كشف مسؤول عسكري عراقي بارز في قيادة العمليات المشتركة، لـ"العربي الجديد"، أول من أمس السبت، عن توصيات جديدة من قبل التحالف الدولي بشأن المساعدات العسكرية التي تلقاها العراق أخيراً من التحالف، تتضمّن شرط منع انتقالها أو استعمالها من قبل "الحشد الشعبي". وأوضح أنه بموجب الشروط فإنه سيترتب على رصد أي خرق إجراءات من قبل التحالف، قد تصل إلى وقف برنامج المساعدات للقوات العراقية النظامية.
وبحسب المسؤول العسكري فإن "الولايات المتحدة وبريطانيا، باعتبارهما أبرز الداعمين للعراق ضمن جهود التحالف، رفضتا في أكثر من مناسبة تأكيدات القيادات العراقية بأن الحشد الشعبي جزء من المنظومة الأمنية، وله قانون تم تشريعه في البرلمان، كما أنهما لا تفرّقان كثيراً بين فصيل وآخر". ولفت إلى أن "الحظر الذي يفرضه التحالف الدولي على دعم العمليات والحملات العسكرية العراقية التي تشارك بها فصائل الحشد لا يزال سارياً، لذلك لجأت قيادة العمليات المشتركة إلى تغطية الحملات التي يتم إشراك الحشد فيها بمروحيات الجيش والطيران الحربي العراقي حصراً".
سلم التحالف الدولي قوات الجيش العراقي تجهيزات ومعدات عسكرية
وأوضح أن "طيران التحالف سبق أن قدّم دعماً جوياً للحشد الشعبي في معارك تكريت في عام 2015 والموصل والفلوجة وبيجي من بعدها، وفي مناطق مختلفة. لكن التوترات السياسية التي حدثت بعد انتخابات عام 2018، وما أسفرت عنه من تكليف عادل عبد المهدي برئاسة الحكومة، والتصعيد ضد الإدارة الأميركية أدت إلى قرار بوقف أي دعم جوي لهذه الفصائل، وهو من قرارات إدارة (الرئيس السابق) دونالد ترامب، الذي ما زالت الإدارة الحالية (برئاسة جو بايدن) تعمل به".
وكانت قوات التحالف قد أبلغت حكومة عادل عبد المهدي بهذا الإجراء نهاية عام 2019. وجاء يومها بعد ارتفاع حدة التوتر بين الولايات المتحدة والفصائل المدعومة من إيران، والتي استفادت خلال السنوات السابقة من دعم التحالف الدولي أثناء العمليات العسكرية لطرد مسلحي تنظيم "داعش"، من مدن شمال وغربي العراق. واستدعى هذا الوضع اعتماد العراق، في الحملات التي يتم فيها إشراك فصائل "الحشد الشعبي"، على سلاح الجو الخاص به، في وقت تنحصر فيه عمليات التحالف الدولي على دعم تحركات جهاز مكافحة الإرهاب وقوات النخبة في الجيش العراقي.
وخلال الشهر الحالي بلغ عدد العمليات الجوية لقوات التحالف الدولي أكثر من 40 ضربة جوية، غالبيتها نفذت في مناطق شمال وشمال غربي البلاد. وحصدت محافظة نينوى، وتحديداً منطقة جبال قره جوخ وحمرين، غالبية تلك الضربات. وبدا لافتاً مشاركة المقاتلات البريطانية في عدد من تلك الضربات، وفقاً لبيانات متفرقة صدرت عن قوات التحالف الدولي والسلطات العسكرية العراقية، كانت بمجملها في إطار دعم وتغطية تحركات جهاز مكافحة الإرهاب والاستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع العراقية.
وأعلن المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، الخميس الماضي، عن تلقي بلاده مساعدات عسكرية جديدة من التحالف الدولي. ونقلت صحيفة "الصباح" الرسمية، في عددها الصادر الخميس الماضي، عن الخفاجي قوله إن "التحالف الدولي سلّم إلى قوات الجيش العراقي تجهيزات ومعدات، تشمل آليات عسكرية وأسلحة ومعدات عسكرية بقيمة 5 ملايين دولار". وأضاف أن "هذه المنحة تأتي من أجل مساعدة قوات الأمن العراقية في حربها ضد عصابات داعش وبناء المؤسسات العسكرية بأرقى التجهيزات".
