مركز كينيدي.. "قِبلة الثقافة ومسرح أميركا الأول" تحت سيطرة ترامب

09 فبراير 2025
ترامب في البيت الأبيض، 7 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن نيته تعيين نفسه رئيساً لمجلس أمناء مركز كينيدي للفنون المسرحية، بعد إقالة الأعضاء الحاليين الذين لا يشاركونه رؤيته لعصر ذهبي في الفنون والثقافة.
- تأسس مركز كينيدي في واشنطن ليكون قِبلة للفن والثقافة، وافتتح في عام 1971 كنصب تذكاري للرئيس جون كينيدي، ويستضيف آلاف العروض سنوياً.
- واجه المركز اتهامات بدعم دعاية الحزب الشيوعي الصيني، وأكد أن تعيين أعضاء مجلس الإدارة يتم وفقاً لقواعد الكونغرس.

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أول من أمس السبت، أنه يخطط لطرد مجلس أمناء مركز كينيدي للفنون المسرحية وتعيين نفسه رئيساً له. وتندر كثيرون على ما نشره الرئيس، وتداوله آخرون على سبيل السخرية أو الدهشة. وأعلن اليوم الاثنين عن إقالة أعضاء في المجلس، وأنه "سيحدّد برامج المركز، وسينهي الفعاليات الخاصة بالمؤدين الذين يرتدون ملابس الجنس الآخر".

ولترامب علاقة غير ودودة مع مسرح أميركا الأول، فهو خلال فترته الرئاسية الأولى (2017-2021)، رفض حضور أيٍّ من فعاليات مركز كينيدي الثقافي بعد إعلان بعض الأشخاص المكرّمين فيه رفضهم مقابلة ترامب في حفل استقبال، وبانتهاء فترته، صار الرئيس الأول الذي لم يحضر أي فعالية في المركز منذ افتتاحه منذ أكثر من 50 عاماً.

ويرغب ترامب، بحسب ما كتب في منصته، "إنهاء عمل أعضاء مجلس الأمناء بمن فيهم الرئيس، الذين لا يشاركوننا رؤيتنا لعصر ذهبي في الفنون والثقافة". وسيضع ترامب نفسه رئيساً للمجلس ليحل محل الملياردير ديفيد روبنشتاين الذي عينه في مجلس إدارة المركز الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش، وأعيد تعيينه في عهد الرئيسين بارك أوباما وجو بايدن، ومنذ 2010، يُنتخب سنوياً لرئاسة المركز. وأخيراً، أعلن ترامب أنه وجد رئيساً "مذهلاً" ليقود العصر الذهبي للثقافة ولرئاسة "الجوهرة الأميركية"، يقصد بهذا شخصه. 

وعقوداً، جرى تقسيم مجلس أمناء مركز كينيدي للفنون المسرحية الذي يضم 36 عضواً بين المعينين الجمهوريين والديمقراطيين، ويُعيّن الأعضاء كل ست سنوات، وأريد للمركز أن يمثل الجميع، وأن يضم أعضاء جمهوريين وديمقراطيين، وأن تكون برامجه واسعة النطاق.

لم يحدد ترامب في منشوره الأعضاء الذين لا يشاركون رؤيته للعصر الذهبي في الفنون والثقافة. وبالنظر إلى أعضاء مجلس الأمناء، هم المتوقع أن ينهي عملهم الرئيس الأميركي، أو على الأقل معظمهم: السكرتيرة الصحافية السابقة للبيت الأبيض خلال فترة بايدن، كارين جان بيير، وأمينة صندوق المجلس، المنتجة التلفزيونية شوندا رايمز التي استضافت حفلاً لجمع التبرّعات لإعادة انتخاب بايدن، وستيفاني كاتر مستشارة أوباما السابقة، ومايك دونيلون أحد المقرّبين من الرئيس السابق". هناك أيضاً المؤلفة شوندا رايمز والمغني جون باتيست وغيرهما.

أما الذين ضمهم المجلس من الجمهوريين من حلفاء ترامب، ففي مقدمتهم بام بوندي وزيرة العدل التي اُكّد تعيينها في مجلس الشيوخ أخيراً، ولي غرينوود. كما اختار ترامب في ولايته الأولى كلاً من إلين تشاو التي كانت وزيرة النقل في فترته الأولى، وهي زوجة السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل، والممثل جون فويت، وحاكم أركنساس السابق مايك هاكابي، الذي اختاره أخيراً ليكون سفير الولايات المتحدة في إسرائيل.

