مخاوف يهودية أميركية إزاء استبعاد ترامب لإسرائيل في المنطقة

01 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 12:09 (توقيت القدس)
ترامب يستقبل نتنياهو لدى وصوله إلى البيت الأبيض، 7 إبريل 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعد التوتر بين ترامب ونتنياهو أثار مخاوف بشأن النفوذ الإسرائيلي في واشنطن، خاصة مع استبعاد حكومة نتنياهو من قرارات إقليمية هامة مثل الصفقة مع الحوثيين والتفاهمات مع حماس.

- القوى اليهودية الأميركية عملت منذ الخمسينات على تعزيز العلاقات بين إسرائيل والكونغرس، لكن دور الكونغرس تراجع في السياسة الخارجية تحت رئاسة ترامب، خاصة في قضايا مثل الاتفاق النووي مع إيران.

- الخلاف بين ترامب ونتنياهو يتركز حول الملف النووي الإيراني ووقف النار في غزة، مما قد يدفع نتنياهو لتصعيد عسكري ضد إيران، بينما يظل الكونغرس عاجزًا عن دعمه.

أثارت وتيرة التنافر في الآونة الأخيرة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

، وما زالت مخاوف يهودية أميركية جدّية من أن يكون ذلك مؤشراً على حصول تغييرات في قواعد "لعبة النفوذ" الإسرائيلي في واشنطن حتى لو تحت سقف العلاقات الخاصة بينهما.

ولعل أكثر ما يقلق هذه الجهات أن الكونغرس الذي طالما لعب دور الحارس والضامن لهذا النفوذ وامتيازاته، اضمحل دوره أكثر وأكثر في مجال السياسة الخارجية، خاصة في شؤون الشرق الأوسط، مع رئاسة ترامب الثانية، وتجلّى ذلك مؤخراً حين اكتفى بـ"التفرّج" إزاء استبعاد الرئيس لحكومة نتنياهو حتى من التشاور معها في قرارات وسياسات إقليمية كان عادة يجري التنسيق بين واشنطن وتل أبيب بخصوصها مثل، الصفقة مع الحوثيين، والتفاهمات مع حركة حماس بشأن إخلاء سبيل الجندي الإسرائيلي الذي يحمل جنسية أميركية عيدان ألكسندر، والتفاوض مع إيران وبشأن الملف السوري، إذ كانت المؤسسة الأميركية التي تستقوي بها ضد أي إدارة تحاول كبحها وإن بالحد الأدنى، ما عادت قادرة على القيام بهذا الدور في ظل رئاسة تمسك بإحكام الأغلبية الجمهورية المسيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب.

وعملت القوى اليهودية الأميركية المحسوبة بصفة مفاتيح إسرائيلية، منذ خمسينات القرن الماضي لبناء علاقات قوية تربط إسرائيل بالحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس، وأنشأت لهذا الغرض مؤسسات على رأسها اللوبي الإسرائيلي، وفروع ناشطة انتخابياً وسياسياً وثقافياً في كل الولايات لمساندة ودعم المرشحين المؤيدين لإسرائيل لضمان وصول أكثرية مؤيدة للاستمرار في تقديم المساعدات لإسرائيل، كما في تبني التشريعات المواتية لها واجتناب أي قرار أو مشروع قانون يتعلق بالشرق الأوسط لا يخدم مصالحها.

أما الآن فقد "انطوى هذا الكتاب"؛ إذ إنه مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض ازداد انحسار دور الكونغرس في الملفات الخارجية عموماً والشرق أوسطية خصوصاً وذلك نتيجة لتجاهل الرئيس للكونغرس في هذا الخصوص. فمن غير المتوقع مثلاً أن يعرض على هذا الأخير أي اتفاق نووي قد يتم التوصل إليه مع إيران. يقول إليوت أبرامز المبعوث السابق لإيران وفنزويلا "تراجع دور الكونغرس في هذا الحقل تفاقم بعد عودة ترامب وجنوحه إلى تعزيز سلطاته الرئاسية". ويضيف "في أي شيء يتعلق بالسياسة الخارجية عليك بحث الموضوع مع ترامب أو المبعوث ستيف ويتكوف". يشار في هذا السياق إلى تزايد الكلام حول أن كثرة المبعوثين (آخرهم توماس باراك مبعوثاً لسورية وهو سفير واشنطن في أنقرة) بدأت تحجب حضور وزير الخارجية ماركو روبيو، حتى لو كان ذلك عن غير قصد.

وبرز ضمور دور الكونغرس على هامش تنامي الخلاف بين الرئيس ونتنياهو، حول النووي الإيراني بشكل رئيسي وبصورة أخف حول وقف النار في غزة، إذ إن إصرار ترامب كما بات واضحاً، على صفقة مع طهران اصطدم بإصرار نتنياهو المعاكس. وفي ضوء ما سبق، أثارت الخطوات السابقة التي اتخذها الرئيس رداً على معاكسة نتنياهو، خشية الأوساط اليهودية التي رأت فيها خفضاً "لمنزلة الأولوية" التي كانت إسرائيل تتمتع بها "كحليف هو الأقرب لها" في المنطقة، في معادلة جديدة يتحكم فيها ترامب الذي "لا يتحدى هذا الكونغرس رغباته".

وترجح التوقعات مضي نتنياهو في خطه عبر ورقة التخريب قدر الإمكان على الاتفاق مع إيران، وتبدو الغارات الإسرائيلية الجمعة على مناطق في الساحل السوري، جزءًا من هذه الورقة، مع عدم استبعاد قيام إسرائيل بعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، بحسب ما ذكرت معلومات في أواخر الاسبوع المنصرم. وكانت مكالمة ترامب الجمعة مع نتنياهو ساخنة وبلهجة "التحذير" من الاستمرار في خط المشاكسة، كما ألمح الرئيس في رده على سؤال في هذا الخصوص. مشكلة نتنياهو أن استعانته بالكونغرس غير واردة وغير مجدية لو حاولها، وواقع الحال أن ترامب يمسك بالمبادرة وبما يربك نواطير إسرائيل في واشنطن. فهل تتوسع دائرة التباين بينهما وإلى أي حدّ؟.

المساهمون