مستقبل القوات الكورية الشمالية في أوكرانيا

09 مارس 2025   |  آخر تحديث: 01:06 (توقيت القدس)
جنود كوريون شماليون في بيونغ يانغ، 9 سبتمبر 2018 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار التقارب الروسي الأميركي تساؤلات حول تأثيره على علاقة موسكو بكوريا الشمالية، خاصة مع وجود قوات كورية شمالية تقاتل بجانب الجيش الروسي، مما يثير غضب الصين ويكلف أرواحًا.

- أعلنت الاستخبارات الكورية الجنوبية عن خسائر فادحة للقوات الكورية الشمالية في أوكرانيا، بسبب ضعف فهم الجنود للحرب الحديثة، ورغم ذلك يستمر كيم جونغ أون في إرسال قواته.

- حقق كيم مكاسب اقتصادية وعسكرية من دعمه لروسيا، بما في ذلك أموال وتقنيات عسكرية، مما يعزز علاقته ببوتين ويحقق مصالح كوريا الشمالية العليا.

أثار التقارب الروسي الأميركي بشأن الأزمة الأوكرانية تساؤلات في بكين حول تأثير ذلك على علاقة موسكو ببيونغ يانغ، ومستقبل القوات الكورية الشمالية التي تقاتل إلى جانب الجيش الروسي. وتساءلت أوساط إعلامية صينية: هل ينبغي للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، أن يعيد حساباته الخارجية بعد عودة دونالد ترامب للسلطة؟ وأشارت إلى أن إرسال الكوريين للموت من أجل روسيا خطوة سيئة. وأضافت أن تهور كيم يكلف أرواحاً ويخلق حالة من التعاسة في الداخل، ويثير غضب الصين، وأنه يتعين على كيم أن يعيد النظر في موقفه.

وكانت هيئة الاستخبارات الوطنية في كوريا الجنوبية قد أعلنت الأسبوع الماضي، أن بيونغ يانغ، أرسلت ما يصل إلى ثلاثة آلاف جندي جديد، للانضمام إلى نحو 12 ألف جندي يساعدون روسيا في حربها على أوكرانيا. وجاء ذلك في أعقاب تقارير غربية صدرت في يناير/كانون الثاني الماضي، تفيد بأن القوات الكورية الشمالية اختفت من الجبهة بعد خسائر فادحة. أيضاً كان رئيس الاستخبارات الدفاعية في كييف، كيريلو بودانوف، قد صرح خلال نفس الفترة بأن كوريا الشمالية تزود روسيا بنصف احتياجاتها من الذخيرة في الخطوط الأمامية، بما في ذلك مدافع "كوكسان" ذاتية الدفع عيار 170 ملم، وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة، والصواريخ الباليستية من طراز "KN-23".

جينغ وي: كيم حقق مكاسب كبيرة من خلال دعم المجهود الحربي الروسي ضد أوكرانيا

وقالت كييف إن ثلث القوات الكورية الشمالية البالغ عددها 12 ألف جندي والتي تم نشرها في الأصل في كورسك، سقطوا في المعارك. أما جهاز الاستخبارات الوطني في سيول فيقدم أرقاماً أقل: فهو يقدر مقتل 300 وإصابة 2700. وقال المشرعون الكوريون الجنوبيون إن ارتفاع معدل الخسائر يرجع إلى ضعف فهم الجنود للحرب الحديثة، فضلاً عن الطريقة التي يتم بها نشرهم من قبل روسيا، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أرقام أعلى كثيراً. وأياً كان الرقم الدقيق، فقد أثارت هذه الخسائر المزيد من التساؤلات حول خيارات كيم في ولاية ترامب الثانية.

