يجتمع مجلس الأمن الدولي بعد ظهر اليوم الجمعة بناء على طلب الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وبريطانيا خصوصاً، لمناقشة محاولة فاشلة من قبل كوريا الشمالية، لإطلاق قمر اصطناعي لأغراض التجسّس، وفق ما أعلنته واشنطن التي تتولى الرئاسة الشهرية للمجلس في أغسطس/ آب.
وقالت الرئاسة الأميركية، في بيان، إنّ "مجلس الأمن يجب أن يندّد بالسلوك الخطير" لكوريا الشمالية، علماً بأنّ المجلس لم يتمكّن منذ العام 2017 من التوصل إلى موقف موحد بشأن هذه القضية.
وأوردت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أنّ الإدارة الوطنية لتطوير الفضاء في كوريا الشمالية "أجرت ثاني عملية إطلاق لقمر الاستطلاع ماليغيونغ بواسطة الصاروخ الحديث تشوليما في موقع سوهاي لإطلاق الأقمار الاصطناعية في منطقة تشولسان في مقاطعة بيونغان الشمالية".
وأضافت أنّ "رحلة الصاروخ في المرحلتين الأولى والثانية كانت طبيعية، لكنّ الإطلاق فشل بسبب خطأ في نظام التشغيل الطارئ خلال المرحلة الثالثة".
وأشارت إلى أنّ "سبب الحادث ليس مشكلة رئيسية"، وستعمد بيونغ يانغ إلى عملية إطلاق ثالثة في أكتوبر/ تشرين الأول بعد اتخاذ الإجراءات التصحيحية.
من جهتها، أعلنت هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية، في بيان، أنّها رصدت قرابة الساعة 3,50 (18,50 بتوقيت غرينتش الأربعاء) إطلاق "ما تزعم كوريا الشمالية أنّه صاروخ فضائي".
ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس المحاولة الكورية الشمالية، ومثله فعل وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، قائلين إنّ بيونغ يانغ استخدمت في هذه المحاولة تكنولوجيا صواريخ باليستية محظورة.
قبل ذلك، عقدت الحكومة الكورية الجنوبية اجتماعاً لمجلس الأمن القومي للتنديد بعملية الإطلاق، مشددة على أنّ كوريا الشمالية "تبدد مواردها القليلة في استفزازات غير منطقية محمّلة موظفين ثانويين مسؤولية الوضع الاقتصادي الذي يدفع الشعب إلى المجاعة والموت".
وقال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا: "تأكدنا من أن أي قمر لم يوضع في مدار الأرض خلال عملية الإطلاق هذه المرة ونعتبر تالياً أنها فاشلة. لكن تصرفا كهذا ينتهك قرارات الأمم المتحدة وقد احتججنا بقوة" عليه.
وكان كيشيدا قال في وقت سابق إنّ الصاروخ مر بالمجال الجوي الياباني فوق أرخبيل أوكيناوا.
وأخطرت بيونغ يانغ خفر السواحل الياباني، الثلاثاء، بأنها تعتزم إطلاق قمر اصطناعي بين 24 و31 أغسطس/ آب، ما دفع طوكيو إلى حشد سفن ووضع نظامها الصاروخي الدفاعي باك-3 في حالة تأهب تحسّباً لسقوط الصاروخ على أراضيها.
ووصفت سيول عملية الإطلاق بأنها "غير قانونية" لأنها تنتهك العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة وتمنع كوريا الشمالية من القيام بتجارب باستخدام التكنولوجيا الباليستية الضرورية في عمليات الإطلاق الفضائية والصاروخية على حد سواء.
"رد دولي سريع وموحد وقوي"
وأورد البيان: "رغم الدعوات المتكررة من المجتمع الدولي، تواصل كوريا الشمالية تكثيف أعمالها التصعيدية من خلال عدد قياسي من عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية".
واعتبرت مجموعة السبع أنّ المحاولة تثبت "تصميم كوريا الشمالية على تطوير وتنويع قدراتها النووية والصاروخية الباليستية غير القانونية".
وأضافت الدول الأعضاء أنّ "التصرف المتهور لكوريا الشمالية يجب أن يقابل برد دولي سريع وموحد وقوي، خاصة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
من جهته، اعتبر غوتيريس المحاولة الكورية الشمالية انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي.
وقالت المتحدثة باسمه فلورنسيا سوتو نينو، إنّ "كلّ عملية إطلاق لكوريا الشمالية باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي".
وأضافت: "يكرّر الأمين العام دعوته كوريا الشمالية إلى التوقف عن ممارسات من هذا القبيل واستئناف الحوار من دون شروط مسبقة، للتوصل إلى سلام دائم ونزع شامل للأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية".
وجعل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من وضع قمر اصطناعي للتجسس في المدار أولوية قصوى، قائلاً إن ذلك بمثابة توازن ضروري للوجود العسكري الأميركي المتزايد في المنطقة.
وأتت عملية الإطلاق بعدما عقد قادة الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قمة في كامب ديفيد، تطرقت إلى التهديدات النووية الشمالية.
وتزامنت العملية مع مناورات "أولشي فريدوم شيلد" الأميركية الكورية الجنوبية واسعة النطاق التي بدأت الاثنين وتستمر حتى 31 أغسطس/ آب. وقال البلدان إن التدريبات تهدف إلى مواجهة التهديدات المتنامية لكوريا الشمالية.
في 31 مايو/ أيار، أطلقت بيونغ يانغ ما وصفته بأنّه أول قمر اصطناعي للاستطلاع العسكري "ماليغيونغ-1"، لكن الصاروخ "تشوليما-1" الذي كان يحمله سقط في البحر بعد دقائق من الإطلاق.
وتمكن الجيش الكوري الجنوبي بعد عملية معقدة استمرت 36 يوماً في البحر من استعادة أجزاء من الصاروخ والقمر الاصطناعي. وبعدما فحصها خبراء كوريون جنوبيون وأميركيون، رأت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أن "لا فائدة عسكرية" من القمر الاصطناعي.
وقال الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية جوزف ديمبسي، في تصريح لوكالة فرانس برس، إنّ عملية الإطلاق "وإن باءت بالفشل إلا أن التحليق استمر فترة أطول مقارنة بالمحاولة السابقة".
وشدد على صعوبة عمليات الإطلاق الفضائية، مؤكداً أنّ الإخفاقات والتعلّم "هي غالباً جزء من التطوير الذي يفضي في نهاية المطاف إلى تصاميم ناجحة".
(فرانس برس)