مجلس الأمن يقر بياناً يندد بأحداث الساحل السوري.. وموسكو تنتقد دمشق بشدة

14 مارس 2025
توقع صدور بيان مجلس الأمن بشأن الساحل السوري اليوم الجمعة، 24 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أدان مجلس الأمن العنف في اللاذقية وطرطوس، مطالباً بحماية المواطنين ومحاسبة مرتكبي الجرائم، مع التأكيد على سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
- انتقدت روسيا السلطات السورية، مشبهة الأحداث بالإبادة الجماعية في رواندا، رغم سعيها للحفاظ على نفوذها في سوريا والتعاون مع الولايات المتحدة.
- زار وفد رسمي السيدة أم أيمن ريحان في اللاذقية لتعزيز السلم الأهلي، وانتشرت الشرطة العسكرية لفرض الأمن وحماية الأهالي من الاعتداءات.

قال دبلوماسيون، أمس الخميس، إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وافق على بيان يندد بالأحداث التي شهدتها منطقة الساحل السوري الأسبوع الماضي، ويدعو السلطات السورية إلى حماية جميع السوريين، بغض النظر عن عرقهم أو دينهم. وأضاف الدبلوماسيون أن البيان، الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع، سيُعتمد رسمياً في وقت لاحق من اليوم الجمعة، ويندد بالعنف في اللاذقية وطرطوس بسورية. وبحسب ما أوردته وكالة رويترز فإن بيان مجلس الأمن يدعو السلطات السورية إلى محاسبة مرتكبي "أعمال القتل الجماعي"، كما يدعو كافة الدول لحماية سيادة سورية ووحدة أراضيها والامتناع عن أي أعمال قد تؤدي إلى زعزعة استقرارها.

انتقادات روسية لاذعة لدمشق

في هذه الأثناء، نقلت "رويترز" عن مصدرين مطلعين قولهما إن روسيا انتقدت بشدة السلطات السورية في اجتماع مغلق للأمم المتحدة هذا الأسبوع، وقارنت بين الإبادة الجماعية في رواندا والأحداث في الساحل السوري التي أكدت الحكومة السورية أنها كانت ضد فلول النظام السابق.

وجاءت انتقادات موسكو في الاجتماع المغلق لمجلس الأمن على الرغم من الجهود التي تبذلها للاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين رئيسيتين على الساحل السوري، التي شهدت مواجهات الأسبوع الماضي إثر تمرد لفلول النظام السابق، وراح ضحيتها ما لا يقل عن 800 قتيل، بحسب آخر توثيق للشبكة السورية لحقوق الإنسان، الثلاثاء.

واندلعت أحداث الساحل في السادس من مارس/آذار إثر هجوم على قوات الأمن الحكومية، وُجهت أصابع الاتهام فيه إلى شخصيات عسكرية سابقة موالية لنظام بشار الأسد المخلوع. ودعا الكرملين، الذي دعم الأسد قبل الإطاحة به وفراره إلى روسيا في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، يوم الثلاثاء، إلى بقاء سورية موحدة، مشيراً إلى أنه على اتصال بدول أخرى بشأن الأمر.

لكن تعليقاته في الإحاطة المغلقة لمجلس الأمن الدولي، يوم الاثنين، والتي دعا إليها بالاشتراك مع الولايات المتحدة، كانت أكثر حدة، وهو ما يسلط الضوء على استراتيجية موسكو فيما تسعى لإعادة تأكيد نفوذها على مسار سورية. ووفق "رويترز"، لم تُنشر هذه التعليقات سابقاً.

وقال مصدران مطلعان على الاجتماع للوكالة إن المبعوث الروسي فاسيلي نيبينزيا قارن بين أعمال القتل في الساحل السوري والإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 عندما تعرض التوتسي والهوتو المعتدلون لمذابح منهجية على يد المتطرفين الهوتو بقيادة الجيش الرواندي ومليشيا تعرف باسم إنتراهاموي. ونقلا عنه قوله أمام الحاضرين إن "أحداً لم يوقف القتل" في سورية.

وعندما سُئل عما إذا كان يشبه الأحداث في الساحل السوري بالإبادة الجماعية في رواندا، قال نيبينزيا لـ"رويترز": "أقول ما أريد في المشاورات المغلقة، بناء على فرضية أنها مشاورات مغلقة ولا يخرج منها شيء". وقالت الخبيرة في الشؤون الروسية بمعهد واشنطن آنا بورشفسكايا إن موسكو تتخذ احتياطاتها، وذلك عند سؤالها عن سبب توجيه روسيا انتقادات أشد حدة في تصريحاتها بالأحاديث الخاصة مقارنة بالتصريحات العلنية.

