مسلسل الحوادث الغامضة في إيران: "عمليات تخريبية" بين التأكيد والنفي

مسلسل الحوادث الغامضة في إيران: "عمليات تخريبية" بين التأكيد والنفي

10 يوليو 2021
شهد الشهر الماضي سلسلة حرائق في عدة منشآت إيرانية (Getty)
+ الخط -

لا يكاد يمر يوم في إيران إلا ويحدث حريق وانفجار أو خلل فني في منشآة هنا أو هناك، لدرجة أن الأمر بات شبه اعتيادي، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات وتكهنات لدى المراقبين، خاصة رواد شبكات التواصل الاجتماعي، حول أسباب هذه الحوادث المتكررة.

ولعل ما يلفت الأنظار نحو أي حادث حريق أو انفجار في المنشآت الإيرانية ويجعل المراقبين ينظرون إليها بريبة وشكوك، هو طبيعة الظروف الراهنة بين طهران و"أعدائها"، خاصة إسرائيل، لجهة احتدام الحرب الأمنية بينهم، والتي تدور رحاها راهنا، إذ أنها دخلت مرحلة متقدمة منذ اغتيال أبرز العلماء النوويين الإيرانيين، محسن فخري زادة، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أعقبه استهداف منشأة "نطنز" النووية الأهم في البلاد لتخصيب اليورانيوم خلال إبريل/نيسان الماضي، ومنشآت نووية أخرى، كمركز نووي تابع لهيئة الطاقة الذرية الإيرانية، نواحي مدينة كرج بالقرب من العاصمة الإيرانية، يوم 23 من الشهر الماضي.  

كما أن البحار أيضا تحولت إلى ساحة للمواجهة بين الطرفين، والتي تسجل هجمات متزايدة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن تصاعد نبرة المواجهة في ساحات الاشتباك في العراق وسورية بين إيران وحلفائها والولايات المتحدة. 

 آخر الحوادث  

وفي آخر الحوادث المثيرة للتساؤل والتكهن والتي تشهدها إيران، كشف رئيس جهاز الإعلام بوزارة الطرق وبناء المدن الإيرانية، قاسم بي‌نياز، اليوم السبت، لوكالة "تسنيم" الإيرانية، عن وقوع "خلل تقني في أجهزة الكمبيوتر للعاملين في اللجنة المركزية للوزارة، ما تسبب في إغلاق موقع الوزارة وبقية المواقع الإلكترونية التابعة لها".  

وأكد بي نياز أن "الخبراء الفنيين يدرسون الأمر حالياً لرفع الخلل وتشغيل الموقع والأنظمة التابعة له وسيتم الإبلاغ بذلك لاحقا".

كما أن ليلة الجمعة/السبت، سمع أهالي شمال العاصمة طهران دوي انفجار كبير وغامض، حدود الساعة الواحدة فجراً، لتنتشر سريعاً مقاطع فيديو في شبكات التواصل لحرائق، قيل إنها لمبان بالقرب من متنزه "ملت" شمالي العاصمة، والذي يقع مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني بالقرب منه، لكن السلطات الإيرانية نفت وقوع أي حريق، معلنة أن الانفجار وقع داخل المتنزه وسببه غير واضح بعد.  

وأعلنت الشرطة الإيرانية أن جسما غير معروف انفجر، ما تسبب في دوي، مؤكداً أن "أي مبنى لم يطاوله الحريق والتدمير نتيجة الانفجار"، وأضاف أن "الفيديوهات التي نشرت في العالم الافتراضي حول نشوب حريق في بعض المباني في العاصمة على خلفية الحادث غير مرتبطة به".  

والجمعة أيضاً، شهدت محطات القطارات في إيران حالة فوضى، وفقا لما أوردته وكالة "فارس" الإيرانية، التي أشارت إلى تعرّضها لهجوم إلكتروني مجهول المصدر.  

وقال التلفزيون الإيراني إنّ رحلات القطارات إما تأخرت أو أُلغيت، في الوقت الذي تعطلت فيه خدمات مكاتب التذاكر وموقع خدمة القطارات الوطنية على الإنترنت وخدمات الشحن. لكن، اليوم السبت، نفت شركة الخطوط الحديدية الإيرانية، تعرّض محطات القطارات في إيران لـ"الاختلال أو الهجوم السيبراني"، مشيرة إلى أن "العطل حدث في القسم التجاري بشبكة الخطوط الحديدية ومصدره مجهول"، وفقا لما نقلته وكالة "إيسنا" الإيرانية عن صادق سكري، رئيس الإعلام بالشركة.  

وأصدرت الشركة نفسها بياناً، أوردت فيه أن "برامج حركة القطارات في النظام الإلكتروني الداخلي ولم تحدث مشكلة لقطارات الركاب والشحن". 

 أزمة الكهرباء 

أما فيما يخص أزمة الكهرباء غير المسبوقة في إيران، هذه الأيام، والتي أدت إلى انقطاعات متكررة للطاقة الكهربائية بشكل يومي، ولعدة ساعات في المدن والقرى، وسط انتقادات من الشارع الإيراني، فتحدثت وكالة "فارس" الإيرانية، يوم الخميس الماضي، عن توقيف ثلاثة أشخاص من العاملين في إحدى محطات الكهرباء في إيران، مشيرة إلى أنهم "تعاونوا مع المجموعات المناهضة للثورة، لأجل إعطاب جزء من نشاط المحطة والتسبب في انقطاعات متكررة في بعض المدن الكبرى".

