كانت تساندها، وما رافقها من جرائم بحق المدنيين.

محلات تجارية نهبت ومستودعات غذائية أفرغت وسيارات مدنية كثيرة أحرقت متوزعة على جانبي الطريق. هكذا بدا المشهد العام في جبلة (25 كيلومتراً جنوبي اللاذقية) وهي المدينة التي شهدت أعنف المواجهات بين الطرفين في الساحل السوري وحوصرت ليومين من قبل مسلحين من فلول النظام السابق قبل أن تدخل القوات الأمنية لفك الحصار عنها.

وأمام أحد الأفران وسط مدينة جبلة اصطف مئات الأشخاص بحثاً عن خبز لم يحصلوا عليه منذ ثلاثة أيام، في وقت كانت تغيب فيه الكهرباء والماء بشكل كامل. كما لا يظهر أي أثر لأي مساعدات إنسانية في مدينة أثقل كاهل سكانها الفقر والحرب. وعلى أطراف مدينة جبلة التي تضم خليطاً من المسلمين السنة والعلويين، وتحديداً حي الرميلة المواجه للكلية البحرية التي شهدت أعنف المواجهات وحوصر فيها عناصر الأمن العام لمدة يومين، أحرقت منازل ولا تزال بعض الجثث يعتقد أنها لمسلحين من فلول النظام على أطراف الطريق مغطاة ببطانيات، بينما تظهر آثار الدمار واضحة في المنطقة نتيجة المعارك. وتحولت قاعدة حميميم العسكرية للقوات الروسية شمال جبلة إلى ملجأ لمئات المدنيين الذين فروا من منازلهم جراء الاشتباكات في الساحل السوري خلال الأيام الأخيرة.

مصدر أمني: قتل أكثر من 200 عنصر أمن ومن الجيش السوري

حواجز جديدة على مدخل اللاذقية

بالاتجاه إلى أوتوستراد طرطوس - اللاذقية تسمع بوضوح أصوات الاشتباكات المتقطعة وأصوات جنازير الدبابات والمدرعات، وهي تتوجه إلى قرى ريف اللاذقية حيث أعلنت وزارة الدفاع السورية، أمس، بداية المرحلة الثانية من عمليات الجيش السوري لملاحقة مسلحين موالين للنظام. وبالتوغل شمالاً نحو مدينة اللاذقية، وتحديداً مدخلها الجنوبي عند جامعة المدينة، بدأت قوات الأمن الداخلي بوضع حواجز عسكرية جديدة للتفتيش، وذلك على الرغم من الحركة المحدودة للمدنيين عند دوار الزراعة المزدحم في الأحوال العادية، فيما كان تعامل الأمن صارماً في عمليات التفتيش مع الجميع عكس السابق. وتظهر جولة ميدانية لـ"العربي الجديد" في اللاذقية على الساحل السوري تباين الحركة بشكل ملحوظ بين الأحياء. وبدت أحياء مثل الصليبة وسكنتوري وقنينص أكثر حركة ونشاطاً، بينما فرغت منازل في حي دمسرخو وعلي جمال خوفاً من عمليات القتل والهجمات المتبادلة.

وتتركز الاشتباكات في الوقت الحالي في ريف اللاذقية وتحديداً منطقة الحفة وقرى جبلة. وقال مصدر أمني في اللاذقية، لـ"العربي الجديد"، إن معظم المسلحين الموالين للنظام السابق هربوا نحو القرى وما زالوا يهاجمون عناصر الأمن العام ووزارة الدفاع. وكشف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول له بالتصريح، عن مقتل أكثر من 200 عنصر أمن ومن الجيش السوري منذ بدء هجوم المسلحين الموالين للنظام في المنطقة الخميس الماضي. وأضاف أن القيادة الأمنية استقدمت تعزيزات جديدة من الأمن العام، ونشرت حواجز للتصدي للمجموعات المسلحة التي قدمت إلى الساحل السوري من محافظات أخرى دون تنسيق مع وزارة الدفاع وارتكبت أعمالا خارج نطاق القانون.

