مشاريع الشعاب المرجانية الفيتنامية في بحر الصين الجنوبي عنوان للتوتر

13 ديسمبر 2024
عنصر بخفر السواحل الصيني، مارس 2024 (جام ستا روزا/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التوسع الفيتنامي في بحر الصين الجنوبي: فيتنام تعزز وجودها في جزر سبراتلي عبر استصلاح الأراضي وبناء مهبط للطائرات، مما يهدد الهيمنة الصينية ويعكس طموحات هانوي الاستراتيجية.

- التوترات الإقليمية والدولية: توسع فيتنام العسكري في جزر سبراتلي يزيد التوترات، وقد يؤدي إلى صدامات بين الدول المطالبة بالسيادة، لكن نهج هانوي الحذر قد يساهم في تجنب التصعيد.

- أهمية بحر الصين الجنوبي: يُعتبر ممراً حيوياً للتجارة العالمية، مما يجعله نقطة توتر بسبب المطالبات المتداخلة، حيث تسعى فيتنام لتعزيز وجودها وسط مراقبة دولية مستمرة.

حظيت الصين لسنوات عدة بميزة في بحر الصين الجنوبي، إذ أدّى برنامجها لاستصلاح الأراضي في الشعاب المرجانية ذات الأهمية الاستراتيجية، إلى إنشاء قاعدة محتملة للطائرات والسفن الكبيرة، ولكن هذه الهيمنة قد تتعرض، بحسب وسائل إعلام صينية، للتهديد في المستقبل مع قيام فيتنام، وهي دولة أخرى تطالب في بحر الصين الجنوبي بجزر سبراتلي، المعروفة باسم جزر نانشا في الصين، بالمضي قدماً في إنشاء أراضيها الخاصة وبناء مهبط للطائرات على الشعاب المرجانية في المنطقة.

وكشفت صور الأقمار الاصطناعية التي نشرتها مبادرة الشفافية البحرية الآسيوية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن، في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ظهور هياكل عسكرية محتملة على العديد من المعالم الفيتنامية في جزر سبراتلي، وتشكيل سدود جديدة تحيط بست مناطق محمية، من بينها: شعاب بارك كندا، وهي جزيرة اصطناعية طورتها فيتنام في أرخبيل سبراتلي المتنازع عليه في بحر الصين الجنوبي، وأخضعتها للتطوير بوتيرة ملحوظة خلال العامين الماضيين.

شعاب بارك كندا، تمّ إعدادها وتجهيزها مهبطاً للطائرات العسكرية

وقالت صحيفة ساوث تشاينا مورنيغ بوست، الثلاثاء الماضي، تعليقاً على هذه الصور، إن مدرجاً بطول ثلاثة كيلومترات يتشكل على الشعاب المرجانية التي تسيطر عليها فيتنام، يعزّز بشكل كبير قدرة هانوي على نشر طائرات مقاتلة في جزر سبراتلي ويعزز قدراتها البحرية، وهو التقدم الذي من الممكن أن يهدّد هيمنة بكين الاستراتيجية في بحر الصين الجنوبي الذي تدعي ملكيتها لمعظم أجزائه.

وكانت فيتنام قد بدأت أحدث توسعاتها في هذه المرافق في أواخر عام 2021، وقد سلّطت العديد من مراكز الأبحاث الضوء على وتيرتها السريعة ونطاقها الواسع. وأشار تقرير صادر عن معهد أبحاث فيتنام في يونيو/ حزيران الماضي، إلى أن هانوي على استعداد لتحقيق رقم قياسي في جهود بناء الجزر هذا العام. وذكر التقرير أن إجمالي الأراضي الجديدة التي تمّ إنشاؤها في الأشهر الستة الأولى من هذا العام يعادل عامي 2022 و2023 مجتمعين.

يشار إلى أنه من بين مجموعتي الجزر الرئيسيتين في بحر الصين الجنوبي، تسيطر الصين على جزر باراسيل، في حين أن جزر سبراتلي، إلى الجنوب منها، لا تخضع لسيطرة أي دولة بمفردها، ولكنها تقع ضمن المناطق الاقتصادية الخالصة التي تمتد لمسافة 200 ميل بحري لماليزيا وبروناي وفيتنام والفيليبين، ما يجعلها محور الصراع بين هذه الدول. من جهتها، تسيطر هانوي على 27 منطقة في بحر الصين الجنوبي، وقامت بأعمال استصلاح واسعة النطاق في بعضها خلال العام الماضي، من بينها الشعاب المرجانية في بارك كندا، التي يبلغ طولها 4318 متراً، ما يجعلها البؤرة الاستيطانية الفيتنامية الوحيدة حتى الآن التي لديها القدرة على استضافة مدرج بطول ثلاثة آلاف متر مثل الذي تمتلكه الصين.

