محادثات "إيجابية" بين لافروف وفيدان في موسكو

27 مايو 2025   |  آخر تحديث: 16:09 (توقيت القدس)
لافروف وفيدان يتصافحان خلال مؤتمر صحافي مشترك في موسكو، 27 مايو 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شدد لافروف على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للنزاع الأوكراني، مطالبًا بحياد أوكرانيا وامتناعها عن الانضمام للناتو، وشكر تركيا لدعمها في تسوية الأزمة، محملاً الغرب مسؤولية التصعيد.
- رحب برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، مؤكدًا تأثيرها السلبي على الشعب السوري، ودعا وزير الخارجية السوري لزيارة موسكو، مشيدًا بأهمية رفع العقوبات لتحقيق الرخاء.
- ناقش لافروف وفيدان قضايا جنوب القوقاز وليبيا وسوريا والبحر الأسود، وتعزيز التعاون التجاري، وتطرقوا لمذكرة تسوية النزاع الأوكراني بإشراف بوتين لتحقيق سلام مستديم.

جدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الثلاثاء، تمسك بلاده بربط نجاح المفاوضات حول الأزمة الأوكرانية بإزالة ما تعتبره موسكو "الأسباب الجذرية" للنزاع، في إشارة إلى المطالب الروسية بحياد أوكرانيا وتخليها عن المساعي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وقال لافروف في مؤتمر صحافي في ختام محادثاته مع نظيره التركي هاكان فيدان، في موسكو: "كرّر الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) في كلماته في الفترة الأخيرة مراراً أن نجاح المفاوضات مرهون بصورة مباشرة بما إذا كنّا سنتمكن خلال هذه المفاوضات من إزالة الأسباب الجذرية للنزاع المعروفة جيداً"، وأعرب عن امتنان بلاده لتركيا على دعمها لجهود تسوية الأزمة الأوكرانية، مضيفاً: "نمتنُّ لتركيا على استعدادها لمواصلة دعم المفاوضات والتسوية السلمية عامةً".

وحمّل لافروف الغرب المسؤولية عن تحريض كييف على التصعيد، مستطرداً: "روسيا معنية بالوفاء بالاتفاقات كافّة التي كان يجري التوصل إليها على مدى السنوات الثلاث الأخيرة حول هذه المسألة (أي أوكرانيا)، ولكن للأسف، لا يمكن قول ذلك عن جيراننا الأوكرانيين الذين حرضهم رعاتهم الغربيون بالطرائق شتى".

في سياق آخر، أعرب لافروف عن ترحيب بلاده برفع العقوبات الأميركية عن سورية، مذكّراً بأن موسكو ندّدت بها دوماً وطالبت برفعها. يأتي ذلك بعد نحو أسبوعين على اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالرئيس السوري أحمد الشرع، في السعودية والإعلان عن تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق.

وقال لافروف: "ظلّت العقوبات ضد سورية دوماً خطوة ندّدنا بها وطالبنا بوقفها، لأنه أعلن رسمياً أن العقوبات فرضت ضد نظام بشار الأسد، لكنّها شكلت فعلياً ضربة موجعة لأطياف المجتمع السوري كافّة"، وأضاف: "نرحب بإدراك الرئيس ترامب لضرورة مثل هذه الخطوة، لأنه لم يكن يعاني منها سوى الشعب السوري"، وأكد أن الدعوة الروسية إلى وزير الخارجية بالحكومة السورية في المرحلة الانتقالية أحمد الشيباني، لا تزال سارية المفعول، قائلاً: "بدعوة طيبة من صديقي هاكان فيدان، التقينا بحضوره مع وزير الخارجية السوري الشيباني، وقد تلقى دعوة لزيارة روسيا"، في إشارة إلى لقاء لافروف والشيباني في أنقرة في مارس/آذار الماضي. من جهته، أشاد فيدان هو الآخر بأهمية رفع العقوبات عن سورية، بالقول: "القرارات المتخذة بشأن إلغاء العقوبات مهمة للغاية (...) كانت لدينا اليوم فرصة لمناقشة هذه المسائل. سنواصل بذل الجهود من أجل رخاء الشعب السوري".