ارتفاع كبير لعدد القتلى في الساحل السوري

وتتضارب أعداد القتلى من القوات الأمنية والفلول وأعداد الضحايا المدنيين الذين سقطوا أيضاً في أعمال قتل طائفية. وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني في تصريحات لتلفزيون العربي أمس إن "التحديثات مؤلمة ومستمرة لأن عمليات التوثيق مستمرة". ولفت إلى أن "حصيلة الضحايا من 6 مارس/آذار الحالي، ارتفعت إلى 642 شخصاً"، مشيراً إلى أن "العصابات خارج إطار الدولة من فلول الأسد، قتلت 315 شخصاً، من بينهم 167 من قوات الأمن العام، كما قتلت 148 مدنياً". وأشارت الشبكة، من جهتها، إلى أن "قوات الأمن العام وقوات رديفة قتلت 327 شخصاً من المدنيين والمسلحين منزوعي السلاح". وأضاف عبد الغني: "رأينا سيارات فقط لأنها تحمل أرقام إدلب، يتم قتل من فيها، ويوم السبت (أول من أمس) هو أكثر الأيام التي قتلت فيها العصابات أعداداً كبيرة من المدنيين". وتابع: "تمكنا من توثيق الأعداد، وارتفع العدد بشكل كبير جداً، كنا نتحدث عن حوالي 30 مدنياً قتلوا في البداية على يد فلول النظام، وارتفع العدد بشكل كبير، لأننا تمكنا من الوصول إلى أماكن لم نكن نستطيع الوصول إليها". وأوضح عبد الغني، لـ"العربي الجديد"، أن الحصيلة عن ضحايا الانتهاكات في الساحل السوري هي الحد الأدنى فقط، حيث وصلتنا معلومات عن وجود ضحايا بأعداد أكبر بكثير، وننتظر التأكد منها.

فضل عبد الغني: حصيلة الضحايا من 6 مارس ارتفعت إلى 642 شخصاً

ونجا علاء نعنوع، وهو نازح كان يقيم في ريف إدلب خلال السنوات الأخيرة، تصادفت عودته إلى مدينة جبلة مع سيطرة مسلحين موالين للنظام على المنطقة، من تعرض سيارته لإطلاق نار، بعكس عائلة أخرى من جبلة، حيث قتل المسلحون الزوج والزوجة. من جانبها، روت مرح حداد، وهي من مدينة بانياس، لـ"العربي الجديد"، ما حصل في حي القصور في المدينة. وقالت إنّ "الاشتباكات كانت بعيدة عن الحي، لكن الأهالي فوجئوا بدخول مسلحين تابعين للجيش السوري، وبدأوا بإطلاق النار بشكل عشوائي، واستهداف كل ما يتحرك، ما أدى إلى مقتل الكثير من الأشخاص بينهم نساء وأطفال". وأكدت حداد أن معظم أهالي حي القصور، وسكانه من الطائفة العلوية، نزحوا نحو طرطوس خوفاً من أعمال القتل، مشيرة إلى أن جميع من قتلوا لا علاقة لهم بفلول النظام ولم يكونوا مسلحين.

كان عمر حذيفة، وهو من وجهاء مدينة بانياس وعضو في المجلس الإسلامي السوري أقر، في حديث لـ"العربي الجديد"، يوم الجمعة الماضي، بحصول انتهاكات في حي القصور، موضحاً أنها حصلت بالتزامن مع اشتباكات مع مسلحين موالين للنظام المخلوع في محيط بانياس. وأضاف: "في ظل انشغال الأمن العام والجيش السوري، قامت مجموعات مسلحة غير منضبطة ولا تحمل قيم الجيش السوري الجديد بهذه الانتهاكات من دون أي تنسيق مع وزارة الدفاع".

وكان العشرات من أفراد الجيش السوري والأمن العام قد قُتلوا أثناء التصدي لعملية التمرد الواسعة والتي هددت السلم الأهلي في الساحل السوري وكادت أن تطيح الاستقرار الهش في البلاد. وتطورت الأوضاع الخميس الماضي من اعتداء على دورية أمنية للأمن العام إلى قطع طرق ومهاجمة حواجز للأمن العام، فيما سيطر موالون للنظام السابق على طريق طرطوس - اللاذقية وأحياء في جبلة ومناطق واسعة في ريف اللاذقية قبل أن تصل تعزيزات عسكرية كبيرة للجيش السوري وينسحب المسلحون الموالون للنظام إلى الريف.

المساهمون