رحبت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بانعقاد جلسات الاستماع في محكمة العدل الدولية لمناقشة التزامات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، وتجاه الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدة على أهمية هذه المداولات كخطوة نحو محاسبة الاحتلال على جرائمه المتواصلة.
وقالت الحركة في تصريح صحافي: "لقد أبرزت المحكمة، عبر مداولاتها، خطورة منع دخول المساعدات الإنسانية، باعتباره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وفضحت استخدام الاحتلال للتجويع كأداة حرب ضد المدنيين، في جريمة موثّقة تستوجب موقفًا دوليًا حازمًا"، مؤكدة على ضرورة متابعة قرارات وتدابير المحكمة السابقة، التي تجاهلها الاحتلال بشكل متعمّد، عبر استمراره في جريمة الإبادة الجماعية، وتصعيده لسياسات الحصار والتجويع، واستهداف البنية التحتية والحياة المدنية.
وشددت الحركة على أن المجتمع الدولي، بمؤسساته القانونية والحقوقية، "مطالب اليوم بتحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وتجاوز مرحلة الإدانات اللفظية إلى خطوات عملية تُفضي إلى محاسبة الاحتلال، ووقف جرائمه، وإنهاء معاناة شعبنا، بما يضمن تحقيق العدالة وصون مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
استمع إلى الملخص
- تستمر الجلسات خمسة أيام بناءً على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، وستستمع المحكمة لحجج ممثلي الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية وأكثر من 40 دولة ومنظمة دولية.
- تركز الجلسات على شرعية الإجراءات الإسرائيلية ضد "أونروا" والتزامات إسرائيل القانونية كقوة احتلال وعضو في الأمم المتحدة، مع عدم مشاركة إسرائيل شفوياً.
بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي، اليوم الاثنين، بعقد جلسات استماع جديدة بشأن منع حكومة الاحتلال الإسرائيلي عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التابعة للأمم المتحدة في فلسطين، ومنظمات دولية أخرى، بهدف تقديم رأي استشاري، بمشاركة عشرات الدول والمنظمات الدولية.
وتأتي هذه الجلسات الممتدة على مدار خمسة أيام، بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعدما منعت إسرائيل عمل وكالة أونروا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وستستمع محكمة العدل الدولية إلى حجج ممثلي الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية، وأكثر من 40 دولة، بالإضافة إلى العديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأفريقي.
وستوجه هذه الأطراف حججها إلى هيئة القضاة المكونة من 15 قاضياً، وستناقش شرعية وآثار الإجراءات الإسرائيلية ضد "أونروا"، والتزاماتها الأوسع باعتبارها قوة احتلال ودولة عضواً في الأمم المتحدة. ولن تشارك إسرائيل في الإجراءات الشفوية، لكنها قدمت بياناً مكتوباً إلى المحكمة. وستركز الجلسات على عدة قضايا تتعلق بالتزامات إسرائيل القانونية تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك "أونروا"، ومسؤولية إسرائيل عن ضمان الإمداد دون عوائق، بالمواد الأساسية للسكان المدنيين الفلسطينيين، فضلاً عن شرعية حظر إسرائيل عمليات "أونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
طالب ممثلو دولة ماليزيا محكمة العدل الدولية بإدانة الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي ومنع الشعب الفلسطيني من العيش بكرامة في وطنه، مؤكدين أهمية احترام إسرائيل، بوصفها قوة احتلال، القانون الدولي في توفير الاحتياجات الأساسية للسكان في المناطق الفلسطينية المحتلة. وأشارت غاتوليزي آسولينا من وزارة الخارجية الماليزية إلى أن إسرائيل "فرضت حصاراً كاملاً على الإغاثة الإنسانية في غزة، حيث أغلقت جميع المعابر الحدودية، وسحبت جميع إمدادات الكهرباء بالكامل لأول مرة في التاريخ، إذ كان الهدف المعلن لهذه الإجراءات غير القانونية واللاإنسانية هو ممارسة الضغط على الناس لقبول التغييرات في وقف إطلاق النار المتفق عليه بالفعل، وهذا يوضح إدخال سيطرة إسرائيل كونها قوة احتلال على صناعة الحياة والموت، كما أنه يطرح موضوع طلب الرأي الاستشاري حالياً قبل أن تتضح هذه الإجراءات الحقيقية التي جرى اتخاذها".
