مجلس الاتحاد العراقي... مشروع معطل منذ عام 2005

24 فبراير 2025
البرلمان العراقي في بغداد، 30 أغسطس 2022 (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أهمية مجلس الاتحاد العراقي: يُعتبر جزءًا من السلطة التشريعية الثنائية، يهدف لتمثيل الأقاليم والمحافظات، وتفعيل الرقابة على المشاريع، وضمان تقويم عمل البرلمان ومنع التشريعات الضارة.

- التحديات السياسية: يواجه تحديات تتعلق بالتوافق بين الكتل البرلمانية، مع مخاوف من أن يصبح ساحة للمزايدات السياسية، مما قد يؤجل إنشاؤه ويؤثر على الهيكل التشريعي.

- التأثيرات المالية والسياسية: قد يُرهق الميزانية بمصاريف جديدة، ويثير مخاوف من سيطرة الأحزاب الدينية، مما قد يؤدي إلى خلافات مستقبلية، رغم أنه يمثل فرصة لتمثيل شرائح المجتمع.

لم ينجح البرلمان العراقي في الأعوام الماضية في التصويت على قانون مجلس الاتحاد العراقي المُماثل لمجلس الأعيان في بعض الدول، والمسؤول عن مراقبة عمل البرلمان بصفته الشكل الثاني للسلطة التشريعية في البلاد. وعلى الرغم من وجود نصوص دستورية مباشرة تنصّ على وجوب تشكيل مجلس الاتحاد العراقي إلا أن هذا المجلس لم يبصر النور جرّاء التباين في وجهات النظر حول أهميته وآلية تشكيله وطبيعة اختصاصاته. مع العلم أن العراق من بين الدول التي تعتمد ثنائية السلطة التشريعية، وفقاً للدستور الجديد الذي تم اعتماده عقب الغزو الأميركي للبلاد في عام 2003، وجرى التصويت عليه عام 2005. إلا أن هذه الثنائية لا تزال غير مكتملة في ظل غياب مجلس الاتحاد العراقي في الدورات البرلمانية السابقة، قبل إدراجه في المنهاج الوزاري لحكومة محمد شياع السوداني، ضمن المواد المتعلقة بالتشريعات والإصلاحات السياسية. وظهر رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني، قبل أيام في أكثر من مقابلة متلفزة، مؤكداً أهمية سنّ قانون مجلس الاتحاد العراقي لكونه يُسهم في تنظيم الكثير من القضايا والملفات الحساسة على المستويين البرلماني والسياسي وفقاً له، لكنه أشار إلى أن الأمر مرهون بالتوافق بين الكتل البرلمانية والأحزاب من أجل تشريعه والمصادقة عليه.


محمد عنوز: مجلس الاتحاد يُسهم في منع وسنّ التشريعات السيئة أو الضارة

دور مجلس الاتحاد العراقي

يفترض أن يضم مجلس الاتحاد العراقي ممثلين عن الأقاليم والمحافظات العراقية غير المنتظمة ضمن إقليم، وعددها 15 محافظة، ومن تخصصات مختلفة من أجل تفعيل الرقابة على الملفات والمشاريع كافة، لكن تظهر التساؤلات بشأن طريقة انتخاب أعضائه وتركيبته واختصاصاته وآليات عمله، والحدود التي يمكن أن تضمن عدم تداخل عمله مع صلاحيات مجلس النواب ومجالس المحافظات أو المؤسسات الأخرى. وهو ما يتحدث عنه مراقبون يعتبرون أنه لن يكون إلا نسخة من بقية المؤسسات التي تتشارك الأحزاب النافذة والمسيطرة على قراراته ومسارات عمله. مع العلم أن المادة 65 من الدستور العراقي، تنص على "إنشاء مجلس تشريعي يدعى بمجلس الاتحاد، يضم ممثلين عن الاقاليم والمحافظات غير المُنتظمة في إقليم، ويُنظّم تكوينه وشروط العضوية فيه واختصاصاته، وكل ما يتعلق به بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب". في السياق، يقول عضو مجلس النواب محما خليل، إن "مجلس الاتحاد يمثل قانوناً ضامناً لشكل الدولة التي تعتمد القانون، كما أنه ضمانة لكل الأحزاب لكونه يسهم في تقويم عمل البرلمان والمؤسسات الحكومية، وأن التأخر في إقراره واعتماده يمثل خرقاً للدستور الذي نص على أهميته". ويوضح، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "كل مشاريع القوانين تحتاج إلى توافق سياسي أولاً، ثم الانتقال إلى مراحل تفاهمات الكتل البرلمانية من أجل قراءة المشاريع، وبما أن أكثر القوانين جدلية مضت (العفو العام، والأحوال الشخصية)، فإن مشاريع أخرى لا بد أن تمر وألا ترحل إلى دورات برلمانية لاحقة".