وأضافت "يريدون استعادة نفوذهم في سورية ويبحثون عن طريقة للنفاذ. إذا بدأوا بانتقاد الحكومة علناً، فلن يعود هذا عليهم بأي جدوى". وتابعت "تريد روسيا أيضا أن يُنظر إليها باعتبارها قوة عظمى مساوية للولايات المتحدة، وتسعى إلى حل الأزمات بالتعاون مع الولايات المتحدة، وبالتالي فإن العمل بشكل خاص مع الولايات المتحدة في هذه المسألة يمنحها مزايا إضافية".

وقال المصدران إن نيبينزيا انتقد حل الحكومة السورية جيش النظام السوري والتقليص الهائل في أعداد العاملين في القطاع العام، وحذر من احتمال تكرار "سيناريو العراق" الذي شهد سنوات من العنف الطائفي عقب الإطاحة بصدام حسين وتفكيك مؤسسات الدولة.

وبعد إسقاط نظام بشار الأسد، دمجت السلطات السورية بعض المقاتلين الأجانب في هيكل عسكري جديد. ويقول منتقدون إن تسريح موظفين من القطاع العام استهدف إقصاء محسوبين على طائفة الأسد، وإن الحوار الوطني الذي عُقد الشهر الماضي لم يحتو الجميع. وصرح الرئيس السوري أحمد الشرع لـ"رويترز"، في مقابلة جرت هذا الأسبوع، بأن إدارته لا ترغب في توزيع المناصب على أساس طائفي، وأن الحكومة الموسعة المقرر الإعلان عنها هذا الأسبوع قد تشمل علويين، وقال إنه لا يريد رؤية "قطيعة بين سورية وروسيا"، وإن دمشق تريد الحفاظ على "العلاقات الاستراتيجية العميقة" مع موسكو.

أخبار
التحديثات الحية

وقال المصدران إن روسيا قالت في الإفادة خلف الأبواب المغلقة إن تحركات الحكومة الجديدة أقامت "أساساً فاسداً" للانتقال بعيدا عن عقود من حكم عائلة الأسد. وأكد مبعوثون من الولايات المتحدة وفرنسا والصين أيضا في الإحاطة المغلقة قلقهم إزاء وجود مقاتلين أجانب في سورية وعلى حالة الانتقال السياسي في البلاد.

محافظ اللاذقية يعزي سيدة فقدت أبناءها في أحداث الساحل

من جهة أخرى، زار وفد ضم محافظ اللاذقية محمد عثمان، وعضو اللجنة العليا للسلم الأهلي حسن صوفان، ومدير المكتب السياسي في المحافظة إياد الهزاع، السيدة أم أيمن ريحان، التي فقدت أبناءها في الأحداث الأخيرة بالساحل السوري بين قوات الأمن السورية وفلول النظام السابق، لتقديم واجب العزاء والوقوف إلى جانبها. وأعرب عثمان عن تعازيه الصادقة، مؤكداً التزام الحكومة بمحاكمة المتورطين في الجرائم التي وقعت، وتقديم الدعم الكامل لأسر الضحايا، وضمان عدم تكرار هذه الحوادث مستقبلاً. وشدد صوفان على استمرار الجهود الهادفة إلى تعزيز السلم الأهلي، مشيراً إلى ضرورة تكاتف جميع الأطراف لإعادة الحياة إلى طبيعتها وبناء الثقة بين مكونات المجتمع، وأكد استمرار العمل لإعادة الاستقرار وتعزيز التماسك المجتمعي.

وانتشر مقطع فيديو قبل يومين يظهر أم أيمن ريحان وهي تقف بجانب جثامين أبنائها في ريف اللاذقية، بينما كان أحد المقاتلين يصورها وهو يشمت بمقتلهم. وفي فيديو آخر، ظهرت الأم نفسها محاطة بمقاتلين من جهاز الأمن العام، حيث كانوا يؤكدون لها أن أبناءها قُتلوا على يد فلول نظام بشار الأسد وليس على يد القوات الأمنية. وتضامن الكثير من السوريين مع أم أيمن ريحان على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي سياق متصل، انتشرت الشرطة العسكرية، اليوم الجمعة، في مراكز مدن الساحل السوري، بما في ذلك اللاذقية وطرطوس وبانياس وجبلة بهدف فرض الأمن وحماية الأهالي من الاعتداءات التي تنفذها فلول نظام بشار الأسد المخلوع. وبحسب مصدر من المنطقة، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، فإن الساحل السوري يشهد مخاطر متزايدة، لا سيما بعد ظهور مقداد فتيحة، وهو أحد قادة مجموعات فلول النظام السابق، في مقطع مصور قبل أيام مرتدياً زياً مشابهاً لألبسة عناصر الأمن الداخلي وشعارهم، ما أثار مخاوف من وقوع كمائن وعمليات قتل ونسبها للأمن، فضلاً عن إقامة حواجز للخطف والقتل بالمسمى ذاته.

المساهمون