مستقبل "العمال الكردستاني": وجود محدود في تركيا ومساع لتسجيل السلاح
استمع إلى الملخص
- رغم وقف إطلاق النار، تواصل تركيا عملياتها العسكرية ضد الحزب، بما في ذلك عمليات برية وجوية في شمال العراق وسوريا، مع استمرار التوترات الأمنية بعد هجمات استهدفت مواقع حيوية في تركيا.
- تسعى الحكومة التركية لتسليم السلاح بشكل متكامل، دون عفو عام، مع منع القيادات الحزبية من العودة، وتقييم ردود الفعل من المنظمات المرتبطة بالحزب.
أعلن "حزب العمال الكردستاني" اليوم السبت الامتثال للدعوة التي وجهها الخميس زعيمه المسجون في تركيا عبد الله أوجلان إلى التخلي عن السلاح وإعلان وقف فوري لإطلاق النار، في خطوة مهمة لإنهاء صراع مستمر منذ 40 عاماً مع أنقرة، ما يطرح تساؤلات حول مستقبله ومصيره إذ إن لديه وجوداً محدوداً في تركيا ويزيد في سورية والعراق، فيما تسعى الحكومة إلى التأكد من التزامه بتسليم السلاح، وفق صحيفة "حرييت" التركية.
وقال بيان للجنة التنفيذية لـ"العمال الكردستاني": "استجابةً لنداء القائد (أوجلان) للسلام والمجتمع الديمقراطي، نعلن وقفاً لإطلاق النار اعتباراً من اليوم، وأنه رغم أي هجمات قد تُشن، فإن قوات الحزب لن تبادر إلى تنفيذ عمليات عسكرية". وأضاف البيان أنه يأمل أن تطلق أنقرة سراح أوجلان المحتجز في عزلة تامة تقريباً منذ 1999 كي يتسنى له قيادة عملية نزع السلاح. كذلك تحدث عن حاجة لوضع شروط سياسية وديمقراطية لإنجاح العملية.
وإزاء التطورات الحاصلة في هذا الملف، تطرح تساؤلات عن حجم وجود "حزب العمال الكردستاني" في تركيا في ظل عدم وجود أرقام ومعطيات دقيقة، خصوصاً أنه لا يعلن عن ذلك، وهنا تحضر بعض التصريحات الحكومية، وكان آخرها في مايو/أيار 2023 حين أعلن وزير الداخلية السابق سليمان صويلو أن عدد المسلحين التابعين للحزب يبلغ وفق التوقعات الحكومية 85 مسلحاً فقط، نتيجة العمليات التي تقوم بها القوى الأمنية.
وتشنّ تركيا منذ العام 2016 عمليات عسكرية جنوب شرق البلاد، وخارجية تشمل عمليات برية وقصف شمال العراق وجبال إقليم كردستان العراق، وأخرى داخل سورية من خلال القصف الجوي واستهداف القيادات، فضلاً عن عمليات الاعتقال المتواصلة داخل البلاد، فيما يجري الحديث دائماً عن انخفاض عدد المنتسبين لـ"حزب العمال الكردستاني" داخل تركيا.
وفي السنوات الأخيرة غابت العمليات الكبرى التي كان يشنها داخل تركيا ضد القوات المسلحة، ومعظم العمليات الأخيرة استهدفت مواقع حيوية عبر عمليات تسلل جرت من خارج الحدود مع سورية والعراق. وكان آخر تلك الهجمات استهداف "حزب العمال الكردستاني" مقر هيئة الصناعات الفضائية في أنقرة، في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ أعلن تبنيه الهجوم المسلح الذي أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وجرح أكثر من 20.
ونفذ هجوماً في الأول من أكتوبر 2023، استهدف وزارة الداخلية أسفر عن مقتل شرطيين ومدني وجرح آخرين. وفي أيلول/سبتمبر من العام 2022 شنت مسلحتان هجوماً مسلحاً على مركز سكن للشرطة في مدينة مرسين جنوب البلاد، حيث أصيبتا بإطلاق النار قبل تفجير نفسيهما، فيما أصيب عناصر شرطة بالهجوم.