وفي الرابع من فبراير/شباط الحالي، عقد مجلس النواب العراقي جلسة كانت إحدى فقراتها مخصصة للقراءة الأولى لمشروع قانون مجلس الاتحاد، إلا أن عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، محمد عنوز يشير إلى "احتمالات ترحيله إلى الدورة البرلمانية المقبلة (الانتخابات البرلمانية العراقية في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي)، كون المجلس قد يدخل في خانة المزايدات السياسية والحصص الحزبية، ما يعني أن المشروع قد يتأخر إلى حكومة وبرلمان مقبلين". ويضيف عنوز في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "مجلس الاتحاد يمثل سلطة قوية تحمي النظام التشريعي العراق، كما يسهم في منع وسنّ التشريعات السيئة أو الضارة، وكان من المفترض أن تتوفر الإرادة السياسية خلال الأعوام السابقة لإقرار هذا المجلس"، معتبراً أن "إنشاء مجلس الاتحاد الفيدرالي هو استكمال الهيكل التشريعي في البلاد، بالتالي فإنه يسهم في تسريع إقرار القوانين".


عبد الله الركابي: قد يكون مجلس الاتحاد واجهة الأحزاب الدينية

إرهاق ميزانية الدولة

بدوره، يلفت الخبير القانوني علي التميمي إلى أن "قرابة 77 دولة حول العالم تعتمد على مجلس الاتحاد، بتسميات مختلفة، مثل المجلس التشريعي الثاني، أو مجلس الأعيان، وقد بدأ في بريطانيا وكان يسمى مجلس اللوردات، وهو يهدف إلى منع هيمنة البرلمان على بعض القوانين، مع وجود تمثيل عادل فيه". ويؤكد في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "مشروع قانون مجلس الاتحاد المعروض حالياً في العراق، ينصّ على أنه ليس طرفاً تشريعياً بل يقتصر عمله على تدقيق القوانين التي تناقش في البرلمان، ويتضمن نظامه الداخلي 24 مادة، ويضمّ 72 عضواً يمثلون كل الأطياف من المحافظات العراقية، ولذلك فهو قد يكون سبباً إضافياً لإرهاق ميزانية الدولة بمصاريف جديدة، بالتالي فإن توقيته حالياً غير مناسب".

لكن الباحث في الشأن السياسي عبد الله الركابي، يرى في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الأحزاب إذا ما اتفقت على آليات عمل المجلس وتقسيمات أعضائه وفق مبدأ المحاصصة، فإنه سيمر وسيكون المجلس محل خلافات كبيرة في المستقبل، إذ سيكون جهة تصطدم مع وجهات النظر المتفرقة بين الأحزاب، وأن الجهات المدنية ستكون بالضد من عمله، خصوصاً أنه قد يكون واجهة الأحزاب الدينية وحاجزاً لمرور القوانين التي تطالب بها القوى الليبرالية والعلمانية في البلاد". ويلفت الركابي إلى أن "مجلس الاتحاد من المفترض أن تساهم فيه مجاميع وشرائح من المجتمع العراقي، لكن ما سيحدث في حال إقراره، أنه سيمثل الأحزاب ذاتها التي تسيطر على البرلمان والوزارات".

تقارير عربية
التحديثات الحية