وأكد القيادي في "الحشد الشعبي" محمد البصري صحة المعلومات الجديدة بشأن إجراءات التحالف الدولي. وقال، لـ"العربي الجديد"، إن "عمليات الحشد الشعبي تتم من خلال غطاء الطيران العراقي". وأوضح أن "الحشد لم ولن يتلقى دعماً في أي معركة من طيران التحالف الدولي، وكل الدعم الجوي كان من الطيران العراقي، ولا نحتاج إلى مشاركة طيران التحالف".
محمد البصري: الحشد لم ولن يتلقى دعماً في أي معركة من طيران التحالف
بدوره، قال النائب كريم عليوي، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، والقيادي في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "قرارات التحالف الدولي تستهدف الحشد كمنظومة وتحاول التضييق عليه". وأضاف أن "طيران التحالف قصف أكثر من مرة بالفترات السابقة قطعات من الحشد، بحجة الأخطاء العسكرية، خلال المعارك ضد تنظيم داعش، لذلك مسألة عدم تغطية التحالف محاور الحشد في أي عملية أمر جيد، والطيران العراقي هو من يوفر الدعم والإسناد". واعتبر أن "الحشد يرفض أن يتلقى دعماً من التحالف الدولي بأي شكل من الأشكال، وهو ليس بحاجة له".
وفي الخامس من الشهر الحالي، أصدرت جماعات عراقية تطلق على نفسها اسم "الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة العراقية"، وتضم مليشيات عدة، أبرزها "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"العصائب" و"الخراساني" و"سيد الشهداء" و"الطفوف"، وفصائل مسلحة أخرى منضوية ضمن "هيئة الحشد الشعبي"، بياناً توعدت فيه بما سمّته مرحلة جديدة من التصعيد ضد القوات الأميركية والمتعاونين معها، مهددة بشن هجمات واسعة تستهدف المعسكرات والأرتال الأميركية في العراق. ونهاية العام الماضي فرضت وزارة الخزانة الأميركية سلسلة من العقوبات على قيادات بارزة في "الحشد الشعبي"، أبرزها رئيسه فالح الفياض، والقيادي في "كتائب حزب الله" عبد العزيز المحمداوي، الملقب "أبو فدك"، والذي يشغل منصب رئيس أركان "الحشد الشعبي". وبلغ مجموع القيادات البارزة التي طاولتها العقوبات الأميركية نحو 15 شخصية، بتهم أغلبها متعلقة بانتهاكات في ملف حقوق الإنسان، واستهداف استقرار العراق والفساد المالي وتهديد الديمقراطية في البلاد وفقاً لبيانات صدرت عن وزارة الخزانة الأميركية.
الخبير الأمني العراقي والمقرب من أجهزة الاستخبارات العراقية، فاضل أبو رغيف، وصف العلاقة بين التحالف الدولي و"الحشد الشعبي" في العراق بأنها مستحيلة. وأوضح أبو رغيف، لـ"العربي الجديد"، أنه "كانت هناك عمليات عسكرية خاضها الحشد الشعبي تحت إمرة قيادة العمليات المشتركة في عدد من المدن. ويكون تقسيم مهمات القوات القتالية من قبل العمليات المشتركة، وهذه العمليات إذا كانت تحتاج إلى ضربات جوية فإنه تتم الاستعانة بالتحالف الدولي لتقديم الإسناد والدعم. لكن إذا كانت العملية تتعلق بالحشد الشعبي، فإن ذلك سيكون خارج دعم التحالف الدولي". وأوضح أن "فصائل الحشد لم تطلب دعماً جوياً من التحالف الدولي"، في إشارة إلى أن المقاطعة لا تتعلق بالتحالف الدولي فقط، بل من قبل "الحشد الشعبي نفسه.