 قِبلة الفن والثقافة في أميركا

ويشرح الموقع الإلكتروني لمركز كينيدي للفنون المسرحية، أن الرئيس الأميركي، دوايت أيزنهاور، أدرك في العام 1955 حاجة أميركا إلى احتلال مكانتها على المسرح الثقافي العالمي، فأنشأ لجنة لإنشاء مسرح عام جديد في عاصمة الأمة. وبعد ثلاث سنوات، وقّع على قانون المركز الثقافي الوطني، وأنشأ المركز الذي سمّي لاحقاً باسم الرئيس التالي له جون كينيدي. وكان تصوّر أيزنهاور عن المركز بأنه artistic mecca أي قِبلة الفن والثقافة في عاصمة الأمة. 

وقاد الرئيس كينيدي جهود جمع التبرّعات لبناء المركز الشهير، وفي 1964، بدأ بناء المركز الثقافي المخصص لتقديم الموسيقى الكلاسيكية والمعاصرة والأوبرا والرقص وغيرها من الفنون المسرحية، ويُوصف المركز على الموقع الإلكتروني بأنه "نصب تذكاري حي للرئيس جون كينيدي"، ويجذب ملايين الزوار كل عام، ويقيم أكثر من ألفي عرض سنوياً، ومنذ الإعلان عن إنشائه أول مرّة في أواخر الخمسينيات، أثر بشكل كبير على تعاطي الجمهور الأميركي مع الثقافة. صار المركز موطن الأوركسترا السيمفونية الوطنية وأوبرا واشنطن، إضافة إلى شركات برودواي المتجوّلة وفرق الرقص والجاز والبلوز وحفلات البوب. ويعد نصباً تذكارياً وطنياً، ومعبداً من الرخام الأبيض يقع على ضفاف نهر البوتوماك يمكن من أعلاه أن تشاهد أجمل مشهد للعاصمة واشنطن. وكانت السيدة الأولى السابقة جاكلين كينيدي، التي اشتهرت بثقافتها وأناقتها، أول من شغل منصب الرئيسة الفخرية لمركز جون كينيدي، الذي سمّي على اسم زوجها الذي اغتيل.

جمهوريون يتهمون المركز بالدعاية للحزب الشيوعي الصيني

تلقّت إدارة مركز كينيدي، بعد أيام من تنصيب ترامب رئيسا خطاباً، كان مفاجئاً لمعظمهم، من قبل النائبين في مجلس النواب كريستوفر سميث والنائب جون مولينار، اتهما فيه المركز الثقافي بـ"دعم دعاية الحزب الشيوعي الصيني" من خلال تقديم خمسة أيام من العروض لفرقة الباليه الوطنية الصينية، وذكر عضوا الكونغرس التاريخ "الصادم" للمركز الذي سبق أن استضاف فرقة باليه من روسيا خلال الحرب الباردة.

ولا يعد هذا القرار الأول للرئيس ترامب في ما يخص الثقافة، فقد أصدر أمراً تنفيذياً بحل لجنة الرئيس للفنون والعلوم الإنسانية ضمن مجموعة من الأوامر التنفيذية التي تهدف إلى التراجع عن سياسات الإدارة السابقة بشأن الفن والثقافة.

وكشف المركز في ردّ له على ما نشره الرئيس الأميركي أن أعضاء في مجلس الأمناء تلقوا إخطاراً بإنهاء الخدمة، وأوضح أنه "وفقاً لقواعد حوكمة المركز التي وضعها الكونغرس في عام 1958، يُعيّن رئيس مجلس الأمناء أعضاء مجلس إدارة المركز. ولا يوجد في النظام الأساسي للمركز ما يمنع الإدارة الجديدة من استبدال أعضاء مجلس الإدارة، ولكن هذه هي المرّة الأولى التي يُتّخذ فيها مثل هذا الإجراء مع المركز". وأضاف "على مدار تاريخنا، حظي مركز كينيدي بدعم قوي من أعضاء الكونغرس وموظفيهم الجمهوريين والديمقراطيين والمستقلين"، وأنه "منذ فتح أبوابنا في عام 1971، كانت لدينا علاقة تعاونية مع كل إدارة رئاسية، ومنذ ذلك الوقت، كان لمركز كينيدي مجلس أمناء ثنائي الحزبية يدعم الفنون بطريقة غير حزبية".

المساهمون