قال قائم مقام مدينة سنجار العراقية، محما خليل، لـ"العربي الجديد"، إن مسلحي حزب "العمال الكردستاني" المصنف على لائحة الإرهاب، يمارسون تضييقا كبيرا على المواطنين في المدينة، الخاضعة لنفوذهم، عبر ابتزازهم بطرق وأساليب مختلفة، منها احتجاز بطاقاتهم الانتخابية لدفعهم إلى التصويت لفائدة مرشحين مرتبطين به.
ويمثل وجود "العمال الكردستاني" والمليشيات المرتبطة به في مدينة سنجار، الواقعة غربي محافظة نينوى شمالي العراق، تحدياً كبيراً قد يحول دون توفير الأجواء المناسبة للتصويت في الانتخابات المبكرة التي ستجرى في العاشر من الشهر الحالي، في ظل عزوف الموجودين من سكان المدينة عن استلام بطاقات الناخبين التي تعدها مفوضية الانتخابات شرطاً أساسياً للمشاركة.
وقال خليل، في تصريح لـ"العربي الجديد" اليوم الجمعة، إن "مسؤولين من بلدة سنجار وجهوا خطابات ورسائل إلى حكومتي بغداد وأربيل بشأن ضرورة منع التجاوز على حرية الأهالي من الناحية السياسية، كما تمَّت مطالبة الحكومة بزيادة جهود المراقبة والإشراف على الانتخابات في سنجار".
وأضاف خليل أن "الحكومة المحلية في مدينة سنجار تخشى حالياً من أن تكون الانتخابات غير نزيهة ضمن بعض الدوائر التابعة للمدينة، لا سيما في المناطق التي تشهد نفوذاً عسكرياً للعمال الكردستاني، المدعوم من الفصائل العراقية المسلحة، وقوى أخرى تتبع الحشد الشعبي".
وأكد أن "مسلحي العمال الكردستاني مارسوا خلال الفترة الماضية ضغطاً سياسياً على مفوضية الانتخابات في سبيل تمرير بعض الأسماء كمرشحين عن كيانات العمال الكردستاني، رغم أن بعضهم متهم بجرائم إرهابية وآخرين متهمون بالفساد".
في المقابل، قال عضو حزب "العمال الكردستاني" كاوة شيخ موس، إن اتهامات قائم مقام سنجار "غير صحيحة"، مضيفا في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "العمال لا يمارسون أي ضغوط سياسية على الأهالي". لكنه أقر بأن هناك "بعض المرشحين للانتخابات كانوا عناصر ضمن صفوف العمال الكردستاني، وقبل ترشيحهم أقدموا على تقديم استقالاتهم من التنظيم الخاص بالحزب".
وتابع: "سنجار ضمن المدن التي تشهد حرية سياسية وهناك قوائم وكيانات سياسية عربية اشتركت بتقديم مرشحين، وأخرى كردية مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني، رغم أن الأخير هو الذي يمارس ضغوطاً على النازحين الأيزيديين في إقليم كردستان للاستيلاء على أصواتهم بالانتخابات"، وفقا لقوله.
وبحسب ما أكده سياسيون ومسؤولون محليون في المدينة، القريبة من الحدود العراقية السورية ضمن محافظة نينوى شمالي البلاد، فإن نحو 80% من سكان مدينة سنجار ما زالوا غير قادرين على العودة إلى منازلهم بشكل دائم، بسبب وجود مسلحي حزب "العمال الكردستاني"، فيما يعيش أغلبهم كنازحين في مدن إقليم كردستان العراق.
ويواصل "العمال الكردستاني" ومليشيا "أيزيدي خان"، حملتهما الإعلامية في سبيل دعم المرشحين الجدد، ومعظمهم من كوادر متقدمة في حزب "العمال"، لكنهم قرروا بغطاء منه، تأسيس كيانات جديدة لغرض المنافسة على مقعد الكوتا للأقلية الأيزيدية، وبعض المناصب المحلية في سنجار، وفقاً لمسؤول محلي من سنجار، تحدث مع "العربي الجديد"، مفضلاً عدم ذكر اسمه.
وقال المصدر ذاته إن "لدى العمال الكردستاني أكثر من كيان سياسي جديد، بينها حزب الحرية والديمقراطية الأيزيدية، وحزب التقدم الأيزيدي، والديمقراطي الأيزيدي، والحركة الأيزيدية من أجل الإصلاح"، مضيفا أنها "تسعى إلى إبعاد نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني عن المنافسة السياسية، لكن الحزب يمارس ضغوط على الأهالي في سبيل الحصول على أصواتهم، وقد أغدق بعض المرشحين الكثير من الوعود للأهالي، وهي وعود ترتبط بصلاحيات حكومية ضخمة".
ولفت إلى أن "معظم التوقعات تؤكد تدني نسب المشاركة في الانتخابات المرتقبة، بسبب القبضة البوليسية والتهديدات التي تمارسها المليشيات العراقية المسلحة والعمال الكردستاني من جهة، وعدم تحقيق أهم المطالب الأساسية للأهالي، والمتمثلة في إنهاء ملف النازحين والمختطفين على يد تنظيم داعش وبناء البلدة التي لا تزال آثار الدمار شاخصة فيها".
وتابع قائلا "كما أن كثيراً من الأهالي رفضوا استلام بطاقاتهم الانتخابية بسبب الشعور باليأس من ولادة حكومة تهتم لأمر الأيزيديين أو المتضررين من الهجمة الإرهابية التي نفذها داعش على البلدة خلال السنوات الماضية".
ولا تزال مدينة سنجار (110 كيلو مترات غربي الموصل)، خاضعة لسيطرة مسلحي حزب "العمال الكردستاني"، إضافة إلى فصائل عراقية مسلحة تابعة لـ"الحشد الشعبي"، والتي تمنع الحكومة العراقية من تنفيذ اتفاقية تطبيع الأوضاع في المدينة التي وقّعتها مع حكومة إقليم كردستان العراق، في أكتوبر/تشرين الأول 2020، والقاضية بسحب جميع الفصائل المسلحة من المدينة، وإعادة سكانها إليها، والبدء بعملية إعمار واسعة.