مخطّط تهجير أهل غزّة "خياليٌّ حتى بالنسبة إلى ترامب"

06 فبراير 2025
دمار هائل في جباليا جراء حرب الإبادة على قطاع غزة، 5 فبراير 2025 (عمر القطاع/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- لم تتلقَ هيئة الأركان الأميركية طلبًا لصياغة خطة لدخول قوات إلى غزة، ولم تضع القيادة المركزية خيارات لذلك، رغم اقتراح ترامب استيلاء الولايات المتحدة على غزة ونقل الفلسطينيين لدول مجاورة.
- أثار مقترح ترامب تساؤلات حول التنفيذ، بما في ذلك القوات المطلوبة وتكلفة الإعمار، وتراجع مسؤولون في إدارته عن بعض عناصره، محذرين من أن نقل الفلسطينيين سيكون مؤقتًا وقد يثير التطرف.
- أيد نتنياهو فكرة مغادرة سكان غزة مؤقتًا، مشيرًا إلى تراجع حماس، بينما أكد البنتاغون استعداده لدراسة الخيارات، ونفت المتحدثة باسم البيت الأبيض تعهد الرئيس بنشر جنود.

لم تتلقَّ هيئة الأركان بعد طلباً لصياغة خطة لإرسال قوات إلى غزة

ليس واضحاً ما إذا كان ترامب ينوي نشر قوات أميركية في غزة

قال مسؤولون كبار إن الفكرة "خيالية حتى بالنسبة إلى ترامب"

نقلت صحيفة وول ستريت جورنال، الأربعاء، عن مسؤولين دفاعيين أميركيين قولهم، إن هيئة الأركان الأميركية لم تتلق بعد طلباً لصياغة خطة لإرسال قوات إلى قطاع غزة، مشيرين إلى أن القيادة المركزية الأميركية، المسؤولة عن العمليات العسكرية في المنطقة، لا تضع خيارات لدخول غزة.

ويأتي هذا في وقت طرح فيه ترامب فكرة استيلاء الولايات المتحدة على غزة في مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الثلاثاء. كذلك طرح اقتراحاً بنقل الفلسطينيين إلى دول مجاورة، وإعادة تطوير المنطقة المتضررة، وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". ووفق المسؤولين، فإن ترامب أبلغ مساعديه قبل زيارة نتنياهو، أنه يريد عرض الفكرة عليه، ثم إعلانها خلال مؤتمر صحافي. ووفقاً لمستشاري ترامب، لم يكن سوى عدد قليل من الموظفين في الدائرة الداخلية للرئيس على علم بنيته طرح الخطة.

وقال كبار المسؤولين الدفاعيين، الذين قد يستعين بهم ترامب لوضع الخطط لاحتلال وتأمين غزة في أثناء إعادة إعمارها، إنهم علموا بالفكرة لأول مرة خلال تصريح الرئيس. وفي السياق، قال مسؤول دفاعي: "لا أحد يعرف ماذا يحدث". وتحدثت الصحيفة عن أنه يتعيّن على ترامب، كي تنجح خطته، إقناع الدول المجاورة التي لا تزال ترفض الفكرة، باستقبال مليوني فلسطيني من غزة، وإغراء هؤلاء الأشخاص بالخروج من منازلهم، وربما إرسال قوات أو متعاقدين أميركيين لتدمير الذخائر غير المنفجرة. وأشار مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، إلى أن ترامب كان يقدّم العرض الأول، في ما قد يتحول على الأرجح إلى مفاوضات عالمية طويلة الأمد.

وليس من الواضح بعد ما إذا كان ترامب ينوي نشر قوات أميركية في غزة لتنفيذ خطته، إذ قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية من جهتها، إن مسؤولين كباراً في إدارته تراجعوا عن بعض عناصر مقترح ترامب، مشددين على أنه لم يلتزم استخدام قوات أميركية "لتطهير" الأرض، وأن أي عملية نقل للفلسطينيين من غزة ستكون مؤقتة. وفي تقرير ثانٍ، تحدثت الصحيفة عن أن مقترح ترامب ترك أسئلة أكثر من الأجوبة، على غرار: كيف يمكن أن ينجح هذا؟ ما عدد القوات الأميركية المطلوب للقضاء على "حماس"، وإزالة جبال الأنقاض، وتفكيك كل الذخائر غير المنفجرة؟ كم ستكلّف إعادة بناء موقع مهدّم بحجم لاس فيغاس؟ كيف يمكن تبرير الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بموجب القانون الدولي؟ وماذا سيحدث لمليوني لاجئ؟

