استمع إلى الملخص
- بدأت "مؤسسة غزة الإنسانية" بتوزيع مساعدات شحيحة، مما أدى إلى احتجاجات فلسطينية واسعة واستشهاد ثلاثة فلسطينيين وإصابة نحو 50 آخرين برصاص جيش الاحتلال.
- دعا سونغاي المجتمع الدولي للتحرك فوراً لوقف الكارثة الإنسانية في غزة، مؤكداً أن سياسة التجويع الإسرائيلية تعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
سونغاي: آلية توزيع المساعدات غير دائمة وتنطوي على إذلال المدنيين
"الوضع في غزة مأساوي لدرجة يصعب وصفها" وفق المسؤول الأممي
السياسة الإسرائيلية تسببت في تهجير نحو 900 ألف شخص منذ مطلع مارس
حذر ممثل مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة أجيث سونغاي من أن الآلية الأميركية الإسرائيلية لتوزيع مساعدات إنسانية في قطاع غزة "غير مستدامة" وتنطوي على "إذلال" يفاقم معاناة الفلسطينيين الذين يتعرضون لـحرب إبادة متواصلة منذ أكثر من 20 شهراً. وخلال مقابلة مع وكالة الأناضول في جنيف، تحدّث سونغاي عن مخاطر هذه الآلية، مشيراً إلى أنها تحمل "إذلالاً" يضاعف من المعاناة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع الفلسطيني، و"تفتقد للإنصاف والحياد والاستقلالية"، كما أنها "غير مستدامة".
وأضاف: "الوضع في غزة مأساوي لدرجة يصعب وصفها بالكلمات؛ هناك مجاعة واضحة، وسكان يعانون من سوء تغذية ظاهر للعيان في ظل قصفٍ مستمر، وفي خضم هذه المعاناة نجد خطة توزيع مساعدات بها مشاكل جوهرية، بدءاً من مبدأ الحياد، مروراً بالاستقلالية والإنصاف، وانتهاء بمخاطرها العملية". ومنذ أيام، بدأت "مؤسسة غزة الإنسانية" الإسرائيلية - الأميركية (مسجلة في سويسرا) المرفوضة أممياً، بتوزيع مساعدات شحيحة جداً في مناطق في جنوب ووسط قطاع غزة، وذلك لإجبار الفلسطينيين على الجلاء من الشمال وتفريغه.
لكن المخطط الإسرائيلي - الأميركي فشل تحت وطأة المجاعة، بعد أن اقتحمت حشود فلسطينية يائسة مركزاً لتوزيع مساعدات جنوب القطاع، فأطلق عليهم جيش الاحتلال الإسرائيلي الرصاص فاستشهد ثلاثة منهم وأصاب نحو 50 آخرين، وفق مصادر رسمية فلسطينية.
إذلال جماعي عبر مساعدات غزة
سونغاي انتقد صراحة آلية توزيع المساعدات عبر مؤسسة "غزة الإنسانية" في ظل "وضع كارثي بكل المقاييس" في غزة. وقال: "أبلغنا القائمين على المؤسسة، وكذلك السلطات الإسرائيلية، بأنّ هذا النظام غير مستدام، وبه عدة مشاكل جوهرية، بدءاً من مبدأ الحياد، مروراً بالاستقلالية والإنصاف، وانتهاءً بمخاطرها العملية". وأضاف: "لا يمكن أن نتوقع من النساء والأطفال والمسنين والمرضى والجرحى أن يسيروا كيلومترات للوصول إلى نقاط توزيع محدودة في جنوب غزة فقط، بينما يبقى بقية القطاع محروماً تماماً من المساعدات".
وعليه، جدد المسؤول الأممي المطالبة بضرورة وصول المساعدات إلى حيث يوجد الناس "لا أن يُجبروا على المخاطرة بحياتهم للوصول إليها". وأشار المسؤول الأممي إلى أنّ المشاهد الصادمة التي وثقتها عدسات المصورين وتظهر تزاحم المدنيين خلف الأسلاك الشائكة في طوابير مذلة للحصول على الطعام الذي توزعه تلك المؤسسة المدعومة أميركياً وإسرائيلياً "تعكس واقعاً مريراً لا يمكن قبوله".
وأضاف: "ما رأيناه يوم 27 مايو/ أيار الجاري من فوضى ومعاناة هو نتيجة مباشرة لهذا النظام المختل. الناس يموتون جوعاً، وباتوا يندفعون بيأس نحو أي شيء يمكنهم الحصول عليه. هذا ليس توزيع مساعدات، بل إذلال جماعي". وأوضح سونغاي أنّ الأمم المتحدة لم تشارك في آلية توزيع المساعدات عبر تلك المؤسسة انطلاقاً من هذه المخاوف، مبيناً: "لقد أوضحنا موقفنا بجلاء، هذا النظام لا يمكن أن يكون مستداماً ولا يلبّي احتياجات الفلسطينيين". وأبرز المسؤول الأممي رفض سكان غزة لتلك الخطة الإسرائيلية - الأميركية "تحدثنا مع الناس هناك، وهم أيضاً يرفضونها".
وكانت العديد من الدول والمؤسسات الإنسانية الغربية قد أعلنت معارضتها ألية عمل "مؤسسة غزة الإنسانية" لتوزيع مساعدات، لتكون البديل عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" التي حظرتها تل أبيب حديثاً.
"علينا التحرك فوراً"
من ناحية أخرى، أكد سونغاي أنّ الأمم المتحدة، بما في ذلك المفوض السامي فولكر تورك "دقّا ناقوس الخطر مراراً بشأن استخدام التجويع سلاحاً جماعياً". وناشد قائلاً: "تجويع المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني ويجب أن يتوقف فوراً".
وبسياسة متعمدة تمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، مارست إسرائيل تجويعاً بحق 2.4 مليون فلسطيني في غزة، عبر إغلاق المعابر منذ 2 مارس/آذار الماضي بوجه المساعدات الإنسانية لا سيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع. ووفقاً لسونغاي، تسببت هذه السياسة الإسرائيلية في تهجير نحو 900 ألف شخص؛ أي ما يقارب نصف سكان غزة منذ مطلع مارس الماضي، بدفعهم إلى "زوايا ضيقة تشكّل 20% فقط من مساحة القطاع، حيث لا مياه نظيفة، ولا طعام يكفي، ولا حتى مستشفيات آمنة"
وشدد سونغاي على أنّ المجتمع الدولي "مطالب بالتحرّك فوراً" لوقف هذه الكارثة. وأردف: "تحدثنا مراراً عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في غزة، وحان الوقت لكي تتحمل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مسؤولياتها. يجب أن نتحرك الآن، وإلا سنرى المزيد من القتلى والمزيد من المعاناة. هذه الحرب يجب أن تتوقف".
واليوم السبت، أفادت مصادر طبية فلسطينية، بأنّ ثلاثة فلسطينيين استشهدوا بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي لدى محاولتهم التوجه إلى نقطة توزيع المساعدات الأميركية قرب دوار العلم غرب مدينة رفح جنوبي القطاع. وبشكل شبه يومي منذ الثلاثاء، يتم تسجيل وقوع شهداء برصاص إسرائيلي في صفوف الفلسطينيين الجائعين الذين يتوجهون لاستلام مساعدات الأميركية من نقاط التوزيع التي تشرف عليها "مؤسسة غزة الإنسانية" المستحدثة المدعومة من تل أبيب وواشنطن.
(الأناضول، العربي الجديد)