حذّرت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة لميانمار، كرستين شراينر بورغنر، في تصريحات لـ"العربي لجديد" في نيويورك من تفاقم الأوضاع في ميانمار وانزلاق البلاد إلى الحرب، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقدته الأربعاء عن بعد، مع الصحافيين المعتمدين بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وفيما وصفت التطورات في ميانمار، خلال الـ24 ساعة الماضية، بأنها الأكثر دموية منذ انقلاب الجيش بداية الشهر الماضي، حيث قتل 38 شخصاً، قالت إن الصور والفيديوهات التي تصل مرعبة ورجّحت أن تكون الشرطة قد استخدمت ذخيرة حيّة ضد المتظاهرين السلميين.
وأكدت في الوقت ذاته أنه لا يمكنها الجزم حول الموضوع، موضحة أن عدد المعتقلين وصل إلى أكثر من 1200 شخص ولا يعرف الكثير من ذويهم مكانهم.
وقالت المسؤولة الأممية إنها باتصال يومي مع لجنة تمثل البرلمانيين الذين فازوا في الانتخابات الأخيرة في نوفمبر/ تشرين الثاني، مضيفة أنها تجري كذلك اتصالات مع ممثلين عن الجيش.
وحثت شراينر بورغنر الدول الأعضاء في المنطقة وذات النفوذ على اتخاذ الإجراءات اللازمة وبعث رسالة واضحة للجيش في ميانمار ورفضها للانقلاب.
وتابعت قائلة "هناك دول كالولايات المتحدة وأستراليا وكندا وبريطانيا والاتحاد الأوربي فرضت عقوبات أحادية. كما قامت كل من ألمانيا ونيوزيلاندا بوقف مساعداتها. وطبعا في حال اتفق مجلس الأمن على خطوات ملزمة سيبعث هذا رسالة واضحة للجيش في ميانمار".
وأضافت "كما عبّرت دول آسيا باجتماعها بالأمس عن قلقها العميق حول التطورات الأخيرة، وحول تأثير تلك التطورات على الاستقرار في المنطقة أجمع بسبب العنف، واحتمال أن نشهد موجات لجوء إضافية ناهيك عن مخاطر كورونا وتبعاته. إذاً دول المنطقة قلقة للغاية من أن تؤدي التطورات الأخيرة إلى التأثير بشكل سلبي للغاية عليها".
وقالت شراينر بورغنر إنها حذّرت قادة الجيش من تبعات تلك الخطوة التي ستؤدي إلى عزلهم دولياً لكنها أشارت إلى أن ردهم كان بأنهم قادرون على الصمود بوجه العقوبات كما فعلوا بالماضي.
ورجحت أن يواجه الجيش مقاومة محلية أكبر من فترات مضت ورفضاً دولياً أقوى، معربة عن اعتقادها أن "الجيش تفاجأ بردود الفعل المحلية والدولية معتقداً أن المقاومة التي سيواجهها لن تكون طويلة الأمد وليس على شكل واسع ويمكنه السيطرة عليها والتكيف مع العقوبات الدولية مراهناً أن المجتمع الدولي سيعود للتعامل معه بشكل طبيعي ويقبل بالأمر الواقع".
وأضافت "يبدو أن قراءته للأوضاع على الساحة الدولية كما محلياً كانت مخطئة. حيث أصدر مجلس الأمن الدولي بياناً يعارض تلك الأحداث، إضافة إلى الخطوات الأحادية التي اتخذتها الدول". يذكر أن الصين التي تربطها علاقات متينة مع الجيش في ميانمار عبرت عن تحفظها إزاء التطورات الأخيرة دون أن تسميها بـ "الانقلاب" ودعت إلى حوار داخلي وإقليمي للتوصل إلى حل.
وقبل الانقلاب كان الجيش يسيطر على عدد من الوزارات ويمتلك القوة الفعلية في البلاد، بحسب تقديرات المسؤولة الأممية. ورجحت شراينر بورغنر أن فوز حزب "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" (تقوده زعيمة ميانمار اونغ سان سو تشي المحتجزة حاليا من قبل الجيش) بالانتخابات الأخيرة وبنسبة عالية جعل قادته يشعرون بخطر على سلطتهم.
ورداً على سؤال آخر حول توقيت الانقلاب العسكري قالت "لقد حذرت بشكل مستمر خلال السنوات الثلاث الماضية، منذ أن بدأت بممارسة مهامي، بأن هناك احتمال حدوث انقلاب عسكري لأن الجيش هو من يمتلك القوة الفعلية، حيث كان يحتل ثلاث وزارات والشرطة تابعة له كما أنه يسيطر على 25 بالمئة من مقاعد البرلمان بموجب دستور 2008 الذي صاغه بنفسه".
وتابعت "لقد واجهت أونغ سان سو تشي صعوبات جمة للقيام بأي إصلاحات. لقد كان على أجندتها 168 بندا لإصلاحات دستورية، وعلى رأسها تغيير البند الذي يعطي 25 بالمئة من مقاعد البرلمان للجيش".
وذكرت المسؤولة الأممية أنه "خلال السنوات الخمس الماضية تمكنتْ فقط من إجراء خمسة إصلاحات على الدستور. ولكن بالعودة إلى سؤالك حول لماذا الآن؟ فإذا نظرنا إلى نتائج الانتخابات فإن حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية فاز بأكثر من 82 بالمئة من المقاعد. وأعتقد أن قائد الجيش شعر بالخوف بعد الانتخابات بأن أونغ سان سوتشي ستتمكن من فرض تلك الإصلاحات".
وأردفت "كما نعلم فإن قائد الجيش كان من المفترض أن يتقاعد في يونيو/ حزيران المقبل. وربما شعر ببعض القلق حول حصانته. حيث نعلم أن هناك إجراءات قانونية في المحكمة الجنائية الدولية (بسبب الجرائم التي ارتكبها الجيش ضد أقلية الروهينغا المسلمة). ولكن دون شك فإن الأساس بالموضوع هو السلطة. الجيش هو الحاكم الفعلي وخافوا أن يفقدوا تلك السيطرة".
وناشدت المسؤولة الأممية مجدداً المجتمع الدولي اتخاذ موقف موحد للحيلولة دون تدهور الأوضاع بشكل أكبر، فيما سيعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً مغلقاً الجمعة لمناقشة التطورات في ميانمار.