مجزرة التضامن... داعشيو الأسد

مجزرة التضامن... داعشيو الأسد

29 ابريل 2022
حي التضامن في دمشق، عام 2018 (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

لم تسجل العدسات مجازر فلسطين، إرهاباً وتهجيراً، بين إبريل/نيسان ومايو/أيار 1948، ولا قهقهة رجال العصابات الصهيونية الذين تحوّلوا إلى "رجال دولة"، ولا وجوه النساء والأطفال عند إبادتهم.

وعلى الرغم من بؤس عقود الشتات، بقيت المجازر محفورة ومتوارثة التفاصيل في ذاكرة أبناء نكبة فلسطين. الكشف أخيراً عن شريط يوثق فظائع مجزرة حي التضامن، المتشابك مع مخيمي اليرموك وفلسطين، جنوبي العاصمة السورية دمشق، يضيف بُعداً يصعب محوه من ذاكرة مجتمع السوريين، خصوصاً أن الجلاد هنا "ابن البلد" وليس محتلاً.

قد يجد البعض العربي صعوبة في فهم السمة المشتركة بين مذابح الصهيونية ونظام يدعي أنه "ممانع". فالمذبحة المؤسسة لحكم آل الأسد ليست أقل فظاعة من التي أسست لدولة الاحتلال.

فما أقامه رجالات حافظ الأسد، من جسر الشغور وسجن تدمر وحماة (في الثمانينيات)، أسس لمشاهد سحل البشر ومذابح بانياس "البيضا" و"الحولة" وحمص وحلب وحماة، والرقص على جثث الضحايا في داريا والغوطة بعد 2011.

التفاخر بهز البنادق والهتاف "شبيحة للأبد... لعيونك يا أسد"، يتحول حين تضبطه العدسة إلى "مؤامرة"، و"فبركة الغرف السوداء". جلادو الأسد، في لحظة الاعتقاد أن التقادم يجعلهم بمأمن، يختزلون مأسسة الجريمة، إذ قال أحدهم للباحثين في تفاصيل المجزرة: "لماذا آخذك إلى السجن وأقتلك فيه ثم اُتهم بقتلك؟".

فـ"المؤسسة" التي ربت الجلادين هي نفسها التي توزع على الأهالي بطاقات هويات المختفين قسراً بعد ادعاء "موتهم بسكتة قلبية" في مسالخها.

ثمة رهط، بينهم عرب، يهتفون لقاتل شعبه بادعاء أنه "ممانع" للصهيونية، التي يستخدم نفس أدواتها البدائية في المذبحة. هؤلاء يضيقون، تحت سقف متلازمة استوكهولم، إذا ذكرهم الضحايا بالربط بين دير ياسين وكفر قاسم وبحر البقر وصبرا وشاتيلا وقانا ومثيلاتها من مذابح سورية.

فحي "التضامن" مثله مثل "اليرموك" و"الحجر الأسود"، فيه اجتمع بسطاء البلد، من كل مناطقهم، مع أشقائهم الفلسطينيين، وأضحوا على ذاكرة مشتركة عن المذابح الصهيونية ومذابح أبناء الأسد الأب وعمهم رفعت.

أفظع ما في المجزرة السورية المستمرة، بما فيها بالسلاح الكيميائي، أن بروباغندا مؤيدي جلادها يصنفون الضحايا، من أطفال ونساء ومراهقين، باعتبارهم "عملاء متآمرين"، بل أعاقوا "تحرير الجولان والقدس". هل يتذكر هؤلاء متى انطلقت أفعال "داعش"؟

مشاهد حرق ضحايا "التضامن" تخبرنا أن داعشيي الأسد سبقوا رفاقهم في "داعش"، ولم يكونوا أقل إجراماً ممن أطلق لحاه في فروع الأسد الأمنية.