دعا مجلس النواب الليبي إلى عقد جلسة، غداً الاثنين، في مقره بمدينة طبرق، شرقيّ البلاد، لمناقشة قانون الانتخابات البرلمانية، بعد يومين من انتهاء المشاورات التي جمعت ممثليه بممثلي المجلس الأعلى للدولة في العاصمة المغربية الرباط، دون أن تتضح أي نتائج للمشاورات لجهة تقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين.
ونشر المتحدث الرسمي لمجلس النواب، عبد الله بليحق، على حسابه الرسمي على "فيسبوك"، أمس الأحد نص دعوة جاء فيها: "جلسة مجلس النواب الرسمية ستكون في موعدها الاثنين القادم الموافق الرابع من أكتوبر الجاري حول مقترح قانون انتخاب مجلس النواب وبقية بنود جدول الأعمال السابق".
ولم يوضح بليحق ما إذا كان الاجتماع سيناقش قانون الانتخابات البرلمانية بناءً على المشاورات التي جرت بين ممثليه وممثلي المجلس الأعلى للدولة، يومي الخميس والجمعة الماضيين، لحل الخلافات بينهما وإيجاد صيغة توافقية بشأن القوانين الانتخابية، أو أن الجلسة المقبلة هي استمرار لجلساته السابقة الخاصة بمناقشة القوانين الانتخابية.
وكان من المقرر أن يناقش المجلس قانون الانتخابات البرلمانية، في جلسة خاصة الأسبوع الماضي، لكن بليحق أعلن قبل أيام تأجيلها لتمكين اللجنة البرلمانية المشكلة لإعداد قانون الانتخابات البرلمانية "إنهاء أعمالها".
وفيما لم يذكر البيان الختامي لمشاورات الرباط مواعيد جديدة للقاء ممثلي المجلسين، يرى الناشط السياسي الليبي خميس الرابطي أن "إعلان مجلس النواب استئناف جلساته بشأن مناقشة قانون الانتخابات البرلمانية مؤشر واضح على استمراره في المناكفة بهدف تعطيل المسار الانتخابي"، لكنه استدرك بالقول إن "وضع مجلس النواب لا يسمح له بالمزيد من المماطلة والعرقلة".
وقال الرابطي متحدثاً لـ"العربي الجديد" إن "الانخراط الأميركي الواضح والداعم بقوة لإنجاز التشريعات الانتخابية سيحد من قدرة مجلس النواب على المماطلة، وستجبره الضغوط على الاستمرار في المشاورات، كذلك إن مجلس الدولة سيجبر على تقديم تنازلات أكثر"، معتبراً أن هناك الكثير من المقترحات التي يمكن أن يقبل بها الطرفان.
وتابع: "قانون الانتخابات البرلمانية لا خلاف حوله، لكن الخلاف يدور حول انتخابات رئيس الدولة، خصوصاً بعد أن أصدره مجلس النواب وجعله أمراً واقعاً، وبالتالي يمكن أن يُمرر بتخفيف شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة"، لافتاً إلى أن "تحفظات مجلس الدولة تتركز حول منع اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر من الترشح، ويمكن إقناع مجلس الدولة بفتح المجال لترشحه مقابل إزالة شرط عودة أي مترشح لا يفوز في الانتخابات إلى منصبه السابق"، في إشارة إلى تخلي حفتر عن منصبه العسكري مؤقتاً حتى بعد إجراء الانتخابات.
ولفت الرابطي إلى أن "شرط عودة الخاسر في الانتخابات لن تشمل رئيس مجلس النواب الحالي عقيلة صالح، بحكم أن المجلس ستنقضي دورته. أما حفتر، فإضافة إلى حظوظه الضئيلة في الفوز في الانتخابات، فوضعه مرتبك جداً بسبب القضايا الجنائية المرفوعة ضده في أميركا".
