مسار دستوري جديد للانتخابات الليبية: هل يفتح باب الحل أم يعقد الوضع؟

مسار دستوري جديد للانتخابات الليبية.. هل يفتح الباب لإجرائها أم يزيد الوضع تعقيداً؟

31 مارس 2022
سيحتاج المجلس الرئاسي الليبي في حال تدخله إلى دعم دولي وإقليمي وداخلي (فيسبوك)
+ الخط -

لا يزال ملف الاستحقاق الانتخابي في ليبيا يسير وسط تناقض مصالح الأطراف الداخلية ورغباتها، ومساعي الخارج الذي يصر على ضرورة إجراء الانتخابات "في أقرب أجل ممكن"، دون أن يتوصل أي طرف إلى حسم هذا الملف الشائك.

وفي آخر التطورات الخاصة بملف الانتخابات؛ أعلنت حكومة الوحدة الوطنية، الأربعاء، عن تشكيل رئيسها عبد الحميد الدبيبة لجنة من خبراء القانون لتسلّم مواد قانون للانتخابات أعدته لجنة وزارية، كان الدبيبة قد شكلها في السابق ضمن ما سماها بـ"خطة عودة الأمانة للشعب".

ووفق مكتب إعلام الحكومة، فإن لجنة الخبراء، التي أعلن الدبيبة عن تشكيلها، مهمتها إعداد خطة تفصيلية في أول اجتماع لها، لتوضيح آلية تنفيذ أعمالها المتمثلة في إطلاق حوار وطني من أجل مناقشة مسودة قانون الانتخابات الذي أعدته اللجنة الوزارية.

وتأتي خطوة الدبيبة تزامناً مع مساعٍ أممية تقودها مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني وليامز، تتمثل في مبادرتها الرامية لجمع ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لتشكيل لجنة دستورية مشتركة، تعد قاعدة دستورية للانتخابات، ولم تعقد سوى اجتماعين، نهاية الأسبوع الماضي في تونس، بشكل أحادي مع ممثلي مجلس الدولة، فيما لم يتجاوب مجلس النواب مع مبادرتها حتى الآن.

وطالب الدبيبة لجنة الخبراء الجديدة بضرورة طرح مسودة قانون الانتخابات في حوار وطني موسع لـ"جمع الملاحظات، لتعبّر عن أكبر شريحة ممكنة من المجتمع الليبي".

وأكد الدبيبة، في كلمة له بالمناسبة، أن "الهدف من تشكيل اللجنة هو توسيع دائرة المشاركة بوجود عدد من الشخصيات الوطنية السياسية"، موضحاً أن "نقل هذه المهمة للجنة الوطنية هو دليل قاطع على نية الحكومة لإثبات المصداقية في طرح القانون ومسار تنفيذ الانتخابات بالشفافية اللازمة".

وأفاد مكتب إعلام الحكومة بأن أعضاء اللجنة الوطنية أكدوا حرصهم على "إنجاح مهمتهم والالتزام بتحقيق هدف الوصول إلى الانتخابات".

وتتكون اللجنة من 19 عضواً، بينهم ثلاث نساء. ويرأس اللجنة أشرف بلها، وتضمّ في عضويتها إبراهيم قرادة، عبد الحميد الكزة، عبد القادر المحجوب، عيسى التويجر، فيروز النعاس، حسام باشا إمام، سامي الأطرش، عبد الرحمن قدوع، أسامة أبو ناجي، مريم مغار، عبد السلام الدوكالي، أحمد برباش، فائزة الباشا، عبد المنعم الغيثي، نصر معيقل، الهادي هنشير، محمد حبيل.

وتعليقاً على الخطوة، قال المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش: "إن القانون الليبي يجيز لرئيس الحكومة اقتراح القوانين، بشرط تحويلها إلى السلطات التشريعية المتمثلة في مجلسي النواب والدولة، أو إلى المجلس الرئاسي من أجل إقرارها".

