مسؤولة أممية: حل الدولتين يصارع الموت ولا سلام مستداماً بدونه

28 مايو 2025   |  آخر تحديث: 20:12 (توقيت القدس)
جلسة سابقة لمجلس الأمن حول الوضع في غزة، 25 مارس 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكدت سيغريد كاغ على أهمية حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لتحقيق سلام مستدام، مشيرة إلى تحديات "حل الدولتين" وضرورة دعم دولي قوي، مع التركيز على المؤتمر الدولي برئاسة فرنسا والسعودية.

- قدم الطبيب فيروز سيدهوا شهادته حول الوضع الصحي المتدهور في غزة، داعيًا إلى وقف إطلاق النار وفتح المعابر وضمان وصول المساعدات الإنسانية، ورفض تسليح المساعدات وتسييسها.

- تبادل المندوبون في مجلس الأمن وجهات النظر حول غزة، حيث حمل المندوب الأميركي حماس المسؤولية، بينما دعا المندوب الجزائري إلى تحرك دولي لحماية الفلسطينيين وضمان حقوقهم.

قالت منسقة الأمين العام للأمم المتحدة الخاصة لعملية السلام في الشرق الأوسط بالإنابة، سيغريد كاغ، إن "منطقة الشرق الأوسط تمر بمرحلة تحوّل جذرية، تتسم بالتقلبات، لكنها يمكن أن تشكل فرصة إن تم استغلالها ودعمها". وشددت على أنه "لا يمكن تحقيق سلام مستدام في الشرق الأوسط من دون حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.. سيبقى مستقبل المنطقة مرتبطًا بماضيها العالق، ما لم تُكسر هذه الحلقة المفرغة بإرادة سياسية وقرارات جريئة".

ووصفت كاغ، في إحاطتها الدورية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول فلسطين، "حل الدولتين" بأنه "يصارع الموت، وإنعاشه يتطلب عملاً حاسماً. لا يمكن للسلام أن يكون صفقةً أو ترتيباً جزئياً مؤقتاً؛ بل يجب أن يُبنى على الإجماع الدولي والشرعية، من إدارة الصراع إلى إنهائه". ورأت المسؤولة الأممية أن "المؤتمر الدولي رفيع المستوى المُرتقب في يونيو/ حزيران، برئاسة مشتركة من فرنسا والسعودية، فرصةً بالغة الأهمية. يجب ألا يكون مجرد خطابٍ عابر، بل يجب أن يُطلق مسارًا ملموسًا نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين، استنادًا إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات السابقة. مسارٌ يُوحّد الضفة الغربية وغزة، ويُفضي إلى قيام دولة فلسطينية تعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل، وتكون القدس عاصمةً لكلتا الدولتين. علينا أن ننتقل من التصريحات إلى القرارات. علينا أن نُطبّق نصوصًا جديدةً بدلًا من اعتمادها".

وتوقفت منسقة الأمين العام للأمم المتحدة الخاصة لعملية السلام في الشرق الأوسط بالإنابة عند عدد من النقاط، أبرزها وجود "حاجة ماسة إلى وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المدنيين في جميع أنحاء غزة، وفقًا للقانون الإنساني الدولي. موقف الأمم المتحدة وخطتها معروفان جيدًا". وأضافت: "لا يمكن لشعب غزة الانتظار حتى استعادة الخدمات الأساسية وسبل العيش والكرامة الإنسانية. يجب استئناف جهود الإنعاش المبكر على الفور".

وأكدت المسؤولة الأممية ضرورة "رفض التهجير القسري للمدنيين رفضًا قاطعًا ومنعه وفقًا للقانون الدولي. يجب دعم الفلسطينيين للبقاء على أرضهم". ولفتت الانتباه إلى الحاجة إلى "حكم فلسطيني بعد الحرب وترتيبات أمنية مناسبة في غزة، تُلبي احتياجات الفلسطينيين وحقوقهم، وتُراعي المخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل"، وفق تعبيرها. وشددت على ضرورة "الحفاظ على الوحدة الإقليمية والسياسية لغزة والضفة الغربية. إن التشرذم يُقوّض آفاق السلام وحل الدولتين القابل للتطبيق".

الوضع الصحي في غزة

وقدم الطبيب الأميركي فيروز سيدهوا إحاطته أمام المجلس حول ما شاهده في غزة. وقال سيدهوا، وهو أحد الأطباء المختصين في الصدمات والجراحة والرعاية الحرجة: "أنا طبيبٌ كنت شاهداً على التدمير المتعمد لنظامٍ صحي، واستهداف زملائي، وإبادة شعب. ينصُّ دستورُ منظمة الصحة العالمية على أن صحةَ جميعِ الشعوبِ أساسيةٌ لتحقيقِ السلامِ والأمن، وتعتمدُ على التعاونِ الكاملِ بينَ الأفرادِ والدول. لقد أخذتُ هذا على محملِ الجد، وهو سببُ تطوُّعي في مناطقِ النزاعِ من هايتي إلى أوكرانيا إلى غزة".

