مجلس أوروبا لحقوق الإنسان يدعو بريطانيا إلى مراجعة قوانين الاحتجاج
استمع إلى الملخص
- شهدت المملكة المتحدة اعتقالات واسعة بحق حركة "بالستاين أكشن"، حيث تم اعتقال أكثر من 2000 شخص بموجب قانون الإرهاب، مما أثار قلق منظمات حقوقية بريطانية.
- انتقدت دراسة للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب لقمع المعارضة، داعية لضمان الحق في التعبير والحشد السلمي دون قيود سياسية.
وجّه مفوض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، مايكل أوفلاهيرتي، رسالة إلى وزيرة الداخلية البريطانية، شبانة محمود، يدعوها فيها إلى مراجعة قوانين الاحتجاج في المملكة المتحدة، بعد الاعتقالات الجماعية التي طاولت حركة "بالستاين أكشن" خلال الأشهر الماضية.
وقال أوفلاهيرتي، وهو أكبر مسؤول أوروبي في مجال حقوق الإنسان، إن الإطار القانوني الحالي يسمح للسلطات البريطانية "بفرض قيود مفرطة على حرية التجمع والتعبير، والمخاطرة بممارسة رقابة مفرطة"، داعيًا الحكومة في رسالته إلى إعادة النظر في أحكام مشروع قانون الجريمة والشرطة، المعروض حاليًا على مجلس اللوردات، التي من شأنها أن تُجرّم إخفاء هوية الشخص في الاحتجاجات.
وكتب قائلًا: "أُدرك أن دعم جماعة محظورة يُعد جريمة بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2000. وفي هذا الصدد، أُذكّر بأن التشريعات المحلية المصممة لمكافحة (الإرهاب) أو (التطرف العنيف) يجب ألا تفرض أي قيود على الحقوق والحريات الأساسية، بما في ذلك الحق في حرية التجمع السلمي، ما لم تكن ضرورية تمامًا لحماية الأمن القومي وحقوق الآخرين وحرياتهم".
وأضاف أن "التغييرات التي أعقبت اعتماد قانون جرائم الشرطة والأحكام والمحاكم لعام 2022، وقانون النظام العام لعام 2023، لا تزال تسمح للسلطات بفرض قيود مفرطة على حرية التجمع والتعبير، وتخاطر بالإفراط في فرض الرقابة. في أعقاب نتائج المحاكم الأخيرة التي تُفيد بعدم قانونية اللوائح التي تُعرّف الاضطرابات الخطيرة بأنها اضطرابات أكثر من طفيفة، أحثّ حكومتكم على ضمان خضوع أي اعتقالات أو إدانات بناءً على هذه اللوائح للمراجعة. علاوة على ذلك، أوصي بإجراء مراجعة شاملة لمدى امتثال التشريع الحالي المتعلق بضبط الاحتجاجات لالتزامات المملكة المتحدة بحقوق الإنسان".
وبحسب مشروع قانون الجريمة والشرطة المطروح حاليًا من قبل حكومة حزب العمّال، فإن إخفاء الشخص لهويته في منطقة محددة تعتقد الشرطة أنها منطقة احتجاج، أو من المحتمل أن تصبح كذلك، يُعد مخالفة للقانون. وبموجب القانون الحالي، تملك الشرطة صلاحية طلب إزالة غطاء الوجه عن الأشخاص إن قررت ذلك، وهو ما علّق عليه أوفلاهيرتي بالقول: "إن الطبيعة الشاملة لهذه الجريمة، خصوصاً عندما تتمتع الشرطة بالفعل بصلاحيات لإلزام الأفراد بإزالة أغطية الوجه في حالات محددة، بالإضافة إلى الطبيعة الواسعة المحتملة لإخفاء الهوية بطرق أخرى، تُثير تساؤلات عن الضرورة والتناسب".