قالت المحامية المصرية، ياسمين موسى، ممثلة فريق مصر القانوني، إن بلادها كانت ثابتة في التزامها بتسهيل دخول الوكيل عبر أراضيها منذ بداية الأزمة، مضيفة أن مصر استقبلت "903 شحنات جوية و557 شحنة من المساعدات. كما سهلت دخول أكثر من 35000 شاحنة تحمل 534000 طن من المساعدات. كما سهلت أيضاً ما يقرب من 700 شاحنة وقود و176 سيارة إسعاف، واستقبلت آلاف الجرحى الفلسطينيين وعائلاتهم"، مشيرة إلى أن مجلس الأمن رحّب بجهود مصر لتسهيل استخدام وكالات ليفي الإنسانية للمعبر العلوي الذي كان في يوم من الأيام شريان الحياة للمساعدات الإنسانية إلى غزة مراراً وتكراراً.
وقالت إن جهود مصر "واجهت العراقيل الإسرائيلية المستمرة أولاً، حيث منعت إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية بالكامل من خلال إغلاق جميع معابرها إلى غزة، وقصفت المعابر على الجانب الفلسطيني، ومنعت تدفق المساعدات بعد جهود هائلة من مصر والمجتمع الدولي". وتابعت: "أعيد فتح المعبر على الجانب الفلسطيني في 21 أكتوبر 2023، ومع ذلك استمرت إسرائيل في فرض تدابير لتقييد تدفق البضائع والمساعدات التي تدخل غزة بشكل كبير. ثانياً، خلقت إسرائيل عقبات قانونية وإدارية وغيرها من خلال إصدار مرسوم يقضي بتفتيش جميع شاحنات المساعدات الإنسانية التي تمر عبر تيك توك عند المعبر الإسرائيلي في آنا على بعد حوالي 47 كيلومتراً بشكل صارم في تأخير وإعاقة دخول الشاحنات عمداً ومنع دخول المواد الإنسانية المنقذة للحياة بسبب الرفض المتكرر. ثالثاً، شنّت هجمات على البنية التحتية الإنسانية بما في ذلك المعبر نفسه في مايو/أيار من العام الماضي، وشنّت هجومها العسكري ضد أكثر من مليون فلسطيني ومركز المساعدات الإنسانية معاً، مما أثر بشدة على العمليات الإنسانية".
وأكدت أن إسرائيل "تستهدف قوافل المساعدات وطالبي المساعدة في عمليات قتل جماعي غير مسبوقة، فضلاً عن استهدافها وتدميرها المتعمد للبنية التحتية الصحية في التصعيد الأخير، وأغلقت إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، واستأنفت الأعمال العدائية النشطة في خرق لوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه مصر وقطر والولايات المتحدة، ولم تدخل أي إمدادات إنسانية إلى غزة منذ الثاني من مارس/آذار، وقطعت خطط أكثر من مليوني مدني عن وسائل عيشهم، مما أدى فعلياً إلى قتلهم ببطء". وختمت أن "سياسة إسرائيل المتمثلة في عرقلة إمدادات الإغاثة عمداً، وعرقلة عمل الجهات الفاعلة الإنسانية، بما في ذلك الأمم المتحدة ووكالات الأمم المتحدة الأخرى، تنتهك عدداً من الالتزامات الدولية، بما في ذلك التزامات العميل الدولية".
قال السفير المصري في هولندا، حاتم كمال عبد القادر، إن "إسرائيل تستخدم سلاح المساعدات الإنسانية في حربها على غزة التي أودت بقتل أكثر من 62 ألف فلسطيني منذ أكتوبر 2023"، مضيفاً: "لا يوجد شك أن هذه الممارسات جزء من نظام الاحتلال المستمر، وهو مبرهن من خلال القوانين الإسرائيلية وأيضاً بمنع عمل أونروا".
وأكد كمال عبد القادر أن "إسرائيل تصدر أوامر إخلاء مستمرة إلى مناطق مدمرة وتخلق ظروفاً لتكون غزة غير قابلة للعيش". وتابع: "رغم أن المحكمة أقرت بأن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني، فإن إسرائيل تستمر بخرق القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي"، لافتاً إلى أن مصر "تدعم إطار العمل القائم على حل الدولتين. لا يمكن تحقيق القانون الدولي من دون حق العودة، وهو ما أكدته الجمعية العامة للأمم المتحدة". واعتبر أن عمل أونروا "مرتبط بشكل مباشر بحق العودة، وفي الوقت الذي لم يتحقق حق العودة فإن عمل الوكالة ضروري أيضاً للحفاظ على حق العودة للفلسطينيين في دولة مستقلة، لذلك ترى مصر أن على إسرائيل عدم منع عمل أونروا في الأراضي المحتلة". وقال إن إسرائيل "خرقت القوانين والمعاهدات بشكل مستمر ومنهجي، فيما يتعلق بعمل أونروا على مدار سنوات، وخلال الحرب الأخيرة. ولا يوجد أي مبررات لهذه الممارسات".
