مستودعات أسلحة "الحرس الثوري" الإيراني في محيط دمشق هدفاً للطائرات الإسرائيلية

31 يناير 2022
38 غارة جوية شنّتها طائرات إسرائيلية في دمشق وريفها منذ مطلع عام 2021 (Getty)
+ الخط -

 

ضرب الطيران الإسرائيلي مجدداً أهدافاً يُعتقد أنها تابعة لـ"حزب الله" اللبناني في محيط العاصمة السورية دمشق، الذي تحوّل خلال العامين الأخيرين إلى هدف دائم، في معلومات تؤكد أنه يضم مستودعات ذات قدرة تخزينية عالية للحرس الثوري الإيراني.

وأكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن الطيران الإسرائيلي نفذ فجر الاثنين غارة من أجواء مدينة زحلة اللبنانية، استهدفت مستودعاً لحزب الله اللبناني في محيط مدينة القطيفة شمال شرقي دمشق.

 بدورها، قالت شبكة "صوت العاصمة" الإخبارية (شبكة سورية محلية)، إن هجوماً جوياً استهدف عدة نقاط للنظام السوري والمليشيات الإيرانية، في محيط مدينة القطيفة في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، ومواقع أخرى في محيط دمشق.

وأوضحت الشبكة أنها وثقت نحو 38 غارة جوية شنّتها طائرات إسرائيلية في دمشق وريفها منذ مطلع العام الماضي، استهدفت فيها 25 موقعاً للمليشيات الإيرانية والنظام السوري.

من جانبها، نقلت وكالة سانا الرسمية التابعة للنظام عن "مصدر عسكري"، قوله "إنه حوالي الساعة 3.05 من فجر اليوم نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من اتجاه رياق شرق بيروت مستهدفاً بعض النقاط في محيط دمشق"، زاعماً أن "وسائط دفاعنا الجوي تصدت لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها"، كما قال.

وتضم منطقة القطيفة مقرات ومستودعات للفرقة الثالثة التابعة لقوات النظام، بما فيها اللواء 155 الذي يضم منصات إطلاق صواريخ سكود بعيدة المدى، التي قصف بها النظام السوري خلال سنوات الحرب شمال وشمال شرقي سورية، ما أدى الى مجازر بحق المدنيين، وتدمير أحياء كاملة في مدينة حلب.

وإلى جوار هذا اللواء يقع اللواء 156 الذي تعرض لقصف إسرائيلي في عام 2018، ويضم صواريخ أرض -أرض.

ووفق منظمة "مع العدالة"، فإن ضباط الفرقة الثالثة ومنهم اللواء عدنان جميل إسماعيل كان لهم دور بارز في عمليات القمع خلال سنوات الثورة في ريف دمشق، وبالأخص مناطق القلمون القريبة من الفرقة التي يقع مقرها بالقرب من بلدة القطيفة.

وبينت المنظمة أن إسماعيل "مارس الدور الأكبر في عمليات التعذيب والقتل الممنهج بحق المتظاهرين، بالإضافة إلى تصفية عدد من مجندي الفرقة ممن كان يرفض إطلاق النار على المتظاهرين، كما يعتبر المسؤول المباشر عن تصفية عدد كبير من المتظاهرين داخل سجون الفرقة الثالثة".

وكانت تقارير إعلامية وحقوقية، قد أكدت أن هناك مقابر جماعية داخل مقرات الفرقة الثالثة في محيط مدينة القطيفة.

عمليات تموضع للحرس الثوري

من جانبه، يرجح وائل علوان وهو باحث في مركز "جسور" للدراسات في حديث مع "العربي الجديد" أن تكون منطقة القلمون شمال شرقي العاصمة السورية دمشق "محل استهداف من قبل الطيران الإسرائيلي"، مضيفاً أن "حزب الله والحرس الثوري الإيراني نقلا الكثير من مستودعات الأسلحة من محيط دمشق إلى القلمون ومناطق في ريف حمص الغربي".

وبيّن أن الحرس الثوري "يجري عمليات تموضع وإعادة انتشار في سورية بسبب الاستهداف الإسرائيلي المتكرر، والضغوط الروسية".