وأشارت الصحيفة في السياق، إلى أن كبار المسؤولين في الإدارة كانوا يفتقرون إلى الإجابات الجوهرية في الساعات التي أعقبت الإعلان، لافتة إلى أن سبب مراوغتهم سرعان ما اتضح، فهم لم تكن لديهم أي تفاصيل فعلية. في المقابل، بدا مسؤولون آخرون أقل حماسة بشأن المقترح، إذا أصرّ شخصان مقرّبان من ترامب على أن هذه كانت فكرته وحده، في وقت قال أحدهما، وفق الصحيفة إنه لم يسمعه قط يذكر مشاركة القوات الأميركية قبل يوم الثلاثاء.

وكان وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، قد قال أمس الأربعاء، إن البنتاغون مستعد لدراسة جميع الخيارات بشأن قطاع غزة، مشيراً إلى أن "الرئيس مستعد للتفكير خارج الصندوق، والبحث عن طرق جديدة وفريدة وديناميكية لحل المشاكل التي بدت مستعصية. نحن مستعدون لدراسة جميع الخيارات". وفي السياق، أوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت للصحافيين، أمس، أن الرئيس لم يتعهّد بنشر جنود على الأرض في غزة"، لكنّها أضافت رداً على أسئلة الصحافيين بهذا الصدد أنّ "الرئيس لم يتعهد بذلك في الوقت الحاضر".

إلى ذلك، نقلت "نيويورك تايمز" عن كبار المسؤولين، الذين تحدثوا إليها شرط عدم الكشف عن هوياتهم، قولهم إنهم ما زالوا يحاولون معرفة أصل الفكرة، معتبرين أنها "خيالية حتى بالنسبة إلى ترامب". وأشارت الصحيفة إلى تصريح السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل دانييل شابيرو، الذي قال إن مجرد طرح الفكرة قد يؤدي إلى إثارة المزيد من التطرف، مضيفاً: "هذا ليس اقتراحاً جدياً. إن احتمالات سيطرة الولايات المتحدة على غزة، بتكلفة هائلة من الدولارات والقوات، لا تقلّ عن احتمالات دفع المكسيك ثمن الجدار أو استيلاء الولايات المتحدة على نفط العراق".

ورأى شابيرو أن الخطر يكمن في أن المتطرفين داخل الحكومة الإسرائيلية، والإرهابيين من مختلف الأطياف، سيأخذون الأمر حرفياً وبجدية، ويبدأون بالتصرف بناءً عليه، ما قد يعرّض مسألة إطلاق المزيد من المحتجزين الإسرائيليين للخطر، ويجعل من أفراد القوات الأميركية أهدافاً، ويقوّض احتمالات التوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية.

وكان نتنياهو قد قال الأربعاء إنه لا يوجد ما يعيب فكرة ترامب لنقل الفلسطينيين من غزة. وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز، لم يتطرق نتنياهو صراحة إلى فكرة ترامب بشأن سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة، لكنه أيد فكرة "السماح لسكان غزة الذين يريدون المغادرة بالمغادرة". وقال: "أعني، ما الخطأ في ذلك؟ يمكنهم المغادرة، ثم يمكنهم العودة بعد ذلك، ويمكنهم الانتقال والعودة. لكن عليك إعادة بناء غزة". وذكر نتنياهو أنه لا يعتقد أن ترامب اقترح إرسال قوات أميركية لمحاربة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة، أو أن واشنطن ستمول جهود إعادة الإعمار، وقال: "هذه أول فكرة جيدة أسمعها... إنها فكرة رائعة، وأعتقد أنه ينبغي متابعتها وفحصها وتنفيذها، لأنني أعتقد أنها ستخلق مستقبلاً مختلفاً للجميع".

وزعم نتنياهو في المقابلة مع القناة الأميركية أن "حماس ظنت أننا سنتراجع، لكنها هي التي تتراجع. حتى الآن دمّرنا معظم القوة العسكرية لحماس وسنضمن أنه لا يبقى لديهم شيء حتى نهاية الحرب". وطرح ترامب اقتراح تهجير الفلسطينيين من غزة لأول مرة في 25 يناير/ كانون الثاني من خلال حثّ مصر والأردن على استقبال المزيد من سكان القطاع. وعندما سُئل آنذاك عمّا إذا كان يقترح حلاً طويل الأمد أو قصير الأمد، قال: "يمكن أن يكون أياً منهما".