في المقابل، اعتبر الباحث الليبي في الشأن السياسي، خليفة الحداد، دعوة مجلس النواب إلى جلسة يوم الغد لمناقشة قانون الانتخابات بـ"مثابة إعلان انتكاسة لمشاورات الرباط، بل وربما فشلها"، وقال: "الأمم المتحدة والسفير الأميركي وصفا مشاورات الرباط بالفرصة الأخيرة، ما يعني أن الوقت ضيق جداً".
ويتفق الحداد مع الرابطي بشأن قرب نهاية مستقبل حفتر السياسي، مسجلاً انخفاضاً كبيراً في الخلافات والتوتر في الآونة الأخيرة بسبب نشاط المجلس الرئاسي الذي بدأ في العودة للمشهد بدفع دولي.
ووفق الحداد، فإن أحد السيناريوهات المحتملة التي قد تنهي الأزمة يتمثل بأن يتبنى المجلس الرئاسي إصدار مراسيم رئاسية لإنهاء الخلافات، موضحاً أن "هذه المراسيم ستتضمن ما أشار إليه رئيس المجلس محمد المنفي في تصريحات سابقة مثل منع الشخصيات النافذة في المشهد السياسي الحالي من الترشح، وهي خطوة ستقلل الخلاف الحاد حول شكل القوانين الانتخابية وشروط الترشح لأي منصب".
ويوم الجمعة الماضي أنهى ممثلو المجلسين مشاوراتهما في المغرب، دون إعلان أي نتائج، باستثناء دعوة المجتمع الدولي إلى دعم العملية الانتخابية من خلال توفير مراقبين دوليين لضمان سير الانتخابات وفق قوانين متوافق عليها، وعلى أساس مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وأشادت البعثة الأممية بالمشاورات بين ممثلي المجلسين، واعتبرت أنها جرت في "أجواء إيجابية"، كذلك أثنى عليها السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، الذي شارك في جلستها الافتتاحية، لكنه أشار إلى ضرورة بذل المزيد من "الجهود للتقريب بين الفرقاء".
وفيما أكد السفير الأميركي ضرورة المضيّ قدماً في العملية الانتخابية، قال: "لا ينبغي أن يكون لأي فرد أو مؤسسة سلطة الفيتو على التشريعات الانتخابية الحاسمة"، وطالب بضرورة الثقة بقدرة الناخبين الليبيين على تقرير من يجب أن يقود البلاد.
ولا تعكس تصريحات ممثلي مجلس النواب في مشاورات الرباط بالضرورة اتجاهاً نحو التفاهم على إصدار القوانين الانتخابية بالاشتراك مع مجلس الدولة، فقد أكد عضو مجلس النواب رمضان شنبش، الذي شارك فيها، أن المشاورات لم تناقش قانون انتخاب رئيس الدولة، بل ناقشت فقط قانون الانتخابات البرلمانية. وشدد، خلال تصريحات صحافية، على أن قانون انتخاب رئيس الدولة قد أصدره مجلس النواب وعممه على الجهات المختصة والمفوضية العليا للانتخابات لتباشر الإجراءات التنفيذية لهذا القانون.
وكان مجلس النواب قد أصدر قانون الانتخابات الرئاسية، في 18 من أغسطس/آب الماضي، بشكل أحادي دون إشراك مجلس الدولة، فيما أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، في 12 من سبتمبر/أيلول الماضي، عن تسلمها نسخة من القانون، تضم 77 مادة، منها ما يوضح صلاحيات الرئيس وشروط الترشح لمنصبه.
وفيما اعترض 22 نائباً على طريقة إصدار رئاسة مجلس النواب للقانون، وأكدوا أن "المجلس لم يصوت على القانون واكتفى بإحالته على اللجنة التشريعية"، أعلن المجلس الأعلى للدولة من جانبه، في 19 سبتمبر/أيلول، إصدار حزمة من التشريعات الانتخابية، وهي القاعدة الدستورية وقانون الانتخابات الرئاسية وقانون الانتخابات التشريعية، وإحالتها على مجلس النواب لمناقشتها قبل إصدارها لتكون أساساً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.