كيم حقق مكاسب كبيرة

في رده على سؤال لـ"العربي الجديد" بشأن خيارات كيم جونغ أون، قال المختص في الشأن الآسيوي في معهد فودان للدراسات والأبحاث، جينغ وي، إن الزعيم الكوري الشمالي حقق على الصعيد الشخصي مكاسب كبيرة من خلال دعم المجهود الحربي الروسي ضد أوكرانيا، فهو يعاني من ضائقة مالية، وبالتأكيد حصل على الكثير من الأموال مقابل إرسال القوات، بالإضافة إلى الحصول على التقنيات العسكرية الروسية اللازمة لدعم وتطوير الترسانة العسكرية الكورية الشمالية (من دون الجزم إذا كانت هذه التقنيات مرتبطة بالبرنامج النووي).

وأضاف: الآن مع تواتر تقارير عن اقتراب التوقيع على اتفاق سلام ينهي الحرب، بعد الرسالة الأخيرة التي أعرب فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده للعمل تحت قيادة ترامب لتحقيق السلام، يشعر كيم بالنشوة، لأن ذلك سيختصر عليه الوقت والجهد سواء فيما يتعلق بإرسال المزيد من قواته، أو دعم المجهود الحربي الروسي، إذ يأتي ذلك في وقت حصل فيه على ما يريد من رافعة لاقتصاده الوطني، ودعم لترسانته العسكرية، وتعزيز علاقته الشخصية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد يفتح التقارب الروسي الأميركي مساراً لترامب نحو تسوية مع نظام بيونغ يانغ، وهو أمر يصب في المحصلة بخانة المصالح الكورية الشمالية.

خسائر القوات الكورية الشمالية في أوكرانيا

من جهته، علق الباحث في الشأن الكوري بجامعة تايبيه الوطنية فيكتور وانغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، على الخسائر التي تكبدتها القوات الكورية الشمالية في أوكرانيا. وقال: لطالما كان يُنظر إلى الجيش الكوري الشمالي بأنه أحد أكبر الجيوش وأكثرها ولاءً في العالم، ومع ذلك، يتم استغلال هذا الولاء من قبل قادة الجيش الروسي من خلال الزج بهم في الصفوف الأمامية على خطوط النار خاصة في المناطق الخطرة. وأضاف: بالإضافة إلى ذلك فإن الجيش الكوري الشمالي لم يخض حرباً منذ خمسينيات القرن الماضي (الحرب الكورية)، وبالتالي يفتقر للخبرة والقدرة على التعامل مع الحروب الحديثة، وقد ساهم ذلك في تكبّد القوات الكورية الكثير من الخسائر البشرية.

فيكتور وانغ: زيادة الخسائر لا تؤثر على قرار كيم

لكنه لفت إلى أن زيادة الخسائر لا تؤثر على قرار كيم، ولا تثنيه عن المضي في نفس النهج، لأن عقيدة الجيش تحتم عليه الولاء والانصياع لقرارات القائد الأعلى، وبالتالي لن يكون هناك أي صدى داخلي لحالة الاستنزاف. وتابع: كما أن نظام بيونغ يانغ، يقدم هذه القوات قرباناً مقابل تحقيق المصالح العليا للبلاد، وبالتالي يُنظر إلى القوات الكورية بوصفها بضاعة غير مستردة، وهذا يفسر الاستراتيجية الروسية السيئة في توظيفهم بالحرب والزج بهم على خطوط النار. وأضاف أنه حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب، فإنه من المرجح أن يواصل كيم إرسال قواته إلى روسيا من دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى خارج مصالحه الشخصية.

يشار إلى أن بيونغ يانغ لم تعترف رسمياً بإرسال قواتها إلى روسيا. وفي يونيو/حزيران العام الماضي، زار بوتين كوريا الشمالية ووقع معاهدة "شراكة استراتيجية شاملة" مع كيم، بما في ذلك اتفاقية دفاع مشترك. وعقب ذلك قالت كوريا الشمالية إن تحالفها العسكري مع روسيا أثبت فعاليته الكبيرة في ردع الولايات المتحدة وقواتها العميلة. كما أدانت التصريحات الصادرة عن واشنطن بشأن علاقات بيونغ يانغ مع موسكو.