مستشار ترامب في ليبيا غداً بزيارة هي الأولى من نوعها
استمع إلى الملخص
- السياق الإقليمي والدولي: تأتي الزيارة في ظل اهتمام أميركي متزايد بالملف الليبي، وسط مقترحات لنقل سكان من غزة إلى ليبيا، مما يثير قلقاً محلياً.
- الدور الأميركي في الملف الليبي: تعكس الزيارة محاولة لدعم المشروع الأميركي في الجانب الأمني والسياسي، مع التركيز على تعزيز التعاون الأمني وتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية.
يصل إلى ليبيا غدا الأربعاء، المستشار الرفيع للرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون العربية والشرق أوسطية، مسعد بولس، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول رفيع من إدارة ترامب إلى البلاد منذ عودة الأخيرة إلى السلطة.
وتشمل الزيارة العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي، حيث من المقرر أن يلتقي في طرابلس رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وفي بنغازي، قائد ما يُعرف بـ"القيادة العامة" اللواء المتقاعد خليفة حفتر. ووفق معلومات أدلت بها مصادر دبلوماسية ليبية، حكومية وأخرى مقربة من المجلس الرئاسي، لـ"العربي الجديد"، فإن مباحثات بولس في طرابلس ستتناول ملفين أساسيين، أولهما الملف السياسي وارتباطه بالتعثر الذي تشهده العملية السياسية ومحاولات البعثة الأممية في ليبيا لكسر الجمود عبر تقريب وجهات النظر والدفع نحو إجراء الانتخابات الوطنية المؤجلة، وثانيهما الملف الاقتصادي، حيث ستركز المباحثات على قضية النفط بشكل أساسي، ولا سيما تصديره بشكل منتظم عبر المؤسسة الوطنية للنفط، باعتبارها الإطار القانوني والشرعي الوحيد لإدارة الثروة النفطية الليبية.
كما ستتطرق النقاشات إلى قضايا حساسة أخرى، في مقدمتها توازن العلاقات الخارجية الليبية، وسط قلق أميركي من تنامي العلاقات العسكرية بين حفتر وموسكو، وكذا الاتصالات المتزايدة بين حكومة طرابلس وبعض العواصم الأوروبية. وبحسب ذات المصادر، فإن الزيارة التي كان مقررا أن تتم في منتصف يونيو/حزيران الماضي، تأجلت الى الغد لإفساح المجال أمام البعثة الأممية لاستكمال مشاوراتها التي بدأتها وقتها مع الأطراف الليبية حول خريطة طريق جديدة طرحتها في العشرين من مايو/أيار. وتضمنت الخطة الأممية، التي تحظى بدعم أميركي واسع، أربعة خيارات تمثل خريطة طريق سياسية جديدة.
وفيما تندرج زيارة بولس إلى ليبيا ضمن محطات زيارته للمنطقة هذه الأيام، إلا أنها تأتي أيضا في سياق اهتمام معلن بالملف الليبي أبداه بولس منذ توليه مهامه في إدارة ترامب، حيث أكد في أكثر من مناسبة أن واشنطن تطور تصورا للحل الليبي بالتعاون مع كافة الأطراف، وأنها عازمة على الدفع نحو تسوية ليبية من خلال توافق ليبي شامل يقود إلى شراكة حقيقية في الحكم ضمن مشروع موحد، ما يشير إلى مساع أميركية للحضور بكثافة في الملف الليبي، رغم التحديات التي تحيط بموقعه في سلم أولويات البيت الأبيض.
كما تأتي زيارة بولس في ظل سياق إقليمي مضطرب، حيث تتزايد الأنباء عن مقترحات أميركية وإسرائيلية لنقل سكان من قطاع غزة إلى دول أخرى، من بينها ليبيا، وكذلك رغبة واشنطن في ترحيل مهاجرين يحملون سجلات جنائية إلى دول بينها ليبيا، وهو ما أثار قلقا واسعا في الشارع الليبي، واعتبر تهديدا مباشرا للسيادة الليبية.
من جهة أخرى تجري زيارة بولس في ظل غموض إدارة ترامب تجاه ليبيا، فعلى الرغم من المواقف الأميركية الثابتة في ملف مكافحة الإرهاب ورفض التمدد الروسي، إلا أن ترامب لم يبد وضوحا في موقع الملف الليبي في سلم أولويات سياساته، كما أنه اصدر قرارات بشأن ليبيا مثل فرض قيود على منح التأشيرات الأميركية على الليبيين، وتمديد حالة الطوارئ الأميركية المتعلقة بليبيا باعتبارها تمثل تهديدا للأمن القومي.
وكان الملف الليبي قد حظى باهتمام أميركي كبير منذ العام الماضي، خاصة من الناحية الأمنية، تمثل في مشروع أميركي يقضي بإنشاء قوة عسكرية ليبية مشتركة من معسكري شرق وغرب البلاد، وهي الخطوة التي أبرزتها زيارة نائب قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الفريق جون برينان، في فبراير/شباط الماضي، إلى كل من طرابلس وبنغازي، وفي نهاية الشهر نفسه نفذت القوات الجوية الأميركية نشاطا عسكريا قبالة ساحل سرت، وصفته سفارة واشنطن لدى ليبيا بأنه يهدف إلى تعزيز قدرات الدفاع الجوي والتكامل العسكري بين مناطق ليبيا المختلفة.
وفي إبريل/نيسان الماضي زارت السفينة الحربية الأميركية "يو إس إس ماونت ويتني" التابعة للأسطول السادس ميناءي طرابلس وبنغازي، حيث أجرى الوفد الأميركي المرافق للسفينة محادثات مكثفة مع مسؤولين ليبيين على رأسهم عبد الحميد الدبيبة وخليفة حفتر وكبار القادة العسكريين في طرابلس وبنغازي، تركزت حول توحيد المؤسسة العسكرية وتعزيز التعاون الأمني. وتعكس زيارة بولس يوم غد، محاولة لدعم المشروع الأميركي في الجانب الأمني بغطاء سياسي ودبلوماسي، ما يسهم في إعادة الدور الأميركي طرفا مؤثرا في الملف الليبي.