ولم تكشف الوكالة عن الجهة التي اعتقلت هؤلاء العاملين، لكنها زعمت أنهم "اعترفوا بتنظيمهم من قبل معارضي الثورة خارج البلاد" لإحداث فوضى في توزيع الكهرباء، لكن شركة توزيع الكهرباء الإيرانية نفت صحة هذا التقرير، مؤكدة أن "أيا من الأجهزة الأمنية لم تؤكد ذلك وجميع محطات الكهرباء تعمل وفق البرنامج". 

أما اليوم السبت أيضاً، فنفى المتحدث باسم صناعة الكهرباء، مصطفى رجبي مشهدي، في حديث مع التلفزيون المحلي، وقوع أي عمليات تخريبية في شبكة توزيع الكهرباء في محطة "طهران بارس" الكهربائية الأسبوع الماضي. 

وفيما قدم الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الأربعاء، اعتذاره وأسفه لعجز الكهرباء في إيران والانقطاعات المتكررة لهذه الطاقة، خلال الفترة الأخيرة، عزا سبب المشكلة إلى شح الموارد المالية الذي أدى إلى تراجع الاستثمارات في هذا المجال بسبب العقوبات الأميركية. 

 لقاح كورونا 

في غضون ذلك، تحدث المحلل الإيراني المحافظ محمد مرندي، يوم الخميس، لصحيفة "طهران تايمز" عن "عملية تخريبية أميركية" في خط إنتاج لقاح "إيران بركت" ضد فيروس كورونا، والذي أزاحت شركة "شفا فارمد" الستار عنه خلال الشهر الماضي.  

وأضاف مرندي أنه "لا مجال لعرض المزيد من المعلومات في هذا الخصوص"، لكن سرعان ما نفت شركة "شفا فارمد" صحة هذه التصريحات، معلنة أنها تنفي "بقوة" صحتها، وفقا لما أورده نادي "المراسلين الشباب".  

 حوادث أخرى 

إلى ذلك وقع انفجار، الثلاثاء الماضي، في منطقة "جشمه خوش" النفطية بقضاء دهلران في جنوب محافظة إيلام غربي إيران، خلف 3 قتلى وأربعة جرحى. وذكرت وكالة "مهر" الإيرانية أن الانفجار وقع في خط لنقل النفط، وأن جميع القتلى والجرحى هم من العاملين بالقطاع النفطي. وذكر التلفزيون الإيراني أن الحادث في منطقة "جشمه خوش" النفطية كان ناتجاً عن انفجار الغاز في خطوط نقل النفط والغاز في المنطقة. 

والإثنين الماضي، التهم حريق ضخم مستودعاً كبيراً للسلع المضبوطة غربي العاصمة الإيرانية طهران، ما خلف خسائر مادية كبيرة. ورجح المتحدث باسم منظمة الإطفاء الإيرانية، جلال ملكي، أن سبب الحريق هو تماس كهربائي بعد انقطاعات مستمرة ومتكررة للتيار الكهربائي في المنطقة، مضيفاً أن الحريق دمر كمية كبيرة من السلع الغذائية وأثاث البيت والمنظفات وغيرها.  

وسجّل الشهر الماضي أيضاً سلسلة حرائق في عدة منشآت، منها مصفاة نفط طهران، جنوبيّ العاصمة الإيرانية، الذي طاوله حريق ضخم، استمر ليومين والتهم 18 مخزنا، ومستودع لشركة "بهنوش" لإنتاج المشروبات غربي العاصمة الإيرانية طهران، والذي عزته الشركة إلى ارتفاع درجات الحرارة، فضلاً عن مصنع "زرند إيرانيان" للفولاذ، في محافظة كرمان جنوب شرقيّ البلاد، ما أدى إلى وقوع انفجار شديد. وحينها، قال حاكم مدينة زرند، علي صادق زادة، إن الحريق اندلع بسبب انسكاب المواد المذابة من الفرن.

وفي الثاني من الشهر نفسه، أعلنت السلطات الإيرانية مقتل طيارين عسكريين في حادث في منطقة دزفول، جنوبيّ إيران، وأعلن الجيش الإيراني، في بيان، أن الحادث وقع قبل إقلاع الطائرة وخلال التفعيل المفاجئ للمقعد القذفي، مؤكداً أن الخبراء بدأوا بالتحقيقات لمعرفة السبب الدقيق للحادث.  

كما أعلن الجيش الإيراني، في اليوم نفسه، غرق سفينة "خارك" العسكرية العملاقة للإسناد والتدريب، وهي إحدى أكبر السفن العسكرية الإيرانية، بعد نشوب حريق فيها بالقرب من مياه ميناء جاسك الإيراني المطل على بحر عُمان.  

وفي الثالث والعشرين من الشهر الماضي، أفادت وكالة "نور نيوز" المقربة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بأن "عملاً تخريبياً" استهدف أحد مباني منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، نواحي مدينة كرج بالقرب من العاصمة طهران، لكنها أكدت "إحباط العمل التخريبي".   

 والثلاثاء الماضي، أكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، في مؤتمره الصحافي، وقوع الحادث، لكنه قال إنه "لم يخلف أضراراً مادية وبشرية ملحوظة".  وأشار ربيعي، وفقاً لما أوردته وكالة "إيسنا"، إلى أن "أضرارا لحقت بسقف إحدى الصالات فقط ويجري عملية استبدالها"، نافياً صحة الأنباء التي تحدثت عن وقوع أضرار بالغة في المنشأة.

وتعليقا على صورة جوية انتشرت في العالم الافتراضي منذ أيام تظهر أضرارا بإحدى الصالات، قال ربيعي إن تلك الصورة التقطت بعد إزالة سقف الصالة لترميمها، مؤكدا أن "التفسيرات في الإعلام حول ذلك ليست دقيقة".