ووصف فيدان محادثاته مع لافروف بأنها كانت إيجابية، وأكد استعدادَ بلاده لاستضافة جولات جديدة من المفاوضات، قائلاً: "قد أعربنا عن استعدادنا لاستضافة مثل هذه الفعالية، ونحن مستعدون لذلك في أي وقت. بصراحة نعتبر ذلك واجبنا ومُهمةً من أجل منطقتنا والسلام في العالم أجمع، لأننا نعيش في منطقة واحدة. بالطبع، نتمنى أن تجري تسوية المشكلة بطريقة تُفضي إلى توصل الطرفَين إلى التوافق. سنواصل تقديم أي دعم ممكن على هذا المسار".

وكانت وزارة الخارجية الروسية، قد أوضحت في بيان أصدرته عشية المحادثات، أن الوزيرين سيناقشان إلى جانب التسوية الأوكرانية الأوضاع الراهنة في جنوب القوقاز وليبيا وسورية ومنطقة البحر الأسود. وأضاف البيان: "سيجري تبادل بناء للآراء حول تطور الوضع بعد المفاوضات الروسية الأوكرانية في إسطنبول، وكذلك سيتم التطرق إلى قضية الملاحة الآمنة في البحر الأسود". وعلاوة على ذلك، كشفت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الوزيرين سيبحثان آفاق تعزيز التعاون التجاري في الظروف الراهنة، كما من المتوقع أن يجري النظر في جدول الاتصالات الثنائية على أعلى مستوى.

وكان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف قد قال قبيل لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

 مع فيدان أمس، في معرض إجابته عن سؤال حول ما إذا كان اللقاء سيتطرق إلى القضية الأوكرانية: "بالطبع، هذه هي القضية الرئيسية". كما نقلت وكالة تاس الرسمية الروسية عن مصدر بوزارة الخارجية التركية قوله إن فيدان يعتزم مقابلة رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين أثناء زيارته إلى موسكو.

ترقب المذكرة الروسية للتسوية

وجاءت زيارة فيدان إلى موسكو وسط حالة من ترقب كشف بنود مذكرة تسوية النزاع في أوكرانيا التي تعدها روسيا، إذ نقلت صحيفة إزفيستيا الروسية، اليوم الثلاثاء، عن رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما (النواب) الروسي ليونيد سلوتسكي قوله إن موسكو تسعى إلى أن "تصبح الوثيقة قاعدة لسلام مستديم"، مؤكداً أن بوتين يشرف شخصياً على إعداد المذكرة.

وقال سلوتسكي، الذي شارك في مفاوضات إسطنبول مع أوكرانيا ضمن الوفد الروسي في عام 2022، لإزفيستيا: "ستنص المذكرة بشكل واضح على شروط وقف إطلاق النار، وستكون هذه الوثيقة فارقة، على غرار تلك التي وقعت بالأحرف الأولى قبل أن يلقى بها إلى سلة مهملات، كما لخص فلاديمير فلاديميروفيتش (بوتين) الأمر، بعد مفاوضاتنا في عام 2022. آمل أن تشكل الوثيقة الحالية قاعدة حقيقية لسلام مستديم، وهو ما نسعى إليه نحن، أي روسيا، على الأقل".

ويذكر أن بوتين استعرض خلال لقائه مع قادة دول أفريقية، في منتصف عام 2023، ما قال إنه مشروع الاتفاق الموقع بالأحرف الأولى مع أوكرانيا في إسطنبول في مارس/آذار 2022 تحت عنوان "اتفاقية الحياد الدائم والضمانات الأمنية لأوكرانيا"، التي نص بندها الأول على "التزام أوكرانيا بحيادها الدائم وإعلانه وتثبيته في الدستور الأوكراني"، قبل أن تتعثر المفاوضات حينها مع إطالة أمد المرحلة الساخنة من الحرب الروسية الأوكرانية بلا تسوية تلوح في الأفق حتى اليوم.

ووصل وزير الخارجية التركي إلى موسكو، أمس الاثنين، في زيارة عمل تستغرق يومين هي الأولى بعد استئناف المفاوضات الروسية الأوكرانية المباشرة في إسطنبول يوم الجمعة قبل الماضي. والتقى فيدان أمس مع رئيس الوفد الروسي إلى مفاوضات إسطنبول، معاون الرئيس الروسي، فلاديمير ميدينسكي، الذي شغل سابقاً منصب وزير الثقافة، وعرف بدعمه للأيديولوجيا التوسعية المعروفة باسم "العالم الروسي"، وقد ترأس الوفد الروسي بمفاوضات إسطنبول في عام 2022 أيضاً.