مجلس الأمن يعتمد بياناً رئاسياً يشجع استئناف مفاوضات سد النهضة

مجلس الأمن يعتمد بياناً رئاسياً يشجع استئناف مفاوضات سد النهضة ومصر ترحب

15 سبتمبر 2021
المرة الأولى التي تصدر فيها وثيقة رسمية عن المجلس حول سد النهضة (Getty)
+ الخط -

اعتمد مجلس الأمن الدولي بالإجماع بياناً رئاسياً حول سد النهضة. وجاء في نص البيان أن مجلس الأمن "يشجع مصر والسودان وإثيوبيا على استئناف المفاوضات بدعوة من رئيس الاتحاد الأفريقي، للانتهاء على وجه السرعة من نص الاتفاق الملزم والمقبول للأطراف بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، في غضون فترة زمنية معقولة".

وهذه المرة الأولى التي تصدر فيها وثيقة رسمية عن المجلس حول الموضوع. ويعتبر البيان الرئاسي الصادر عن المجلس من وثائق المجلس الرسمية وله أهمية أكبر من "عناصر بيان صحافي" أو "بيان صحافي"، تصدر عن المجلس كذلك، لكنه "أقل أهمية" أو إلزاماً من القرارات الصادرة عن المجلس.

ووصف مصدر دبلوماسي غربي المفاوضات، التي قادتها تونس، على مسودة البيان بالصعبة والطويلة.

وكانت تونس قد اقترحت في البداية مشروع قرار يصدر عن مجلس الأمن بشأن القضية، يشمل تحديد فترة ستة أشهر للتفاوض. إلا أن عدم التوصل إلى توافق حول مسودة المشروع أدى إلى متابعتها جهودها باتجاه إصدار بيان رئاسي. لكن المفاوضات على البيان الرئاسي كانت هي الأخرى طويلة وصعبة. وبحسب المصدر، كانت هناك أربع مسودات رئيسية تغيرت خلالها لغة البيان بشكل يجعلها مقبولة لجميع الأطراف كما قلّص محتوى النص.

ومن أبرز النقاط في هذا السياق تأكيد المجلس أن البيان "لا يحدّد أي مبادئ أو سابقة في أي نزاعات مياه أخرى عابرة للحدود". ويبدو أن هذه اللغة تهدف إلى تهدئة مخاوف العديد من الدول في المجلس من أن اعتماد نص للمجلس بشأن سد النهضة يمكن أن يخلق سابقة حول حل نزاعات المياه واستدعاء مجلس الأمن الدولي للتدخل بها.

وينص البيان الرئاسي على أن مجلس الأمن "يثمن اتفاق إعلان المبادئ بشأن مشروع سد النهضة الإثيوبي، والذي أبرم بين مصر وإثيوبيا والسودان في 23 آذار/ مارس 2015". ويشير النص كذلك إلى أن مجلس الأمن "أخذ علماً بالمفاوضات الجارية حول مسألة سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي"، ودعا الدول الثلاث إلى المضي قدماً في عملية التفاوض التي يقودها الاتحاد الأفريقي بطريقة بنّاءة وتعاونية.

ومن اللافت أن البيان يستخدم كلمة "يشجع مجلس الأمن" الدول الثلاث، بدلاً من "يدعو"، على "استئناف المفاوضات بدعوة من رئيس الاتحاد الأفريقي للانتهاء السريع من نص لاتفاق ملزم ومقبول للطرفين بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، في غضون فترة زمنية معقولة". ولا يحدد ما هي هذه "الفترة الزمنية المعقولة".

كذلك "يشجّع مجلس الأمن المراقبين الذين تمت دعوتهم لحضور المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي وأي مراقبين آخرين قد تقرر مصر وإثيوبيا والسودان بالتراضي دعوتهم بشكل مشترك، لمواصلة دعم المفاوضات بهدف تسهيل حل المشاكل العالقة، بما فيها القضايا الفنية والقانونية. ومن اللافت للانتباه أن البيان الرئاسي لا يتحدث عن أي دور للأمم المتحدة أو للأمين العام بل يعيد الكرة إلى ملعب الاتحاد الأفريقي ورئاسته.

وكان مجلس الأمن الدولي قد عقد جلسة مفتوحة لنقاش أزمة سد النهضة في تموز/ يوليو الأخير برغبة مصرية وسودانية وبحضور وزراء خارجية الدول الثلاث. وقدمت فيه الدول الثلاث مواقفها من دون أن ينتج عن الجلسة أي قرارات. وكررت العديد من الدول الأعضاء في المجلس آنذاك بعض النقاط التي وردت في بيان المجلس الصادر اليوم. ومن بينها ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم ضمن فترة زمنية معقولة ودعوة مراقبين لحضور المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي وبالتوافق بين الدول الثلاث.