قال مندوب فلسطين في الأمم المتحدة، رياض منصور، في الكلمة الختامية للوفد الفلسطيني أمام جلسة محكمة العدل الدولية إن الخسائر المدنية المرتفعة للغاية على مدى 18 شهراً لا يبدو أنها دفعت إلى أي تغييرات في ممارسات وسياسات الاستهداف الإسرائيلية، مضيفاً أن هناك "تجاهلاً تاماً لحياة المدنيين في غزة". وتابع قائلاً: "السياسة الإسرائيلية الفعلية المتمثلة في منع المساعدات المنقذة للحياة، عمداً، من دخول قطاع غزة يبدو أنها تهدف إلى معاقبة السكان المدنيين وفرض ظروف معيشية مستحيلة عليهم".
وقال: "يجب أن تكون الأمم المتحدة فخورة جداً بأنها تعمل منذ ما يقرب من 75 عاماً. إنها منظمة يجب حمايتها والدفاع عنها وعدم مهاجمتها". وتساءل: "هل توجد دولة عضو في الأمم المتحدة تفتح مشاريع لتدمير شعب كامل كما نراه في غزة؟ لماذا وضعت الإنسانية قواعد إذا كان أولئك الذين يحق لهم حمايتها قد تُركوا في طريق الأذى، وأولئك الذين يجب محاسبتهم على خرقها من بين الحكام الذين يعتبرون الأكثر قدسية في النظام الدولي هم حكام العدوان؟".
وأشار إلى أن "أكثر من مليوني شخص في غزة نصفهم من الأطفال يدفعون الثمن النهائي لعجزنا الجماعي عن التكيف لإنهاء الظلم. ساعدونا في تحقيق العدالة. ساعدونا على التحرك في هذا الاتجاه وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني".
وأضاف: "يدعو نتنياهو إلى الهجرة الطوعية في غزة. هل الهجرة الطوعية تعني تدمير الناس وأن تتركهم محاصرين بين الموت والنزوح؟". وتابع: "يتم قتل أطفالنا وبترهم وصدمتهم وإهانتهم.. لا ينبغي لأي طفل أن يشهد هذا، حتى أولئك الذين ينجون لن يتعافوا أبداً من هذا الكابوس"، لافتاً إلى أن "المحاكم الإسرائيلية حمت أولئك الذين يرتكبون كل هذه الجرائم".
تطرق البروفيسور أليان بيلليت عن الفريق القانوني الفلسطيني إلى قرارات محكمة العدل الدولية في مارس/آذار العام الماضي القاضية بإصدار التدابير الإجرائية، ومن ضمنها، وجوب اتخاذ إسرائيل تدابير فعالة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة.
وقال بيلليت، خلال جلسة المحكمة، اليوم الاثنين، إن هذه التدابير لم تحصل على أرض الواقع، وإسرائيل تجاهلتها، وهو ما يخالف القانون الدولي. وأضاف أن "إسرائيل تجاهلت ليس قرارات العدل الدولية فقط، بل أيضاً قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، واتفاق وقف إطلاق النار المبرم مؤخراً في غزة، وهو ما يؤدي إلى معاناة إنسانية كبيرة من ضمنها موت آلاف الفلسطينيين وآلاف الأطفال". ودعا إلى تعويض المتضررين من المعاناة التي تخلفها ممارسات الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني وهي ليست فقط في غزة، بل في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وأشار إلى أن هناك أضراراً لا يمكن تعويضها. وأكد ضرورة تعويض ضحايا العاملين مع الأمم المتحدة بسبب انتهاكات إسرائيل.
وقال إن الرأي الاستشاري للمحكمة حول العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي الصادر في شهر يوليو/تموز، أنقذ القانون الدولي، وأفضى إلى عدم قانونية الاحتلال.