وتحدث الطبيب، الذي تطوع للعمل في غزة خلال الحرب لأسابيع وعلى فترتين، عن الفترة التي تطوع خلالها في غزة، وقال إنه أجرى عمليات "في مستشفيات تفتقر إلى التعقيم والكهرباء والمخدر. أُجريت العمليات الجراحية على أرضيات مكتظة وقذرة. مات الأطفال ليس لأنه لا يمكن علاجهم، بل لأننا كنا نفتقر إلى الدم والمضادات الحيوية وأبسط المستلزمات الطبية المتوفرة بسهولة في أي مستشفى كبير في أي مكان آخر في العالم".

كما لفت الانتباه، وعلى عكس الادعاءات الإسرائيلية والأميركية بأن المستشفيات تستخدم من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية، إلى أنه "لم أرَ أو أعالج مقاتلاً واحداً خلال أسابيعي الخمسة في غزة. كان مرضاي أطفالاً في السادسة من عمرهم مصابين بشظايا اخترقت قلوبهم ورصاصات في أدمغتهم، ونساء حوامل بُترت أحواضهن، وأجنتهن مقطعة إلى نصفين في أرحامهن. أمهاتٌ احتمين بالمستشفى وقمن بالطهو وقدمن الطعام للجميع في قسم الطوارئ خلال حوادث الإصابات الجماعية، بينما كنا نتعامل مع وابل النيران والموت الذي ينهمر في كل مكان".

وحثّ سيدهوا مجلس الأمن الدولي، خاصة حكومة بلاده الولايات المتحدة، على التحرك بشكل عاجل والقيام بالتدابير القابلة للتنفيذ. ومن بين تلك التدابير "وقف إطلاق نار فوري ودائم، بما في ذلك وقف جميع عمليات نقل الأسلحة إلى جميع أطراف النزاع، إلى جانب فرض عقوبات مستهدفة وقانونية على إسرائيل". وطالب بـ"إعادة فتح جميع معابر غزة، وضمان عمليات إجلاء طبي غير مقيدة، بما في ذلك إلى مستشفيات الضفة الغربية والقدس الشرقية - حيث يمكن للمرضى الفلسطينيين تلقي العلاج على يد أطباء فلسطينيين، مع ضمان العودة الآمنة إلى غزة".

وتحدث عن ضرورة "ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل مستدام إلى جميع أنحاء غزة، بما يسمح بوصول جميع الإمدادات الأساسية - المأوى والغذاء والماء والوقود والإمدادات الطبية - إلى جميع المحتاجين". وعبر عن رفضه "بشدة وبشكل صريح تسليح المساعدات وتسييسها" الذي تقوم به الولايات المتحدة وإسرائيل من خلال مؤسسة "غزة الإنسانية". وعبر عن دعمه لـ"آليات الأمم المتحدة القائمة، وندعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وضمان وصول المنظمات غير الحكومية ذات الخبرة في تقديم الخدمات للمحتاجين وتقديم الرعاية المتخصصة لهم من دون عوائق وبشكل كامل". وكذلك، ناشد بـ"الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن". كما ناشد بـ"الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع العاملين في مجال الرعاية الصحية، بمن فيهم الدكتور حسام أبو صفية، المحتجز الآن لدى إسرائيل منذ أكثر من 150 يومًا".

وختم الطبيب الأميركي كلامه بتأكيد ضرورة أن يتحرك مجلس الأمن من أجل "التمسك بميثاق الأمم المتحدة والتحرك الآن لمنع الإبادة الجماعية". وأضاف: "يوماً ما قد يحتفظ ناجو غزة بسجل للوعود الفارغة التي قطعها أعضاء هذا المجلس بينما تعمّقت جراحهم وأزهقت أرواحهم. إذا التزم هذا المجلس الصمت ولم يتحرك الآن، فسيكون هذا السجل بمثابة شهادة على الفشل العالمي في توفير الرعاية العاجلة، وعلى انهيار المنظومة الدولية".

من جهته، وكما العادة، حمل المندوب الأميركي للأمم المتحدة حركة حماس المسؤولية عما تقوم به إسرائيل من قتل ومجازر ضد الشعب الفلسطيني. ورأى أن "كل ما تقوم به إسرائيل هو في سياق حقها في الدفاع عن نفسها". أما المندوب الجزائري، عمار بن جامع، فركز في بداية مداخلته على قتل إسرائيل تسعة من أبناء طبيبة الأطفال الغزية آلاء النجار. وقرأ المندوب الجزائري أسماء جميع أطفالها التسعة، وتحدث عن "عدم وجود استثناء لقتل الفلسطينيين في غزة، فالجميع معرض للقتل". وشدد على أن "الإدانة لا تكفي، ويجب على المجلس أن يتحرك"، ووصف المنظومة الدولية بأنها "مصابة بالشلل". وقال: "ما الذي نتوقعه من الفلسطينيين؟.. الفلسطينيون على غرار كل البشر والشعوب يحق لهم الحياة والكرامة والوطن، وعلينا تسوية هذا النزاع من جذوره، ولا يمكن لسلام عادل ودائم أن يقوم من دون تطبيق حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة".