استمع إلى الملخص
- تسعى روسيا لإقامة روابط بنّاءة مع طالبان، مع استعدادها للمشاركة في مشاريع استخراج الموارد الطبيعية، وبدء مفاوضات رفيعة المستوى لتعزيز التعاون في شتى المجالات.
- يتجه مجلس الدوما لمناقشة قانون لرفع الحظر عن المنظمات المصنفة إرهابية، مما يمهد للاعتراف بحكومة طالبان، مع استمرار التعاون لمواجهة تهديد داعش - ولاية خراسان.
التقى سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، أمس الاثنين، مسؤولين بحكومة طالبان في كابول يتقدّمهم نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الأفغاني عبد الغني برادر. وجاء في بيان لمكتب برادر نُشر على منصة إكس أنّ شويغو "أعرب عن اهتمام روسيا برفع مستوى التعاون الثنائي مع أفغانستان". وأضاف البيان أنّ المسؤول الروسي "أعلن أيضاً أنه من أجل توسيع نطاق العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، سيُشطب اسم الإمارة الإسلامية (طالبان) من القائمة السوداء لروسيا".
من جهتها، نقلت وكالات أنباء روسية عن شويغو قوله إنه يسعى إلى روابط "بنّاءة" مع كابول لكن من دون الإشارة إلى ما إذا كان قد طرح فكرة شطب موسكو طالبان من قائمتها للمنظمات المحظورة. وقال شويغو "أؤكد الاستعداد لإقامة حوار سياسي بناء بين بلدينا. وأضاف أنّ الشركات الروسية تخطط للمشاركة في مشاريع لاستخراج موارد طبيعية في أفغانستان.
والتقى شويغو والوفد الروسي، أمس الاثنين، وزير الدفاع في حكومة طالبان الملا محمد يعقوب مجاهد، وهو نجل مؤسس الحركة الملا محمد عمر مجاهد، وناقش معه ملفات محط الاهتمام المشترك بين البلدين. وفي هذا الصدد، قالت وزارة الدفاع الأفغانية، في بيان، إنّ الطرفين ناقشا خلال الاجتماع العديد من القضايا والملفات المهمة، منها شطب طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية، موضحاً أن وزير الدفاع الأفغاني أشاد بالدور الروسي في هذا الصدد، وقال إن حكومة طالبان تقدّر كل الجهود التي تبذلها روسيا في هذا الشأن.
كما جاء في جزء من بيان وزارة الدفاع الأفغانية أنّ الوفد الروسي أشاد بدور طالبان في إحلال الأمن والسلام في أفغانستان، وأنّ الطرفين اتفقا على توطيد العلاقات بين البلدين في كل المجالات، خاصة في مجال الاقتصاد والتجارة.
كما أعلنت وزارة الخارجية الأفغانية أنّ وزير الخارجية في حكومة طالبان الملا أمير خان متقي اجتمع في مكتبه، أمس الاثنين، بالمندوب الروسي الخاص لأفغانستان ضمير كابلوف، وتباحث معه بشأن تعزيز التعاون بين الدولتين في شتى المجالات. وقال نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الأفغانية ضياء تكل، في بيان، إن مفاوضات على المستويات الرفيعة ستبدأ قريباً بين الجانبين وستناقش العديد من القضايا المهمة التي تهم البلدين. وكانت روسيا قد لمّحت على لسأن أكثر من مسؤول أنها تنوي إزالة وشطب طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية، وهو الأمر الذي رحبت به الحركة.
مشروع قانون لشطب طالبان من قوائم الإرهاب
ووسط عزم موسكو على شطب طالبان من قائمة التنظيمات الإرهابية تمهيدا للاعتراف بحكومتها بشكل رسمي، يتجه مجلس الدوما (النواب) الروسي لمناقشة مشروع قانون ينص على وضع آلية لرفع الحظر عن أعمال المنظمات المصنفة إرهابية في حال كفت عن دعم الإرهاب.
وقال معدو مشروع القانون في مذكرة توضيحية بقاعدة بيانات الدوما: "مع مرور الزمن قد ينشب وضع كفت فيه منظمة مدرجة على قائمة التنظيمات الإرهابية عن النشاط الرامي إلى الترويج للإرهاب وتبريره ودعمه أو عن ارتكاب الجرائم المذكورة. إلا أن قوانين روسيا الاتحادية لا تنص على آلية تتيح رفع الحظر عن أعمال مثل هذه المنظمة".
ويدعو مشروع القانون إلى "إزالة الفراغ القانوني المذكور وتثبيت إمكانية التعليق المؤقت لحظر أعمال المنظمات المدرجة على قائمة التنظيمات الإرهابية"، مع ترك البت في الأمر بشكل نهائي للقضاء. ومن المنتظر أن يمهد تمرير القانون الذي لا يزال بانتظار المصادقة في ثلاث قراءات بالدوما ثم بمجلس الاتحاد (الشيوخ) وتوقيع الرئيس، الطريق أمام اعتراف موسكو بحكومة حركة طالبان المدرجة على قائمة الإرهاب في روسيا بموجب قرار من المحكمة العليا منذ عام 2003.
يذكر أن روسيا والصين من الدول التي لديها علاقات جيدة مع طالبان، وموسكو تحاول، بحسب مراقبين، أن تقترب من الحركة بهدف القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي وضمان أمن حدود دول آسيا الوسطى التي لا تزال تحت سيطرتها بشكل أو بآخر. كما أن روسيا ترى أن تنظيم "داعش" خطر على أمنها وأن طالبان يمكن لها أن تتعاون معها في سبيل القضاء على نفوذ "داعش" في المنطقة.
ويقول محللون إنّ موسكو ربما تتطلع إلى تعاون مع كابول لمواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم داعش - ولاية خراسان، الفرع الأفغاني للجماعة المتشددة. وتقول سلطات طالبان إن الأمن هو أولويتها الداخلية القصوى وقد تعهدت بطرد المتشددين الذين يشنون هجمات ضد أجانب من أفغانستان. وقال السفير الروسي لدى أفغانستان ديمتري غيرنوف، في يوليو/ تموز الماضي، إنّ "طالبان بالتأكيد حلفاؤنا في الحرب ضد الإرهاب"، وأضاف "إنهم يعملون للقضاء على الخلايا الإرهابية". وفي مارس/ آذار، قُتل أكثر من 140 شخصاً عندما هاجم مسلحون من تنظيم داعش - ولاية خراسان قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد اعتبر، في مايو/ أيار الماضي، أنّ مبادرة بلاده بإمكانية استبعاد حركة طالبان الأفغانية من قوائم التنظيمات الإرهابية "تعكس الواقع بموضوعية". وقال لافروف إنّ "هذه العملية تعكس الإدراك للواقع"، مقراً بأن "طالبان" هي السلطة الفعلية في أفغانستان. وتجدر الإشارة إلى أن حركة طالبان محظورة في روسيا منذ فبراير/شباط 2003 بموجب قرار من المحكمة العليا.
وبعد وصول الحركة إلى السلطة في أفغانستان إثر الانسحاب الأميركي في أغسطس/ آب 2021، دون أن تنال اعترافاً غربياً أو روسياً بحكومتها، واصلت السفارة الروسية عملها في كابول بشكل اعتيادي طوال هذه الفترة، فيما اعتمدت روسيا أول دبلوماسي عن حكومة حركة طالبان في مارس/ آذار 2022. وفي يونيو/ حزيران من العام ذاته شارك وفد للحركة في منتدى بطرسبرغ الاقتصادي الدولي.