وفي السياق، توقع فركاش أن يرمي الدبيبة الكرة في ملعب مجلس النواب، وذلك عبر إرسال مسودة قانون الانتخابات والخطة التفصيلية بعد إعدادها إلى المجلس، من أجل إحراجه "في حال لم يعمل بها كما هو متوقّع".

وبحسب حديث فركاش لـ"العربي الجديد"، قد يحيل الدبيبة نسخة إلى البعثة الأممية وأخرى إلى مفوضية الانتخابات، بالإضافة للمجلس الرئاسي.

وأضاف: "على المجلس الرئاسي أن يتخذ خطوات إيجابية بالخصوص، وذلك من خلال إصدار مرسوم رئاسي بالقوانين، بالرغم من توقعنا وجود من سيجادل حول دستورية المسألة، وذلك بسبب إغفال مجلس النواب تضمين خريطة الطريق التي أقرت في جنيف بداية العام الماضي ضمن الإعلان الدستوري".

وتابع: "هناك مخرج للأمر عبر فقرة تنص على أن خريطة الطريق تعتبر امتداداً للاتفاق السياسي المعدل، والمضمّن دستورياً. وقد يلجأ المجلس الرئاسي لهذه الفقرة في حال عدم موافقة مجلس النواب على هذه القوانين، ورغبة المجلس الرئاسي في إقرارها".

وأضاف: "في هذه الحال ليس أمام مجلس النواب إلا تقديم شكوى للدائرة الدستورية التي لن تتولى البتّ في الأمر بسبب استمرار تعطيلها حتى الآن".

وحول إمكانية تدخل المجلس الرئاسي، تابع فركاش قائلاً: "بعض أعضاء المجلس الأعلى للدولة تحدثوا عن تلقيهم مؤشرات تفيد بأن مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي، ستيفاني وليامز، منفتحة على فكرة إقرار المجلس الرئاسي قوانين الانتخابات عبر مراسيم رئاسية في حال استمرار مماطلة مجلس النواب".

وبحسب فركاش، فإن الرئاسي سيحتاج في حال تدخله إلى دعم دولي وإقليمي وداخلي، هذا بالإضافة لاحتمال أن يشكل الانقسام الداخلي عائقاً أمامه، لكنه في الوقت ذاته يرى أن "تدخل المجلس قد يكون الحل الوحيد والأخير المتاح حالياً، في ظل استمرار عدم التوافق بين المجلسين ومماطلة مجلس النواب في إعداد القاعدة الدستورية".

وأضاف: "الإعلان الدستوري قد يعين الرئاسي في هذا الشأن، وذلك وفقاً للتعديل السابع للإعلان الذي يتيح لرئيس الدولة (المجلس الرئاسي حالياً) أن يستفتي الشعب على حل مجلس النواب أو تجميده، وهذا يعني حل مجلس الدولة أيضاً، وقد يعمل بذلك في حال الضرورة".

وختم بالقول: "نحن نعلم أن مجلس النواب سيماطل، هذا بالإضافة إلى أن إنهاءه قد لا يرضي بعض الأطراف الإقليمية، وفي مقدمتها مصر، التي تعول على بقاء عقيلة صالح حتى تضمن أن يكون لها رأي في من سيحكم ليبيا مستقبلاً".

وتأتي هذه التطورات في ظل فشل مجلسي النواب والدولة في إقرار قاعدة دستورية توافقية تجري على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى تاريخ غير معلوم.

وكانت وليامز قد تقدمت بمبادرة تُشكل بموجبها لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة، تتولى إعداد القاعدة الدستورية، الأمر الذي لاقى ترحيباً وتفاعلاً من مجلس الدولة ومماطلة من مجلس النواب، الذي يصر على المضي في خريطة طريق أقرها في فبراير/شباط الماضي، تقضي بتعديل مسودة الدستور من قبل المجلسين، وطرحه للاستفتاء، في مدة لا تتجاوز 14 شهراً، ما يعني تأجيل الانتخابات إلى أكثر من عام.