حذرت مسؤولة أمنية إسرائيلية سابقة من الثمن الذي قد تدفعه إسرائيل في المستقبل، لقاء خدمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصالحها الإقليمية.
وقالت ميكي أهارنسون، التي عملت كرئيسة شعبة العلاقات الخارجية في "مجلس الأمن القومي" الإسرائيلي، إن بوتين قد يتجه إلى الطلب من إسرائيل استخدام نفوذها في الولايات المتحدة لتقليص العقوبات المفروضة على نظام بشار الأسد، مقابل حرصه على مواصلة خدمة مصالح تل أبيب.
وفي تحليل نشره موقع قناة "12"، نوهت أهارنسون، التي تعمل حالياً كباحثة رئيسية في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، إلى أن بوتين الذي يعي حجم النفوذ الإسرائيلي في واشنطن، سيطلب من تل أبيب استغلاله في الضغط على الإدارة الأميركية للسماح بالشروع في تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار في سورية، والتي تُعدّ مصلحة استراتيجية للروس.
وأبرزت حقيقة أن روسيا تعمل على خدمة المصالح الإسرائيلية في سورية، عبر دورها في التوصل إلى الصفقات بين تل أبيب ونظام بشار الأسد، وسماحها للجيش الإسرائيلي بالعمل عسكرياً لمنع إيران من التمركز في سورية، وإحباط عمليات نقل السلاح إلى "حزب الله" عبر القطر السوري.
وبحسب أهارنسون، فإن ما يبعث على الأمل لدى الروس في إمكانية البدء في مشاريع إعادة الإعمار في سورية، حقيقة أن دولاً عدة، وتحديداً الإمارات، أعلنت أخيراً دعمها للشروع فيها، مشيرة إلى أن استعداد إسرائيل لعدم إحباط توجه الدول الخليجية للإسهام في إعادة إعمار سورية أو الالتزام بعدم القيام بخطوات تعرقل هذه المشاريع، يُعدّ أمراً حيوياً بالنسبة للروس.
لكن المسؤولة الإسرائيلية السابقة تحذّر، في المقابل، من أنه في حال ساعدت إسرائيل على تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار في سورية، فإن ذلك سيناقض مصالح واشنطن، مشددة على ضرورة أن تراعي تل أبيب مصالح الولايات المتحدة، الحليف الأوثق لها، قبل الإسهام في توفير ظروف تسمح بتحقيق الأهداف الروسية في المنطقة.
وعدّت أهارنسون، دور موسكو في إنجاز صفقتين بين نظام الأسد وإسرائيل، والتي كان آخرها الصفقة التي أطلق النظام بموجبها سراح شابة إسرائيلية تسللت إلى الأراضي السورية مقابل تمويل إسرائيل شراء لقاحات مضادة لوباء كورونا لصالح النظام، إلى جانب الصفقة التي بموجبها أعاد نظام الأسد رفات الجندي الإسرائيلي المفقود زخاريا باومل، مثالاً على آليات العمل التي ينتهجها بوتين في خدمة مصالح تل أبيب.
وأعادت إلى الأذهان حقيقة أن بوتين أمر بإطلاق سراح المواطنة الإسرائيلية نعما يسسخار، بعد أن اعتُقلت في موسكو على خلفية اتجارها بالمخدرات.
ولفتت إلى أن وسائل الإعلام الروسية تشير إلى أن جنوداً روساً يبحثون حالياً عن رفات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي أعدم في سورية عام 1965، مشددة على أن موسكو ستحرص على جباية أثمان من إسرائيل، على اعتبار أنه "لا توجد وجبات مجانية" في العرف الروسي.
وأشارت إلى أن الصفقات بين إسرائيل ونظام الأسد خدمت بشكل خاص مصالح موسكو، وأسهمت في تعزيز مكانتها كلاعب إقليمي مركزي وكوسيط في الشرق الأوسط، لاسيما وأن الصفقة دلّت على تمتع روسيا بعلاقات جيدة مع دول في حالة عداء.
وكما ترى أهارنسون، فإن الصفقات أظهرت أن الروس نجحوا في التوسط بين إسرائيل، حليف للولايات المتحدة، ونظام الأسد المنبوذ عالمياً، والذي يخضع لعقوبات أميركية شاملة، منوهة إلى أن روسيا ذاتها تخضع لعقوبات أميركية قاسية، وتتعرض لانتقادات حادة في الغرب بسبب سجلها في حقوق الإنسان وتآمرها على العديد من الدول، عبر شنّ هجمات سيبرانية ووسائل أخرى.
وتجزم المسؤولة الإسرائيلية السابقة بأن بوتين قرّر أن يتعاطى "بشكل بناء" مع إسرائيل، لأنه انطلق من افتراض مفاده أن تل أبيب قادرة على ضرب مصالح حيوية لموسكو في سورية، وضمنها مرافق حيوية تعود لنظام الأسد.
ويذكر أن تحقيقاً نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" أول من أمس الجمعة، رصد "الهدايا" التي قدمها بوتين لنتنياهو خلال الجولات الانتخابية الأربع الأخيرة في إسرائيل، التي هدفت إلى تحسين فرصه في الفوز.