مؤشرات خطيرة في بحر الصين الجنوبي

في تعليقه على توسيع الأنشطة الفيتنامية في المنطقة، أوضح الخبير في شؤون بحر الصين الجنوبي ما تشونغ (باحث في مركز لونغ مارش للدراسات الاستراتيجية)، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن السلطات الفيتنامية سرّعت خلال الأشهر الماضية توسيع مواقعها الاستيطانية في جزر سبراتلي، معتبراً أن ذلك يعكس طموحات هانوي الاستراتيجية في المنطقة المتنازع عليها، ويعد مؤشراً إلى أن المنافسة المتزايدة بين الدول قد تؤدي إلى نشوب صدامات أكثر حدة، على غرار ما يحدث اليوم في بحر الصين الجنوبي بين الصين والفيليبين.

وأضاف ما تشونغ أن التوسع المتسارع لفيتنام، والذي تميز بتطورات كبيرة في البنية التحتية العسكرية في زمن قياسي، يسلط الضوء أيضاً على الأهمية الاستراتيجية لهذا الممر المائي المتنازع عليه. ولفت تشونغ إلى أن شعاب بارك كندا تمّ إعدادها وتجهيزها مهبطاً للطائرات العسكرية، مضيفاً أنه على الرغم من أن الغرض من هذه الأنشطة غير واضح حتى الآن، فإنه يساهم مباشرة بإشاعة أجواء من التوتر الإقليمي والدولي.

ما تشونغ: السلطات الفيتنامية سرّعت خلال الأشهر الماضية توسيع مواقعها الاستيطانية في جزر سبراتلي

نهج هانوي لا يستفز بكين

في المقابل، استبعد الباحث في مركز كولون للدراسات السياسية ومقره هونغ كونغ، لي يوان مارتن، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تؤدي مثل هذه الأنشطة على الرغم من أهميتها إلى ردّ فعل صيني قوي، وبالتالي اشتعال المنطقة. ورأى أنه على الرغم من أن فيتنام استصلحت مساحة كبيرة من الشعاب المرجانية في بحر الصين الجنوبي تصل إلى حوالي نصف ما بنته الصين، فإن استجابة الأخيرة كانت هادئة، وعزا ذلك إلى تركيز بكين على المواجهة مع مانيلا التي اتخذت نهجاً عدوانياً في مسألة النزاعات البحرية باللجوء إلى محكمة تحكيم دولية في عام 2016، إضافة إلى تعزيز علاقات الفيليبين الدفاعية مع الولايات المتحدة لتغيير موازين القوى في المنطقة. وأضاف: "قد يكون نهج هانوي في إدارة نزاعها البحري مع بكين عاملاً آخر في الاستجابة المنخفضة نظراً لأنها تتجنب مسألة التصعيد والتحالف مع قوى غربية لتحقيق مكاسب سياسية". لكنه في الوقت نفسه، حذّر من أن ذلك كلّه قد يكون محل اختبار بالنسبة لبكين التي تراقب من كثب، وقد تتدخل بقوة في أي وقت تشعر فيه أن الوضع يتجه إلى خارج المسار السلمي.

لي يوان مارتن: تركّز بكين على المواجهة مع مانيلا التي اتخذت نهجاً عدوانياً في مسألة النزاعات البحرية

ويُعتبر بحر الصين الجنوبي ممراً بحرياً بالغ الأهمية تمر من خلاله تجارة عالمية بقيمة تزيد على 3 تريليونات دولار سنوياً. وقد جعلته المطالبات المتداخلة بين دول الجوار نقطة اشتعال للتوترات الإقليمية، إذ تطالب بكين التي تقوم ببناء جزر في المنطقة منذ عام 2013، بالسيادة على مساحات شاسعة من البحر، بما في ذلك المناطق التي توسع فيها فيتنام جزرها. وأسفرت جهود استصلاح الأراضي واسعة النطاق التي بذلتها الصين بين عامي 2013 و2015 عن إنشاء ثلاث جزر اصطناعية مجهزة بالكامل بأنظمة صاروخية ومدرجات طيران أطول من ثلاثة آلاف متر.

المساهمون