مصر ترحّب

من جهتها أعلنت مصر ترحيبها بالبيان الرئاسي، وقالت الخارجية المصرية في بيان: "صدر هذا البيان في إطار مسؤوليات مجلس الأمن عن حفظ السلم والأمن الدوليين، والذي شجع مصر وإثيوبيا والسودان على استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة في إطار المسار التفاوضي الذي يقوده رئيس الاتحاد الأفريقي، بغرض الانتهاء سريعاً من صياغة نص اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك في إطار زمني معقول".
وأضافت أن البيان الرئاسي شجع المراقبين الذين سبقت مشاركتهم في الاجتماعات التفاوضية التي عُقِدَت تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وأي مراقبين آخرين تتوافق عليهم الدول الثلاث، على مواصلة دعم مسار المفاوضات بشكل نشط بغرض تيسير تسوية المسائل الفنية والقانونية أو أية مسائل أخرى عالقة.
وذكر البيان المصري أن صدور هذا البيان الرئاسي عن مجلس الأمن يعكس الأهمية الخاصة التي يوليها أعضاء مجلس الأمن لقضية سد النهضة، وإدراكاً لأهمية احتواء تداعياتها السلبية على الأمن والسلم الدوليين، ولمسؤوليتهم عن تدارك أي تدهور في الأوضاع ناجم عن عدم إيلاء العناية اللازمة لها.
وأكدت مصر أن البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن حول سد النهضة، وعلى ضوء طبيعته الإلزامية، إنما يمثل دفعة مهمة للجهود المبذولة من أجل إنجاح المسار الأفريقي التفاوضي، وهو ما يفرض على إثيوبيا الانخراط بجدية وبإرادة سياسية صادقة بهدف التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزِم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة على النحو الوارد في البيان الرئاسي لمجلس الأمن.
وفي ساعة مبكرة من اليوم؛ نشر "العربي الجديد" تقريراً عن اتجاه مجلس الأمن لإصدار بيان رئاسي بشأن قضية سد النهضة، خلال الساعات المقبلة، يتضمن دعوة جميع الأطراف إلى العودة لطاولة التفاوض وفقاً لاتفاق المبادئ المبرم بين مصر والسودان وإثيوبيا في مارس/ آذار 2015.
واستجابة لملاحظات روسيا والصين ورفضهما التعرض بأي شكل لقضايا نزاعات المياه عبر الحدود، يؤكد البيان أنه لا يتطرّق إلى موضوع الخلاف، ولا يشكل سابقة في هذا النوع من المنازعات.

الكونغو تسلم السودان وثيقة عن سد النهضة
وعلى صعيد متصل، سلم وزير خارجية جمهورية الكونغو الديمقراطية، كريستوف لتوندولا، اليوم الأربعاء، نظيرته السودانية، مريم الصادق المهدي، وثيقة أعدها فريق خبراء مشترك من الرئاسة الكنغولية ومفوضية الاتحاد الافريقي، تتضمن تلخيصاً للنقاط الخلافية والمتفق حولها بين السودان ومصر وإثيوبيا في مفاوضات سد النهضة.
وزار لتوندولا، الخرطوم، اليوم، ضمن جهود الكونغو، التي تترأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، لاستئناف مفاوضات سد النهضة المتعثرة لسنوات طويلة.
ويهدف الوزير، من تسليمه الوثيقة تلك، منح الفرصة لكل من الخرطوم وأديس أبابا والقاهرة، لدراستها، والرد عليها بآرائها ومواقفها حتى يقوم الخبراء بدراسة المواقف والبناء عليها في محاولة تقريب المواقف وصولاً لاتفاق حول سد النهضة الإثيوبي يرضي جميع الأطراف.
وبعيد تسلمها الوثيقة، أعربت مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية السودانية عن تقديرها الدور الذي يضطلع به الرئيس فليكس تشسيكيدي رئيس جمهورية الكونغو في إيجاد حل للنزاع القائم بشأن بسد النهضة، وأوضحت أن السودان يشارك بحسن نية في جولات التفاوض بهدف الوصول الى اتفاق يحفظ مصالح الدول المشاطئة ودولة المنبع على حد سواء.

وجددت المهدي الدعوة لقبول عملية الوساطة المعزّزة بقيادة الاتحاد الأفريقي لمساعدة الأطراف في الوصول إلى اتفاق مرضٍ لأطراف العملية التفاوضية الثلاثة.
وكان السودان قد انسحب من جولات التفاوض الأخيرة، احتجاجاً على عدم جدواها، واقترح لاستئنافها إشراك الأمم المتحددة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مع الوساطة الأفريقية.
 وأضافت المهدي أن بلادها تتطلع إلى أن تستأنف الأطراف العملية التفاوضية تحت قيادة الاتحاد الأفريقي في أقرب الآجال، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة تغيير المنهجية غير الفاعلة التي وسمت جولات التفاوض الماضي، وعلى أهمية توفر الإرادة السياسية لكل الأطراف في إطار من المسؤولية والجدية للوصول الى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
وانتقدت بشدة مواصلة إثيوبيا عملية ملء السد دون اتفاق، معتبرة ذلك تعنتاً من جانبها لا يليق بدولة تحترم سيادة جيرانها وتحافظ على مصالحهم، كما أن مواصلة الملء دون اتفاق تمثل تهديداً مباشراً لمصالح السودان.
من جهته، أكد كريستوف لتوندولا، وزير الخارجية الكنغولي، أن الرئيس تشسكيدي عازم على مواصلة مجهوداته لإيجاد حل لأزمة سد النهضة، تحقيقاً لشعار الاتحاد الأفريقي "حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية"، وأوضح أن جولته في الدول الثلاث في إطار التشاور، وتلمّس المواقف لمواصلة المفاوضات التي عقدت في إبريل/نيسان الماضي في كينشاسا.