اعتقالات واسعة خلال الأشهر الأخيرة
ونفّذت الشرطة البريطانية، منذ شهر يوليو/تموز الماضي وحتى اليوم، أكثر من 2000 اعتقال بموجب قانون الإرهاب بحق المعتصمين الرافضين لتجريم حركة "بالستاين أكشن"، في أكثر من مناسبة وموقع في أرجاء المملكة المتحدة، وذلك بسبب حملهم لافتات كُتب عليها: "أعارض الإبادة الجماعية، وأدعم بالستاين أكشن". وسيواجه المعتقلون مسارًا قضائيًا بعد الإفراج عنهم، قد يترتب عليه السجن في تهمة تصل أقصى عقوبتها إلى 14 عامًا. وعبّرت عدة منظمات بريطانية لحقوق الإنسان في وقت سابق عن قلقها من تجريم "بالستاين أكشن" والتقييدات الجديدة على حرية التعبير والعمل السياسي، من بينها منظمة العفو الدولية "أمنستي".
ويُعتبر مجلس أوروبا لحقوق الإنسان (والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان) هيئة قضائية دولية مقرها في ستراسبورغ، تُعنى بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الدول الأعضاء في مجلس أوروبا. وتتولى المحكمة دراسة الشكاوى التي يقدّمها الأفراد أو الدول بشأن انتهاكات الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ويمكنها إصدار أحكام ملزمة تتطلّب من الدول معالجة الانتهاكات.
ويتّبع كل من حزب الإصلاح في المملكة المتحدة اليميني الشعبوي، وحزب المحافظين، توجهات سياسية تنادي بالانسحاب من المجلس والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بسبب القيود التي تفرضها المحكمة على التعامل مع قضايا الهجرة وحقوق الإنسان.
دراسة تنتقد القمع الأوروبي للمظاهرات
وقالت دراسة جديدة أجرتها الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان إن الحكومات الغربية "استخدمت" تشريعات مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى قوانين مكافحة معاداة السامية، لقمع المعارضة ودعم حقوق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة.
واتّهمت الدراسة، الصادرة يوم أمس في باريس، السلطات باستخدام "ستار الحفاظ على النظام العام، أو مكافحة معاداة السامية، أو حماية الأمن القومي" لتبرير تدابير استثنائية مثل حظر المظاهرات، والاعتقالات التعسفية، والقمع داخل المؤسسات الأكاديمية، والرقابة على وسائل الإعلام، والتهديدات التشريعية. وأشار التقرير إلى أن هذه التدابير "تنتهك في كثير من الأحيان الالتزامات الدولية بحقوق الإنسان، وقد خلقت تأثيرًا مُثبطًا واسع النطاق على حرية التعبير والنقاش العام، ما زاد من تقويض المشاركة الديمقراطية وأصوات الأقليات".
وقالت رئيسة مكتب المغرب العربي والشرق الأوسط في الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، لسرا فراورز: "يعكس هذا التوجه تحولًا مقلقًا نحو تطبيع الإجراءات الاستثنائية في التعامل مع الأصوات المعارضة". فيما قالت أليس موغوي، رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "يجب على الدول أن تضمن للجميع الحق في التعبير عن أنفسهم والحشد السلمي في جميع القضايا. لا ينبغي تقييد الدفاع عن حقوق الإنسان بالحساسيات السياسية".
وأكدت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن الخلط المتزايد بين معاداة السامية والنقد المشروع لسياسات الدولة الإسرائيلية هو أحد العوامل الرئيسية وراء هذا القمع. واستندت الدراسة إلى تحليل دقيق للمصادر المفتوحة، وتقارير الهيئات الدولية، وشهادات مباشرة جُمعت من المتضررين. وأُعدّت بالتعاون مع عدد من المنظمات الأعضاء والشريكة في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك رابطة حقوق الإنسان (فرنسا)، ومركز الحقوق الدستورية (الولايات المتحدة)، ولجنة إقامة العدل (أيرلندا الشمالية).