مساعٍ لاحتواء حفتر... هل ينجح الدبيبة في زيارة بنغازي؟

مساعٍ لاحتواء حفتر... هل ينجح الدبيبة في زيارة بنغازي؟

06 مايو 2021
مساع محلية لترتيب زيارة الدبيبة إلى بنغازي (فيسبوك)
+ الخط -

تسعى الحكومة الليبية، في الوقت الحالي، للإعداد لزيارة قريبة إلى مدينة بنغازي، وتجاوز العقبات التي تمنعها من التواجد في مدن الشرق الليبي، وسط مساع ووساطات محلية وإقليمية لإنهاء بوادر أزمة وتصعيد كانت على وشك الظهور بسبب منع اللواء المتقاعد خليفة حفتر الحكومة من عقد اجتماع لها في بنغازي.
وأعلن المكتب الإعلامي للحكومة، في بيان أمس الأربعاء، عن استقبال رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، في طرابلس عدداً من "أعيان ومشايخ وعمداء المنطقة الشرقية". 
ولم يذكر بيان المكتب الإعلامي للحكومة أسماء الأعيان والمشايخ الذين التقوا الدبيبة، إلا أنه لفت إلى طلبهم بـ"ضرورة الإسراع في زيارة مدينة بنغازي والمنطقة الشرقية". 


وفي الوقت الذي أشار إلى أن الدبيبة ناقش خلال اللقاء احتياجات المنطقة الشرقية والمشاكل التي تعانيها وسبل تذليلها، نشرت وزارة الداخلية بالحكومة بالتزامن بياناً قالت فيه إن وزير الداخلية، خالد مازن، التقى عددا من أعضاء مجلس مشايخ وحكماء بنغازي، خلال زيارته للمدينة، أمس الأربعاء. 
وعلى الرغم من أن زيارة الوزير إلى مدينة بنغازي هدفت لـ" متابعة سير العمل الأمني لكافة مكونات الوزارة العاملة في بنغازي"، وفق البيان، إلا أنه نقل عن مشايخ وحكماء المدينة دعوتهم لرئيس الحكومة وجميع الوزراء إلى زيارة المدينة ومدن الشرق الليبي "متى ما قرروا ذلك". 

في الأثناء، كشفت مصادر حكومية من طرابلس النقاب عن بذل عدد من مسؤولي السلطة الجديدة جهوداً لترتيب زيارة قريبة سيجريها الدبيبة وعدد من الوزراء لمدينة بنغازي، مشيرة إلى أن زيارة وزير الداخلية للمدينة جاءت في صلب هذا السعي. 
ووفقاً لمعلومات المصادر، فإن نائب رئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني أجرى عدداً من الاتصالات في هذا الشأن.
ولفتت إلى أن الكوني أجرى مشاورات مباشرة مع حفتر، أثناء زيارته لبنغازي يومي الثلاثاء والأربعاء، في إطار جهود المجلس الرئاسي لتوحيد مؤسسات الدولة ومن بينها المؤسسة العسكرية. 
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن جهود احتواء موقف حفتر من الدبيبة لم تتوقف على الجهود المحلية، بل شاركت فيها عواصم على صلة بحفتر أهمها القاهرة. 
وفي مستوى السعي المحلي، كشفت المصادر أن الترتيبات مع قيادة حفتر بشأن إفساح المجال للحكومة بالتحرك في بنغازي ومدن شرق ليبيا لم تخل من مقابل، ومنها الموافقة على شخصيات دفع بها لشغل مناصب في الحكومة من بينها مراجع غيث، وزير المالية بالحكومة الموازية السابقة، كنائب لوزارة المالية، واللواء الهادي الفلاح، أحد ممثليه في لجنة 5+5، نائباً لوزارة الدفاع التي لا يزال الدبيبة يحتفظ بها لنفسه. 

ويبدو أن تلك الشخصيات التي دفع بها حفتر في وزارة المالية ووزارة الدفاع على صلة بتصريحات الكوني الذي أكد، خلال مؤتمر صحافي عقده إثر انتهاء زيارته إلى بنغازي، أن المجلس الرئاسي والحكومة أحرزا "الكثير في ملف توحيد مؤسسات الدولة وفي انتظار توحيد المؤسستين العسكرية والمالية". 
وفي مؤشر لكواليس المساعي لحلحلة موقف حفتر المتصلب إزاء توحيد المؤسسة العسكرية، قال الكوني: "سأتجه غداً إلى الجنوب لألتقي قيادات عسكرية بخصوص توحيد المؤسسة العسكرية". 
لكن المصادر ذاتها أكدت أن المساعي لم تثمر موقفاً واضحاً من جانب حفتر حتى الآن، مشيرة إلى أن الوضع لا يرتبط بموقف حفتر من الحكومة فقط، بل يتصل بملفات أخرى يعد حفتر جزءاً منها وتنتظر تفاهمات إقليمية ودولية، منها قضية المقاتلين المرتزقة والوضع الميداني في وسط البلاد. 
وكان الدبيبة قد نفى أن يكون حفتر منعه من زيارة بنغازي، الشهر الماضي، مشيراً إلى أن الاجتماع الوزاري تأجل بسبب "أمور لوجستية". وأكد أنه سيزور بنغازي "قريباً" لعقد الاجتماع الحكومي المؤجل. 
وأشار الدبيبة، خلال لقاء أجرته معه قناة الجزيرة، أمس الأربعاء، إلى أنه لا يوجد أي تنسيق بينه وبين حفتر بشأن الاجتماع، موضحاً أن "التنسيق مع عميد البلدية ووزارة الداخلية وهما يتعاملان مع من يشاءان سواء خليفة حفتر أو غيره". 
وتعليقاً على هذه المستجدات، رأى الناشط السياسي الليبي مالك هراسة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن حفتر "لا يمكنه الاستمرار في رفض التعامل مع الوضع الجديد فهناك شخصيات أخرى غير الدبيبة يمكنها أن تفرض نفسها على حفتر ومنها الكوني مثلاً الذي لوح بورقة الجنوب وأهميته في توحيد المؤسسة العسكرية".
وأوضح أن "الكوني يعني اللواء علي الكنه، خصم حفتر، وهو أبرز القيادات العسكرية في الجنوب ويتبعه حشد عسكري يمكن أن يكون له وزن في سياق المخاوف من تسرب الفوضى من شمال تشاد إلى الجنوب في ليبيا". 
وعلى الرغم من ذلك يتوجب على حكام البلاد الجدد احتواءه، بحسب هراسة، فـ"حفتر شخصية جدلية وتسعى دول شاركت في الصراع في البلاد إلى الاستفادة من تعنته للاحتفاظ به في الهامش كعامل للتهديد والمناورة".

المساهمون