وتتهم الحكومة التركية "حزب العمال الكردستاني" بتنفيذ عمليات أخرى لم يتبناها، مثل عملية تفجير في شارع الاستقلال بمنطقة تقسيم السياحية الشهيرة في أكتوبر 2022 نفذتها مواطنة سورية اعترفت بتجنيدها من مسؤولين في "وحدات حماية الشعب" الكردية، فيما نفى "الكردستاني" علاقته بذلك. وتصنف تركيا "وحدات حماية الشعب" و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على أنها امتداد لـ"العمال الكردستاني"، ومنظمات أخرى اجتماعية وذراع آخر في إيران، ومؤسسات في أوروبا وتطالبها جميعها بالامتثال إلى دعوة أوجلان، وفق ما صرح به المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشليك أمس.
استراتيجية الحكومة التركية
إلى ذلك، نقلت صحيفة حرييت المقربة من الحكومة بعد ملامح استراتيجية الأخيرة في التعامل مع التطورات الحاصلة، مبينة أن الحكومة تحرص على أن تكون عملية متكاملة صادقة حقيقية يمكن ضبطها عبر تسجيل السلاح المسلم بالرقم التسلسلي. وقالت الصحيفة اليوم السبت إن الحكومة تنتظر ردوداً على بيان أوجلان من المنظمات في سورية والعراق وأوروبا، ويتم تقييم كل الاحتمالات، ومن المؤكد أنه سيتم تطبيق آليات جديدة لعملية تسليم السلاح.
وأفادت الصحيفة أن استجابة "حزب العمال الكردستاني" ستكون عبر مؤتمر يعقد واتخاذ قرار حل الحزب وهذا يتطلب ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، ولضمان عدم بقاء هذا الحل حبراً على ورق، سيتم وضع آلية خاصة بتسجيل الأسلحة المسلمة، وخصائصها مثل المنشأ والرقم التسلسلي، عندها يمكن تنفيذ عملية حل للحزب تكون حقيقية.
وأوضحت أنه سيتم إنشاء آليات منفصلة في كل من العراق وسورية للسيطرة على الأسلحة وتسجيلها، وسيعمل المسؤولون الأتراك والمحليون معاً في هذه الهياكل، ولن تضع الحكومة خطوات التحول الديمقراطي التي تراها ضرورية على جدول أعمالها إلا في حالة استكمال عملية الحل هذه بنجاح.
ونفت الصحيفة أن يكون هناك عفو عام على أجندة الحكومة، مشيرة إلى أنها ستمنع القيادات الحزبية من العودة لتركيا بأي شكل، وستترك لهم الخيار للعيش في بلدان لا عناصر للحزب فيها، والخيار الثاني هو بقاؤهم في العراق وسورية إذا قبلوا ذلك، ومن المقرر إعادة دمج أعضاء "حزب العمال الكردستاني" الذين يحملون الجنسية التركية في المجتمع بشرط عدم انخراطهم في العمل المسلح بشكل موثوق.
وبالنسبة لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية في سورية، توضح الصحيفة، فإن الخيار الأول هو التوصل إلى اتفاق مع الدولة السورية والانضمام إلى هيكلية الدولة الجديدة، وفي حال مواصلة الأنشطة المسلحة فإن عملية صعبة للغاية ستبدأ ضدها.
وجود "العمال الكردستاني" في تركيا
وعن وجود عناصر "العمال الكردستاني" في تركيا، قال الكاتب والمحلل السياسي فراس رضوان أوغلو لـ"العربي الجديد": "حزب العمال الكردستاني له وجود في تركيا ولكنه ليس كبيراً جداً هو عادي، إلا أن لديه أنصاراً يقدر عددهم بنحو نصف مليون شخص يؤيدونه من الناحية الفكرية، وبالتالي هم قنبلة موقوتة".
وأضاف "العودة للسلام وإخراج الحزب من الحرب كله لصالح أفكار الحزب نفسه إذ نجح في تغيير القراءة الفلسفية من دولة عرقية قومية إلى دولة تعايشية وهذا تطور مهم في الفكر السياسي، الكردستاني لديه نفوذ في بعض المناطق الكردية وإن لم يستطع القيام بعمليات كبيرة في السنوات الأخيرة، إلا أن له وجوداً في مناطق جنوب وجنوب شرق تركيا في الولايات ذات الغالبية الكردية".