تطرق البروفيسور أردي إمسيس من الفريق القانوني الفلسطيني في مداخلته أمام جلسة محكمة العدل، إلى قرار الجمعية العامة عام 1949، بشأن ضرورة استمرار تقديم المساعدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، لمنع ظروف المجاعة والبؤس بينهم، وتوفير المزيد من شروط السلام والاستقرار، مذكّراً بأنه جرى إنشاء وكالة أونروا لتقديم الإغاثة المباشرة، وبرامج العمل للاجئين حتى يجري حل محنتهم وفقاً للقانون الدولي.
وأشار إلى أن هناك حاجة ملحّة لعمل "أونروا"، خصوصاً بعد أكتوبر 2023، بسبب انتهاك إسرائيل المطوّل حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما توافق عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتصر على أن الدعم يجب أن يستمر حتى يحصل اللاجئون الفلسطينيون على حقوقهم بموجب القانون الدولي.
وتحدث إمسيس أيضاً عما يحصل في الضفة الغربية، خلال الأشهر الأربعة الماضية وحدها، حيث جرى ترحيل أكثر من 40 ألف لاجئ فلسطيني قسراً مرة أخرى، من خلال تدمير أربعة مخيمات للاجئين من قبل إسرائيل، بمساعدة عصابات مسلحة من المستوطنين، قائلاً: "يجري إجبار سكان الضفة الغربية حرفياً على النزوح القسري كل يوم".
بدأت المحامية بلينني ليجاليه من الطاقم القانوني الفلسطيني مداخلتها أمام محكمة العدل الدولية بالحديث عن أن الممارسات الإسرائيلية المناهضة للقانون الدولي لم تبدأ خلال الحرب الأخيرة، بل تمتد لعقود منذ النكبة والاحتلال عام 1967، وما تقوم به إسرائيل الآن هو تدمير الفلسطينيين جماعةً، بما في ذلك ظروف الحياة من خلال الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتحويل غزة إلى أرض قاحلة غير صالحة للسكن وغير قادرة على دعم الحياة البشرية.
وأشارت إلى أن غزة تحولت إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين، وأولئك الذين يأتون إلى إنقاذهم. ولفتت إلى أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ملزمة بتقديم كل المساعدة المقدمة لكيانات الأمم المتحدة لضمان التنفيذ الفعال لولاياتها، وقد أكد ذلك من جديد الأمين العام للأمم المتحدة قبل أربعة أشهر فقط، في رسالته إلى مجلس الأمن والجمعية العامة، مؤكداً أن إسرائيل، بصفتها عضواً في الأمم المتحدة، مطالبة بتقديم كل مساعدة ممكنة للأونروا في أي إجراء يتم اتخاذه وفقاً للميثاق، مشددة على أن إسرائيل تفشل عمداً وبشكل صارخ في القيام بذلك.
ولفتت إلى أن الإسرائيليين ينتهكون على نحو صارخ التزاماتهم باحترام حرمة مباني الأمم المتحدة، وحصانة ممتلكات وأصول مبانيها وفقاً للمادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة، كما أنها تنتهك بشكل صارخ التزاماتها باحترام امتيازات وحصانات مسؤولي الأمم المتحدة، بما في ذلك رواتب الموظفين الفلسطينيين، والموظفين الدوليين، والخبراء في بعثات الأمم المتحدة، بما في ذلك بعثات تقصي الحقائق. وقالت: "هذه الالتزامات غير مشروطة، وتنطبق في أوقات السلم والصراع تحت الأرض، ولا يمكن إلغاؤها من محتل عسكري".
تحدث المحامي بول براكر من الطاقم القانوني الفلسطيني، خلال مداخلته أمام محكمة العدل الدولية، عن إعلان إسرائيل أنها ستنهي من جانب واحد وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع منذ منتصف يناير/كانون الثاني، وأنها ستستأنف القصف الجوي والهجمات المسلحة الأخرى ضد غزة في اليوم التالي لشهر مارس/آذار. كما ذكّر القضاة بقرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإيقاف دخول جميع السلع والإمدادات إلى قطاع غزة، وهو قرار أكده رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية للأراضي المحتلة ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش في منشور آخر. كما أشار لتصريحات وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي قال إن العدو ليس "حماس" فقط، بل جميع السكان المدنيين في غزة.
وشدد على أن الحصار الكامل للمساعدات المنقذة للحياة، والسلع الأساسية، والسلع التجارية، سيكون له تأثير كارثي على شعب غزة، لافتاً إلى أن منع الغذاء والماء والدواء عن الأشخاص الذين يحتاجون إليهم أمر غير مقبول، كما أنه يتعارض مع القانون الإنساني الدولي والأوامر المؤقتة لمحكمة العدل الدولية.
