استمع إلى الملخص
- تباينت ردود الفعل حول المبادرة، حيث اعتبرتها وسائل إعلام صينية تحولًا عن الموقف التقليدي لسيول وواشنطن، بينما أبدى كيم جونغ أون استعداده للقاء ترامب بشرط تخلي الولايات المتحدة عن إصرارها على نزع السلاح النووي.
- يرى خبراء أن المبادرة قد تفتح آفاقًا جديدة للمفاوضات، لكن التحديات تبقى قائمة مع إصرار بيونغ يانغ على الاعتراف بها كقوة نووية.
أثارت المبادرة التي أطلقها الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ، بشأن نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، تساؤلات حول فرص تطبيع العلاقات بين واشنطن وبيونغ يانغ، ومدى استعداد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، لهذه الخطوة، وتداعيات ذلك على التوازنات السياسية في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة. وكان لي قد كشف، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عما سماه مساراً واقعياً للسلام في شبه الجزيرة الكورية، واقترح أن تكون للتبادلات وبناء الثقة الأولوية، مع التخلي عن المطالب الفورية بنزع السلاح النووي لكوريا الشمالية. وقال الرئيس الكوري الجنوبي: لقد حان الوقت للبحث عن حلول واقعية وعقلانية تستند إلى تصور هادئ مفاده أن نزع السلاح النووي لا يمكن تحقيقه في الأمد القريب. وتعهد بأن تؤكد سيول بوضوح احترامها للنظام السياسي لجارتها الشمالية، وأنها ترفض التوحيد عن طريق الدمج، وأنها لا تنوي الانخراط في أعمال عدائية. وعلى هذا الأساس، قال لي إن سيول سعت إلى إنهاء الحلقة المفرغة من التوتر العسكري غير الضروري بين الكوريتين والأعمال العدائية. وأضاف مكررا شعاره المؤيد للسلام: "إن السلام الأكثر يقيناً هو حالة لا تكون فيها هناك حاجة للقتال".
مبادرة في شبه الجزيرة الكورية
في تعليقها على ذلك، قالت وسائل إعلام صينية أمس الأربعاء، إن هذه المبادرة تبتعد عن الموقف طويل الأمد الذي تتقاسمه سيول وواشنطن والذي يقضي بأن كوريا الشمالية يجب أن تبدأ أولاً بنزع السلاح النووي مقابل التبادلات والخطوات نحو العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة. وأشارت إلى أن نهج لي يسمح فعلياً لواشنطن بالتفكير في التحرك نحو تطبيع العلاقات مع بيونغ يانغ حتى قبل أن تفكك كوريا الشمالية ترسانتها النووية بشكل كامل. وأضافت أن الفكرة الأساسية لهذه المبادرة هي السعي إلى نزع السلاح النووي من خلال تطبيع العلاقات بين بيونغ يانغ وواشنطن بدلاً من العكس.
جيانغ لي: ما يعزز فرص نجاح المبادرة، الأجواء الودية بين ترامب ولي، وبين كيم وترامب
من جهته، كان كيم، قد استجاب الأسبوع الماضي، بشكل إيجابي، للمقترح الأخير الذي قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على هامش لقائه الرئيس الكوري الجنوبي في واشنطن الشهر الماضي، وقال كيم في كلمة أمام البرلمان الكوري الشمالي، إنه قد يلتقي ترامب مرة أخرى، شريطة أن تتخلى الولايات المتحدة عن إصرارها على نزع السلاح النووي، مضيفاً أنه يتمتع بذاكرة جيدة عن الرئيس الأميركي. لكنه في الوقت نفسه أكد أن بلاده لن تتخلّى أبداً عن ترسانتها النووية، رافضاً فكرة استخدامها كورقة مساومة، ومعتبراً أنه "سيكون من الخطأ التقدير إذا اعتقد الأعداء أنهم يستطيعون الضغط علينا أو هزيمتنا من خلال فرض العقوبات أو استعراض العضلات".
تطبيع ممكن
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في مركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية جيانغ لي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ما اقترحه الرئيس الكوري الجنوبي يمثل مخرجاً لانسداد أفق المحادثات بين بيونغ يانغ وواشنطن لأن المبادرة تقدم تسلسلاً واقعياً يجعل التقدم في المفاوضات ممكناً. ويضيف أن الأساس هو تطبيع العلاقات لفتح المسار أمام المزيد من الاتصالات بين الطرفين، على أن يكون نزع السلاح النووي هو غاية وليس عقبة تحول دون أي انفراجة كما حدث في القمم الثلاث السابقة التي جمعت ترامب وكيم.
تشاو بين: كيم لن يتخلى عن النووي، وبيونغ يانغ تريد الاعتراف بها قوةً نووية
ويلفت إلى أن البدء بهذه الخطوة (التطبيع) من شأنه أن يخلق ظروفاً مواتية ويبدد مخاوف كوريا الشمالية الأمنية، خصوصاً ما يتصل بالتدريبات والمناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية (وصف كيم في خطابه الأخير التدريبات العسكرية المشتركة والانتشار الاستراتيجي الأميركي بأنها تهديدات بالحرب النووية) والتي كانت حجر عثرة، ومصدر انزعاج كبير بالنسبة لبيونغ يانغ. ويضيف أن ما يعزز فرص نجاح هذه المبادرة، هي الأجواء الإيجابية والودية بين ترامب ولي من جهة، وكيم وترامب من جهة أخرى، لذلك يبدو أن الأزمة في شبه الجزيرة الكورية تتجه نحو حلول عملية، ولكن في النهاية سوف يتوقف ذلك على مدى استعداد كيم وترامب لتقديم تنازلات في هذا الملف.
من جهته، يعرب الباحث في العلاقات الدولية المقيم في هونغ كونغ، تشاو يين، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن اعتقاده أن بيونغ يانغ لن ترضخ بسهولة لمثل هذه المبادرات، خصوصاً أنها كانت تتعامل باستهزاء مع كل ما يصدر عن الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ، وتصفه بأنه بيدق في يد الولايات المتحدة، فضلاً عن أن الزعيم الكوري الشمالي لن يتخلى عن سلاحه النووي تحت أي ظرف، وقد أكد ذلك في خطابه الأخير، ما يعني أن بيونغ يانغ تريد الاعتراف بها قوةً نووية، وعلى هذا الأساس تقبل الجلوس على الطاولة للتفاوض بشأن قضايا أخرى تتضمن تطبيع العلاقات، ورفع العقوبات، ووقف الأنشطة العدائية سواء من جانب الولايات المتحدة أو حلفائها في المنطقة.
يشار إلى أن واشنطن كانت قد طالبت منذ إطلاق المحادثات السداسية بشأن الأسلحة النووية في عام 2003، بنزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية بشكل كامل وقابل للتحقق ولا رجعة فيه، في حين تصر بيونغ يانغ على أن مثل هذه الخطوات لا يمكن أن تحدث إلا في المرحلة النهائية من أي اتفاق. ومنذ ذلك الحين، طورت كوريا الشمالية قدراتها النووية واتخذت موقفا أكثر صرامة، حيث تعهد كيم الأسبوع الماضي بأن كوريا الشمالية لن تتخلى أبدا عن ترسانتها النووية.