وأوضح أن هذا الحرس انتهى من بناء مستودعات أكثر تحصينا وذات قدرة استيعابية أكبر في منطقة القلمون، لافتاً إلى أن شركات مقاولات تابعة بشكل مباشر له تقوم بتجهيز البنية التحتية لهذه المستودعات.

الحرس انتهى من بناء مستودعات أكثر تحصينا وذات قدرة استيعابية أكبر في منطقة القلمون

وأعرب علوان عن اعتقاده بأن "الاستهداف الإسرائيلي للمواقع الإيرانية في سورية لم يؤثر سلباً حتى الآن على طبيعة النفوذ وعلى الانتشار الأمني والعسكري". وتابع: "عدد الغارات الإسرائيلية وحجمها لا يتناسبان مطلقاً مع الازدياد والتوغل الكبير للمشروع الإيراني في سورية، وعمليات التجنيد ونقل وصناعة وتطوير الأسلحة". وأضاف: "ربما التدخل الإسرائيلي يُرجع المشروع الإيراني خطوة إلى الوراء في مقابل تقدم هذا المشروع خمسين خطوة إلى الأمام". 

وفي السياق، أكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، الجمعة أنه جرت عملية نقل جديدة للأسلحة والذخائر من مخازن السلاح في محيط الميادين بريف دير الزور الشرقي، الواقع تحت السيطرة الإيرانية، تتضمن صواريخ قصيرة المدى وأخرى متوسطة المدى بالإضافة لسلاح خفيف ومتوسط.

وأكد المرصد أن هذه الأسلحة نُقلت إلى ريف دمشق "إذ تم إفراغ حمولتها في جرود المنطقة هناك وتحديداً ضمن مواقع ومخازن تابعة لحزب الله اللبناني، الذي أشرف على عملية النقل هذه"، وفق المرصد.

وخلال العامين الفائتين شن الطيران الإسرائيلي عشرات الغارات على أهداف يُعتقد أنها إيرانية في محيط العاصمة السورية دمشق، وفي ريفي حمص وحلب، قبل أن يستهدف لاحقاً حتى ميناء اللاذقية السوري على البحر المتوسط، حيث من المرجح وصول شحنات أسلحة إيرانية إلى سورية عبر البحر.

ونادراً ما تعترف تل أبيب بتنفيذ ضربات في سورية، إلا أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين تؤكد أنهم يهدفون إلى إبعاد إيران من سورية، لكن الوقائع الميدانية تشير إلى أن الجانب الإيراني لم يتأثر بالضربات الإسرائيلية، غير أنه بدّل أساليب جلب الأسلحة النوعية إلى سورية من مطار دمشق الدولي إلى ميناء اللاذقية أو عبر منافذ برية بين سورية والعراق استحدثها الإيرانيون منذ سيطرتهم على جانب من شرقي سورية أواخر عام 2017.

وقد وضع الحرس الثوري عشرات الميلشيات الطائفية في ريف دير الزور الشرقي لتأمين الطريق البري الذي يخترق البادية السورية وصولاً إلى حمص ومن ثم منطقة القلمون في ريف دمشق.

تقارير عربية
التحديثات الحية

تأثير محدود للضربات

الباحث السياسي رضوان زيادة يرى في حديث مع "العربي الجديد" أن الجانب الإسرائيلي "يستهدف تدمير أي قواعد عسكرية لحزب الله في سورية"، مضيفا: "هذه الغارات رسائل لإيران بأن تل أبيب لن تسمح بتمدد حزب الله في سورية".

وأشار إلى أن النظام "عاجز تماماً عن منع هذه الغارات أو ردها، لأنه لا يريد حرباً مع إسرائيل فهو الخاسر الأكبر في المعادلة ويتقبل هذه الضربات على مضض". وحول تأثير هذه الغارات على نفوذ طهران في سورية، يرى زيادة أنها "لا تؤثر على الوجود الإيراني بالمجمل"، مستدركاً بالقول: "لكنها تحد من توسعه".