وأشار إلى أن الأدلة التي لا تقبل الجدل، تؤكد أن إسرائيل انتهكت التزاماتها بموجب القانون الدولي بشكل صارخ، ليس منذ 2 مارس/آذار فحسب، بل كانت تنتهكها منذ سنوات وبشكل أخطر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
قال ممثل دولة فلسطين أمام محكمة العدل الدولية، سفيرها لدى هولندا عمار حجازي، إن المساعدات الإنسانية تُستخدم سلاحَ حرب، ومخازن الدواء نفدت، لافتاً إلى أن هناك آلاف الفلسطينيين، منهم الأطفال، بحاجة لإخلاء فوري للعلاج، كما أن هناك مئات الآلاف من الأطفال المعرضين للخطر بسبب منع الدواء والغداء. وأضاف: "إسرائيل قتلت أكثر من 1400 طبيب وموظف في المستشفيات والقطاع الصحي، وهناك أطباء من غزة مختطفون من إسرائيل لا نعرف عنهم شيئاً".
وتابع: "ما يحصل لم يبدأ منذ 18 شهراً، بل منذ سنوات عدة، لمنعنا من حق تقرير المصير"، لافتاً إلى أن إسرائيل تقوم بحملات متواصلة بحق الشعب الفلسطيني وتاريخه وتراثه، لمحو هذا التاريخ الذي بدأ مع النكبة عام 1948. واستعرض حجازي مجموعة من الصور أمام القضاة لاستهداف إسرائيل لعمال الإغاثة في غزة، متهماً إياها بقتل الفلسطينيين، وقتل من يحاول إنقاذ حياتهم من مسعفين وأطباء وعمال إغاثة. وشدد على أن ما تقوم به إسرائيل يهدد الأجيال الفلسطينية المقبلة.
وطالب حجازي القضاة النظر في القضية في سياق المحو والتهجير الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وأن ما تقوم به إسرائيل بحق الأمم المتحدة هو لمنع سبل الحياة للشعب الفلسطيني وتقرير مصيره.
أكدت المتحدثة باسم فريق الأمم المتحدة القانوني إيلنور هاممارسكغولد، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يعمل بشكل متواصل لتحقيق السلام ووقف المعاناة للإسرائيليين والفلسطينيين، فضلاً عن إعادة المخطوفين (المحتجزين الإسرائيليين)، ووقف الحرب على غزة، مشيرة إلى أنه لا توجد أي مساعدات إنسانية تدخل غزة منذ بداية الثاني من شهر مارس/ آذار، مشددة على أن منعها أجج المعاناة في قطاع غزة.
وشددت على وجوب التزام كل الأطراف في الصراع بالقانونين الدولي والإنساني الدولي، بما في ذلك إسرائيل، والسلطة الفلسطينية، والفصائل المسلحة، بما فيها "حماس"، التي يجب أن تمتثل للقانون الدولي. ولفتت إلى أن إسرائيل، كقوة احتلال، تقع عليها مسؤوليات عدة، أبرزها إعطاء منظمات الأمم المتحدة إذن العمل وفقاً للمادة 59 من معاهدة جنيف لحقوق الإنسان، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للسكان والغذاء والدواء، مشددة على أنه يجب عدم مهاجمة أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة خلال أي صراع.
وبشأن التزامات إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة، أكدت المسؤولة الأممية أن إسرائيل تستمر في خرق قرارات الأمم المتحدة باستمرارها باحتلال الأراضي الفلسطينية، مشيرة إلى أنه بحسب القانون الدولي، يُمنع على الدول احتلال أراضٍ بالقوة وضمها. وذكّرت بقرارات أقرها الكنيست الإسرائيلي، تسعى لضم أراضٍ فلسطينية لإسرائيل، من ضمنها القدس الشرقية، خلافاً للقانون الدولي.
وتطرقت في حديثها لما واجهته وكالة أونروا من تحديات للعمل في الأراضي الفلسطينية، بسبب ممارسات تفرضها الحكومة الإسرائيلية، من ضمنها منع دخول مناطق محددة وتوزيع مساعدات. وأشارت إلى عدد من المواد في معاهدة جنيف، خلال حديثها حول انتهاكات حقوق الانسان، وتقديمها إلى هيئات الأمم المتحدة. وخلصت إلى ضرورة أن تقوم المحكمة بإعطاء رأي استشاري في هذا الخصوص.